البالة

محمد العربي كرانة
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد العربي كرانة

 وقفت في الظل، مستندا إلى جدار المسجد هربا من أشعة الشمس الحارقة. جلت ببصري فيما حولي باحثا عن عصابة “السيليسيون”** التي ما فتئت تتنمر علي مستقوية بعدد أفرادها. لطالما سلبتني حصيلة تسولي رغم مقاومتي الشرسة. لا أثر لها، لن يستيقظ أفرادها من نومهم وتخديرهم إلا بعد الظهيرة. متسع من الوقت كاف إن حالفني الحظ لكي أحصل بضع دريهمات تكفي مصروفي والمبلغ اليومي المتفق عليه مع الوالد.

       لم أرتد هذا المكان منذ أسبوع، حتى لا أصبح وجها مألوفا عند الناس فيقع تجاهلي. المألوف لديهم لا يكاد يرى. أما إذا كان متسولا مثلي فيصبح لا مرئيا. “القيسارية” المتخصصة في بيع الأثواب الفاخرة والمصوغات الذهبية فتحت أبوابها وبدأت في استقبال زبائنها. لن أستعجل الأمر، الممارسة علمتني أن أنتظر إلى حين انتهاء روادها من مشترياتهم ، خاصة وأن أغلبهم لا يشتري شيئا. بعدها أتصفح سحناتهم ومن خلالها أعرف إن كانوا راضين عما اقتنوا أم لا. ثم إني أختار في الغالب الرجال المصحوبين بالنساء سواء أكن زوجات أو خطيبات أو مجرد عشيقات. أفضل الصنفين الأخيرين لأن فرص النجاح تكون أوفر.

الممارسة والذكاء واللعب على نفسية الناس، عوامل النجاح في عالم التسول المعقد. ما عادت العاهات الحقيقية أو المصطنعة تجدي ولا الأسمال والهيئة المزرية. كل هذا أصبح مبتذلا ومتجاوزا. أدركت هذا بالملاحظة والتجربة، ثم بذكاء عرفت به بين أقراني رغم صغر سني حتى عرفت بينهم ب”البالة”*.

الحقيقة ليس الذكاء وحده من جعلني أبز أقراني في مهنة تعرف تنافسا مستعرا، بل هناك شيء آخر أستفرد به دونهم لا يد لي فيه بل هو منة من الله خصني بها . إنها الوسامة، وهي عملة نادرة في محيطنا جعلت الأب لا يسعد بمقدمي. إذ كيف له أن ينجب طفلا لا يشبهه دون بقية الأبناء الذين كانوا طبق الأصل منه. ظل الشك والريبة ينتابانه زمنا، بل كان يتوارى عن الناس وكأنه بشر بمسخ. كان حاد الطباع عنيفها إلى أن أقعده مرض عضال عن العمل كحارس ليلي وفقدت الأسرة بذلك معيلها الوحيد.

      كانت وسامتي نعمة في طيها نقمة. لولا سطوة الإخوة لاضطهدت اضطهادا كبيرا من محيط لا يقبل الاختلاف. كنت أثير الوالدة ومبعث فخرها، رغم ألسنة السوء التي كانت تتهامس بأشياء مغرضة لم تكن تلقي لها بالا وتردها للحسد. اكتشفت بعد أن تقدم بي العمر أن الوسامة مطلب ملح للنساء الحوامل في حينا، خاصة أثناء فترة الوحم. كن يطلن النظر إلي ويقبلنني ويأخذنني بالأحضان في غفلة من الوالدة التي كانت تثقل جيدي بتمائم طاردة لشر العيون.

أدين لهذه الوسامة بمواقف طريفة، إذ وقر في أذهان الناس أن الوسامة والتسول لا يلتقيان خاصة إذا تعلق الأمر بصبي صغير. فمرة، رأيت تجمعا للنساء أمام متجر لبيع الورود، يتهافتن على شرائه قبل نفاده بعد أن أخبرهن البائع بأن الكمية محدودة. الظاهر أن هناك احتفالا تقدم فيه الورود كهدايا. اخترت إحداهن فازت بباقة كاملة من الورود، وقد علت نشوة الانتصار محياها، اتجهت نحو سيارتها بخطى مسرعة، فتحت صندوق السيارة ووضعت الباقة وهمت بالصعود. استوقفتها مادا يدي نحوها دون أن أنبس بكلمة. تجاهلتني وفتحت باب سيارتها ولكنها غيرت رأيها فجأة واقتربت مني، تفحصتني بإمعان ثم سألتني إن كنت أعيش مع أسرتي الحقيقية. لم أفهم غرضها ولكني أجبت بالإيجاب. لم يقنعها جوابي ودمدمت بلغة لم أفهم منها شيئا ودعتني للركوب معها في السيارة دون أن تترك لي الخيار بعد أن أحكمت قبضتها على يدي.

ركبت وأنا خائف وجل، طمأنتني بابتسامة مؤكدة أنها تفعل ذلك لمصلحتي. لست أدري عن أي مصلحة تتحدث. كان يكفي أن تنفحني صدقة وينتهي الأمر. ما كل مرة يصدق الحدس.

قطعنا شوارع عدة قبل أن تقف السيارة أمام مركز للشرطة. رؤية المركز ضاعفت خوفي. التسول ممنوع قانونيا وقد أعاقب من جرائه. أنزلتني بلطف من السيارة وولجنا المركز حيث استقبلنا الشرطي المداوم. أجلستني على مقعد وتحدثت مع الشرطي برهة ثم دست في يدي ورقة نقدية وقرصت خدي وانصرفت. كدت أتبول في سروالي من الخوف لما قادني الشرطي نحو غرفة خالية من الأثاث ما عدا مكتبا وكرسيين. أجلسني على أحدهما وجلس خلف المكتب. نظر إلي مليا ثم سألني عن اسمي واسمي والدي وعن الحي الذي أقطنه. أخبرته عن ذلك بصوت لا يكاد يسمع، دون أشياء في ورقة أمامه وتأكد من عنوان سكناي ثم سألني وهو يهم بالانصراف إن كنت متبنى من طرف أسرتي. أجبته بالنفي.

بقيت في الغرفة وحيدا، لا أسمع غير وقع الخطى وصوت رقن آلة كاتبة قادم من الغرفة المجاورة وأصوات مكتومة متقطعة لسباب وشتم، مما ضاعف من خوفي وهلعي .

مضت ساعات طوال دون أن يسأل عني أحد. قضيتها في مراقبة عصافير تقفز بين أغصان شجرة ملاصقة لنافذة الغرفة الوحيدة المسيجة بقضبان حديدية ، وفي اجترار ما ينتظرني من عقاب على يد والدي الذي منع علي ركوب السيارات مع أي كان سواء أكان رجلا أو امرأة.

تناهى إلى سمعي صوت مألوف كان لوالدتي وهي في نقاش محتدم مع الشرطي تتخلله عبارات استعطاف لمدة ليست بالقصيرة. فتح على إثره الباب وأمرني بالخروج حيث استقبلتني أمي بوجه غاضب. وقبل خروجنا من المركز حذرها من استغلال قاصر في التسول.

       اتسعت رقعة الظل حولي، زاحمني عليها باعة جائلون ببضاعتهم المختلفة. القرب من المسجد مهم لتصريفها خاصة أوقات الصلاة. تركت لهم المكان واقتربت من القيسارية. الشارع غاص والحركة التجارية في أوجها. آن الآوان لأبدأ عملي. ازدحام المارة يعيقني وتدافعهم يلغيني من اهتمامهم. لن أجني شيئا إن بقيت أسير هذا السيل المتدافع، ولذا اقتربت من واجهة متجر وتظاهرت بتفحص محتوياتها بينما في الحقيقة كنت أتابع ما يجري حولي والمنعكس على زجاجها. ثم رأيتها، فتاة جميلة وأنيقة ممسكة بذراع شاب بينما في اليد الأخرى وردة حمراء. هذه الأخيرة أنبأتني بأنها خطيبة أوعشيقة، قلما أهدى الزوج زوجته وردا في الشارع. التوى كعب حذائها وكادت أن تسقط مما جعلها تتخلف نسبيا عن الشاب، وكانت فرصتي. وقفت أمامها، ولما رفعت بصرها بعد أن تأكدت من حالة حذائها، فوجئت برؤيتي. حاولت أن تجتنبني، فوقفت مستغربة من يدي الممدودة ومن صمتي المطبق، فطفقت تنظر تارة إلى وجهي وأخرى إلى يدي قبل أن يسحبها الشاب بعيدا عني. توقفت على بعد خطوات وهي تتناقش مع مرافقها الذي ظل يحدجني بنظرات حانقة، قبل أن تعود أدراجها وتنفحني قطعا نقدية وعلى شفتيها ابتسامة متعاطفة.

     لم يكن يومي يوم سعد، فقد باءت جل محاولاتي بالفشل. علي تدارك الأمر وإلا وقعت في مشكلة عويصة. لن يرحمني الوالد إذا لم أجلب للمنزل المبلغ اليومي المعتاد، مما سيعرضني للضرب أو المبيت خارجه. كنت واتقاء لهذا الأمر، وعندما تكون الحصيلة مرضية، أدخر جزءا لمثل هذه الحالات. ولكن توالت علي أيام عجاف أتت على مدخراتي وازداد الأمر سوءا عندما سلبتني عصابة “السيليسيون” محصول يوم كامل. لم يفد انتقام إخوتي لي فيما بعد في استرجاع المبلغ المسروق.

أويت إلى ركن منعزل، وأخرجت ما في جيبي من نقود، فكانت الحصيلة ثلث المبلغ المطلوب، وهذا يعني أن لا طعام لي اليوم ما لم يجد به أحد علي. هممت باستعادة مكاني قرب باب القيسارية لما استوقفتني سيارة وقفت بمحاذاة الرصيف نزل منها رجل وامرأة، بينما بقي السائق وراء المقود. كانت شجرة معمرة تظلل السيارة وجزءا كبيرا من المكان. اقتربت من الرصيف كمن يحتمي من الشمس بظل الشجرة لاستطلع أمر السائق، عله يكون محسني القادم. كان يرتدي بدلة سوداء وربطة عنق من نفس اللون على قميص أزرق ويخفي عينيه خلف نظارات سوداء. مثل هؤلاء في الغالب لا يرجى نوالهم. استدرت لأنصرف لما استوقفني رافعا صوته لأسمعه رغم ضجيج الشارع:

    – لماذا كنت تنظر إلي بتلك الطريقة ؟

ما كنت انتظر سؤالا كهذا، فجاء ردي عفويا :

   – ما كنت أفعل.

   – بل فعلت، تعال اقترب قليلا.

لن أقترب، سأضيع وقتا ثمينا بدون فائدة، علي أن أحصل باقي المبلغ وفاء لسمعتي واتقاء لعقاب لن أتحمله .

 ولكنه ألح علي، فاستجبت على مضض. اقتربت بحذر، لا ثقة لي في مثل هؤلاء. فهم لا يأبهون لأمثالنا فقط،

 ولكنهم في كثير من الأحيان يسخرون منا بطريقة فجة ولا إنسانية.

    – ماذا تريد مني ؟

    – أن تجيب عن سؤالي بصراحة.

    – وما الذي سأجنيه من ذلك؟

    – خيرا، ألست متسولا؟

    – بلى، ولكنك سيدي تحول بيني وبين عملي، ثم إني متابع بمبلغ علي تحصيله قبل المساء وإلا عوقبت.

    – كم لديك من المبلغ؟

    – الثلث سيدي.

    – سأكفيك عناء التسول بقية يومك وسوف أعطيك الثلثين المتبقيين.

لا بد أنه يسخر مني، كيف له أن يعطيني مالا مقابل دردشة لن تنفعه في شيء، بعض تصرفات الإنسان لا تخضع للعقل. ولكي أختبر حسن نواياه حددت له قيمة المبلغ الذي كان مبهما، عله يتركني وشأني، فقد كان مرتفعا قياسا بما يعطى عادة للمتسولين. وكم كانت دهشتي عظيمة لما أخرج حافظة نقوده وأعطاني مبتسما ورقتين نقديتين تجاوزت قيمتهما المبلغ . قد يكون معتوها، وهذا ليس بغريب في شارع يجمع ألوانا من الناس سويهم وغريبهم .

 

*******

     لا تفسير منطقي لما قمت به حيال الصبي المتسول. شيء ما جذبني نحوه وجعلني أطيل النظر إليه. ربما وضعي النفسي المضطرب وأنا مقبل على خطوة مهمة من حياتي بعد تردد طويل. اليوم سأطلب يد فتاتي. وهذا ما يفسر وجودي أمام القيسارية حيث دلف والدي لاستلام هدايا اقتنيت البارحة بعد أن تعهد البائع بتلفيفها بما يتلاءم والمناسبة السعيدة. وقد يكون مجرد فضول أو رغبة في تزجية الوقت في انتظار رجوعهما. لا هذا ولا ذاك، شيء ما في هيئته استوقفني واعتبرته نشازا لحد إثارته لاهتمامي. ما كنت أهتم بالمتسولين سواء أكانوا صغارا أو كبارا، بل كنت أمقتهم لأن التسول أصبح تجارة مربحة. لما اقترب مني بعد الحاحي عليه، أدركت أنه في المكان والمهنة الخطأ. استغربت من هذا الحكم الذي لا يستند على أي أساس موضوعي والنابع من قناعة منبثقة من لا شعور جمعي ينمط الأشياء والناس ويبوبها ويحدد خصائصها .

كان وسيما في ثياب نظيفة، عكس الصورة النمطية للمتسول، ومن ثم تعاطفت معه تلقائيا، وإن كنت في اعماقي أشعر بأنه سلوك لا إنساني متأصل فينا نتيجة ثقافة تمجد الجمال وتقرنه بكل ما هو نبيل في الحياة. فمذ كنا صغارا كان أبطالنا من خلال ما قرأناه وسيمين ووسيمات مع كل ما يحيط بذلك من صفات الشجاعة والشهامة والنبل. بل كانت الوسامة شرطا للارتقاء الطبقي. بينما الدمامة والقبح صنوان لكل ما هو سلبي. طبعا أفقنا من واقع الأحلام لما اصطدمنا بواقع مغاير، ولكننا لم نتخلص من رواسبه.

   اختفت الورقتان النقديتان بسرعة البرق في جيبه وكأنما كان يخشى أن أسترجعهما. استعادت ملامحه هدوءها، الظاهر أني أزحت عنه عبئا ثقيلا.

تقدم خطوة إضافية دون أن يتخلى عن حذره وقال وهو يبتسم :

    – أتريد أن تعرف لماذا كنت أنظر إليك بتلك الطريقة ؟

    – طبعا وذلك صلب اتفاقنا.

    – المسألة بسيطة لا تستدعي كل هذه الهالة من الاهتمام التي أحطتها به، علمتني التجربة أن أدرس متصدقي المفترضين قبل الاتصال بهم، معتمدا في ذلك على حدسي الذي يسعفني دائما، فأقرر بعدها إن كنت سأسألهم أم لا. وهي طريقة تجنبني كثيرا من المواقف المحرجة.

   – وبما أنبأك حدسك فيما يخصني؟

   – لم أعتمد عليه في البداية، إذ صنفتك ضمن الفئة التي لا يرجى منها خير، ولهذا قررت الانصراف،                                                                                                                                           ولكن بعد مناداتك علي أيقنت أن حظوظي للظفر منك بشيء لا زالت قائمة، وذلك ما تحقق.

    – من أين لك بهذه النباهة وأنت في هذه السن؟

    – الشارع سيدي أكبر معلم، والاختلاط بالناس على اختلاف طبقاتهم ينبئك بدواخلهم. في البداية حسبتك سائقا ولهذا تجنبتك لأن أغلبهم يكون فظا إن لم يكن شاذا. وطفل مثلي معرض لمخاطر جمة. وبما أننا بصدد الحديث عن النباهة ومقابلها عندي الذكاء، فقد أدركت أنك مختلف، و غير معتاد على ارتداء البدلة بدليل حركاتك المتكررة نحو عقدة ربطة العنق تحركها يمينا وشمالا وكأنك مشرف على الاختناق.

     ذكاء وفطنة ووسامة، مكان هذا الطفل المدرسة وحياة أفضل ولكن للقدر رأيا آخر. على الأقل استغل ما لديه للتكيف مع محيط لا يعترف بالضعفاء. لقد أصاب بالنسبة للبدلة، وما أظنه سيذهب بعيدا في التخمين فيصيب.

استعذبت حديثه وشجعته على الاستمرار:

   – ثم أدركت ماذا أيضا؟

   – إنك ومن معك جئتم لاقتناء هدية لمناسبة عائلية قد تكون خاصة بك لارتدائك البدلة ولطبيعة ما يباع في هذه القيسارية. لا تستغرب سيدي، فما ذكرت بدهي ويكاد يقفز للأعين ولا يحتاج لذكاء كبير للوصول إليه.

   – هل لي في سؤال ؟

    – طبعا .

    – ما هي آخر مرة اطلعت فيها على وجه متسول ؟

لم أحر جوابا، كان سؤالا غريبا محرجا. لم ينتظر جوابي وأضاف :

    – ولو مرة واحدة، كلكم تختزلون المتسول في يد ممدودة والباقي لا أهمية له. عندما مد يده فقد إنسانيته أو أنتم من ألغاها. ثم لم عاملتني معاملة خاصة ؟ أنت تعرف وأنا كذلك. لم تستكثرون علينا الوسامة وتجعلونها وقفا عليكم وهي منة من الخالق، أما يكفيكم ما نحن فيه من فقر وضنك عيش؟. أعترف أنها وسيلتي لجيوبكم ولكن هذا الأمر غير سوي.

توقف عن الكلام بعد أن لاحظ شيئا في طرف الساحة ثم التفت نحوي مودعا :

    – لا أريد سيدي أن أنغص عليك لحظتك وأنت مقبل على حدث سعيد بارك الله لك فيه، ثم لا تستغرب مما قلته لك والذي يبدو أكبر من سني، فالشارع ينضج الإنسان قبل الأوان. علي أن أذهب الآن فقد لمحت بعضا من أفراد عصابة “السليسيون” ولا أريد أن أخسر ما جنيته اليوم . وداعا سيدي وشكرا .

أطلق ساقيه للريح واختفى في زقاق فرعي، وبقيت مشدوها أحاول استرجاع وجوه متسولين صادفتهم من قبل دون جدوى، ما عدا وجه تلك المتسولة التي اتخذت مكانا لها ناصية شارعنا.

 

  

                                                              طنجة في 29 – 08 – 2020.

……………..

* داهية                                                           

**مادة مخدرة 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون