نكهة متفجرة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سلمى هشام فتحي

لماذا أريد أن أكتب لك قصة أقول لك فيها إنني أحبك؟ لماذا لا أقولها مرة واحدة وأكتفي؛ فصدى الصوت دائما ما يوهن الأشياء. ربما أخاف من تكرارها فتفقد المعنى بعدما أتخلص من حملها على لساني الذي يشمها كرائحة السكر نبات في جو بحري رطب.

كل مكرور مملول يا حبيبي، وأنا أخاف أن يكون أدائي للفظة بلا روح ولا معنى، أجزع حين تمطرني بحلو الكلام لأنني لا أتبين ألفاظه أو أفسرها فتغدو كسحابة من الحلويات تمطر قليلا ثم تنقشع.

لماذا أجلس اليوم في "ماكدونالدز"، وأتلفت كلما سنحت الرغبة للطاولة التي جمعتنا يوما في هذا الجو الصاخب، وجمعت اثنين في أيام أخر لم تكن أنت متواجدا فيها، أدندن لا إراديا أغنية فيروز "في قهوة ع المفرق" وأجد نفسي، ككل الأحباء، مبتذلة، أكرر نفس الأغاني ونفس المواقف والشعارات.

فيروز التي لا تحبها ويحبها غيرك كانت تغني للأحباء الجدد "عشاق اتنين صغار قعدوا على مقاعدنا .. سرقوا منا المشوار"، ساعتها لم تكن تجلس هي وحبيبها في مطعم للوجبات والعلاقات السريعة، سريعة كقصتي التي لا أملك نفسا طويلا للانتهاء منها وأنا أفكر، في جانب بعيد ومظلم من رأسي، هل سرقت حقا منك المشوار؟

أحاول كتابة كلمة النهاية وألهث بعدها، ولا أملك أصابع رفيعة صبورة أغزل لك بها منديلا، فالمناديل الورقية أصابت أصابعي بالكسل، وقطعت عادتها التي تشتهي الغزل، ولا تحسب أيام الشتاء إلا بطوله.

أجرب التخلص من حمل القصة التي تعيق حركة الدموع في عيوني، فأتخلص منها كالقذى الأصفر الساقط غير مأسوف عليه، ولا أدخن سيجارة كنزار قباني، فالمطعم السريع مانع لراحة البال والتدخين.

ربما تقول: تحتاجين لنوبة صرع أخرى تنتهي بحمى تحرضك على كتابة قصة حارة تبتعد أميالا عن ثلج المسافة بيننا، وثلج الأفراد أيضا، قصة كانت – قبل تكونها جنينا – قد تكثفت حرارة على جبيني أو حاولت – كدرب من المستحيل – أن تذيقني طعم الهناءة فتفجره في فمي.

أحاول الخروج من الصندوق وزيارة أي مقهى آخر يتسع سقفه الشاهق لمشاجراتنا التي كانت لا تهدأ لأنني أعرف في قرارة نفسي أنني لا أحب سواك فأستفزك. كانت المشاجرات ترتفع عاليا كصف من لعب الأطفال في محل مترب، ثم تتساقط معلنة انتهاء الشجار لتنام أنت بجانبي على الوسادة عبر ذبذبات الهاتف المحمول. وفي لغوك السابق لنومك تقول وقد أثقل التعب صوتك:

"أحبك .. لا أزال أحبك أيتها الخائنة رغم كل شيء". 

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 قاصة مصرية، من مجموعتها "غرفة تغيير المشاعر" الفائزة بالمركز الأول في مسابقة أخبار الأدب2016   






مقالات من نفس القسم

تشكيل
تراب الحكايات
موقع الكتابة

قلب