“باب الليل” لوحيد الطويلة.. منمنمة التفاصيل

باب الليل
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

السعيد عبدالغني

منمنمة حديثة، التفاصيل الحسية الخفيفة ونسج الواقعي الذي ذهنيته مدارة بجمالية. حيث المعنائي الحسي يطغى على المفاهيمي. فلم يتسلط، والمنمنمة تفاصيل مكنزة في حيز لوني متناغم ونقي.

حتى مفهوم الباب كحيز معماري وراءه عالم معين، لكن الليل معمار شعري لانهائي وسمى الفصول بالأبواب كذلك. فالدلالة النفسية للباب الدخول أو الوقوف، الباب عند وحيد الطويلة ليس حدا لا يمكن دخوله أيا كان. وماوراءه أغنى من الوقوف، وأغنى الذات قبله عن بعده.

يمكن السرد بطرائق كثيرة، ولكن سرد وحيد الطويلة سرد وحيد الطويلة فقط، الشخصيات مقادة بسيكولوجيتها، بنات تأمله، شيء لم يفتعل، بل كان فيه، كقصيدة غائرة في شاعر حقيقي يقتات نصه على وجوده. وهذا الوجود تلحظه بين الجمل، في الروابط، في الانفصالات، في الألفاظ. اللغة لم تشوشها المعرفة، ولا هم المنتج النهائي، جدول ساري ليس مفعولا منه بل فاعلا لأنه هو.

تهديك لغة وحيد الطويلة، وأسلوبه وهو لا يتم اختياره في رأيي لهذا الشكل المعهود من القرار لكنه اختيار من تكوينه كله، فرؤيته المجملة للعالم تسر في اللغة، في نبضها ورائحتها التي تشبه بالمناسبة باراجانوف وهو مخرج أرميني يعتني بالفاكهة والرمان.

هي طريقة خفيفة وخفتها لا تقزم عمقها، كأنه طفلة تقفز أو مرة فتفرح فتقفز والخ. شاعرية بدون تأطير الشكل القصائدي.

القراءة أهدتني شعورا نقيا جدا بالجمال الذي لا يمكن مقاومته، الذي هو السلطة الحقيقية على المشاعر العدمية.

 المكان فيه البطل الرئيسي بمفهومه الواسع، كل شيء بدأ في الحمام، مثل نجيب محفوظ في البدء كان المقهى، مثل ليفيناس في البدء كان العنف.

 يختار وحيد الطويلة الحيز الذي يضم العاهرات، سرد تفاصيلهم، حكايا مع الكليات العربية، القضية الفلسطينية، الفساد، الخ

والعاهرة هي مكان نفسي ضخم، منفتح كما يظن جسدها، لكنها بمشاعر كثيرة ودوما العالم الذي يخرج عن حد الاجتماع يكن أكثر معاني أكثر حبكات.

إنها حياة خطرة نفسيا وخطرة في التصور وتختلف حتى عن العاهرات المصرية التي لاختلاف الجغرافيا والثقافة يؤثران على التعاطي والعلاقات.

تظهر على المرأة أكثر الاشكال النفسية المعقدة للرهافة المظنونة دوما والمؤصلة فيهن. وكلام هذه الشخصيات المعقدة هو كلام شعري متعالق دوما مع الكليات.

وجدت الكثير من الشعر في النثر بين الأحاديث والوصف، ودوما أنا أقدر الجمالي ليس بإسكاته وشهوده بل بايحائه الموحي بالنسبة لي أكثر جمالية من الممتع

لغة وحيد الطويلة شريكة في النص فليست عتبة أو أداة أو ناقلة بل هي فاعلة في تذوق الحبكة وهذا مهم ومناسب. التراجيدي دوما يحكم المتطرف في نظر المجتمع وهو العاهرات، الفساد الخ، لكن وحيد الطويلة أشر كثيرا على لوحات صفات ثقافية لتونس، لسيكولوجية غائرة للعاهرات، لمفاهيم نفسية منها إيجاد المعنى من خلال الجنس، انفصال المتعة الجسدية عن المشاعر كحيز مختلف.

مقالات من نفس القسم