على حد الحلم..عند حد الجسد

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 


قصة : راجي بطحيش*

1

يعاودني ذلك الحلم من جديد...

يدخل المعلم في بداية السنة الدراسية ...من منكم أضاع الفرصة الزئبقية فإنه سيعيد السنة وكل سنة أخرى حتى يتخرج ..ليس الطلاب في الصف أصغر مني بسنة مثلا ولا بسنتين ولا بعشر بل بعشرين سنة..

عشرون عاما مرت وأنا أضيع الفرصة كل مرة من جديد وبإقتدار مذهل ... أعود الى مقاعد الصف الثاني عشر لأعيد السنة مع معلم العبرية ذاته الذي لا يشيخ ، عشرون عاما من عدم القدرة على الفهم .فهم العبرية تلك.. وفهم أخطائي او أخطاء الآخرين أم ذلك الوقت الذي استغرقني كي أفهم ..احتمالات وإن كانت ضئلة ..كوني مختلفا ربما ؟؟ فلنقل خارج عن السرب (بتشبيه صحفي منمق) ..مغاير ..بمسار حياتي معين...مسار جدلي ..

يدخل المعلم الى الصف الدراسي في الحصة الأولى من الكينونة ..لا مفر..أنظر حولي بخجل ..كل هؤلاء الأولاد حولي..يرقصون حول مهرجان خسارتي..وهزيمتي النوعية..

يظهر أن هنالك ثأرا بيني وبين المدارس الثانوية وخاصة سنيها الأخيرة ..لسنين كثيرة يا سيد، لسنين كثيرة يا سيد.

يعاودني ذلك الحلم… كل مرة من جديد بفارق شهر من الحيرة بين المرة والأخرى .. بفارق أحدث بين فينة التقاط الأنفاس وأختها .. بفارق قاتل بين البرهة ودفق الكوارث والويلات القادمة التي تليها…

عندما دخل معلم اللغة العبرية في الحصة السابعة ، وطلب منا وضمن اختبار فجائي في الأدب التوراتي أن نجيب عن أسئلة حول النص التلمودي الأخير والذي قام هو بتعليمه قبل عشرين عاما /في الصيف الأخير ، استيقظت هلعا مفرغا سوائلي المختلفة على الحرير المعتق بتهاليل العمة جوليا.

2

بعد ذلك بعشرين عاما /ساعة ..

ها انا استلقي هنا في الغرفة المظلمة الا عن فعل إباحي متلفز مبتذل …في مقر إطفائية أو شرطة أو سجن أو مرحاض..او في جلسة مجلس إدارة عملاق إقتصادي سرعان ما تتحوّل الى هرج ومرج جنسي جماعي غير بديل عن شيء بمعنى آخر “كيتش”.

ايه نوفمبر …

 تتقطر العذوبة على جادة مشجرة مسحورة في نوفمبر

تتبختر الأيام ثملة من عاديتها في نوفمبر

نشيد رتابة مشبع بالحنين

في نوفمبر

أفكر: لماذا يراودني هذا الحلم كل مرة من جديد..إذا فكرت بالأمر مليا يتضح أن من كانوا “ملوك الصف” بمعنى متميزين في الدراسة والرياضة والتمثيل واجتماعيا أيضا ..أصبحوا الآن عاديين..رماديين.. حياتهم رتيبة لا تهم أحدا وقد ابتلوا بالشيخوخة المبكرة..وكأن الحياة كانت تتربص بهم لتعاقبهم على سنوات ألق  طفولي ..قليلة  فمنهم من انتحر ومنهم من جنّ ومن هم من مات بمرض عضال..أما  معظم من كانوا باهتين في كل شيء(مثلي) ،بالدراسة واللهو والرياضة والصداقات وغيرها… أصبحوا على قدر كبير من ال…كيف أقولها ..استثارة الحياة؟؟ أو التقلب في حقول تنافرها

إذا لماذا هذا الحلم اللحوح؟؟

3

ايه نوفمبر …

يتحطم زجاج الصدفة على جادة مشجرة مسحورة في نوفمبر

يتبختر الفرق بين السنوات والدقائق ثملا من فرط عاديته في نوفمبر

نشيد رتابة مشبع بالحنين الى وهم الحكايات

في نوفمبر

 

ها انا استلقي هنا في الغرفة المظلمة الا عن فعل إباحي متلفز منطقي …

ينظر الى الرجل الطويل الأصلع الذي يعمل ممرضا في افينيون…قرب مرسيليا بعد ان كان قد لعق وجودي كله وظلَ وجودي أيضا خلال ساعتين وأكثر ..

هذه فرصتي لمداواة جرح المصير وثغراته التي لا تحصى .. غالبا بفضل سخريتي..

كالتلميذ النجيب ، خفيف الظل – ملك الصف افتح صدري وأتقدم ، أهاجم ..ولا أنسحب هذه المرة فقد تتغير قوانين حياتي المترفعة وتوازناتها المريحة ظاهريا ..لبضع ساعات أو لدهر..

ما السيئ بأفينيون؟ هنالك مهرجان شهير للمسرح هناك …

–           متى تغادر تل أبيب؟

–           ….

–           في أي فندق أنت؟

–           …

–           ماذا تفعل غداً؟

–           ….

–           لم أزر جنوب فرنسا بعد ؟

–           …

–           لوحدك في الفندق؟

–           ….

–           اعتقد أنني …

–           :

–           وانا ايضا، وبشدة، ولكنني لست لوحدي هنا ، جئت مع صديق لي لنقضى أيامه الأخيره في هذه الحياة فهو مريض بالسرطان!

 

4

سيزورني ذات الحلم بعد هذا بأسبوعين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* قاص فلسطيني

 

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون