أحمد بوقري
كنت مستمتعا بقراءة رواية أحمد الشهاوي (حجاب الساحر) أيما استمتاع.. وفاجأني الشاعر المتميز في فنه ورؤاه ورؤياه، بجمال سرديته موظفا لغته الشعرية الباذخة ذات العمق الإشراقي في اقتراح لغة روائية مشوّقة ومفعمة بالرؤى والرؤيا في آن.
إذ تكشّف لي الشهاوي في روايته الأولى المتميزة هذه، بأنه ليس ضليعا في الشعرية فقط، بل مضيفا قيمة جديدة على شعريته هي شعرية السرد، واللغة الساردة تحلق في فضاء شعري لاتقل بلاغتها عن اللغة الشعرية الباهرة التي عرف بها الشهاوي.
وهو ما نلمسه من أحاديث شمس حمدي الحكائية ليست إلا قصائد شعرية فلسفية متتالية ومتدفقة..إنها تمزج حكيها الشفاف في قولها الشعري المتأمّل و تقطر بعذوبة اللغة..حين تقول: ” أسرح بأناي العميقة مندفعةً متدفقةً في اللانهائي…..” ص٨١
وفي مقطعٍ آخر لايقل عذوبة تقول :” أحسّ أني غائبة، لكني لست غائبة عمن أحب”
وفي لحظةٍ من البوح الصامت والمعرفة الإشراقية تقطر ألما عذبا تقول شمس: ” الآن صار الشجر أسياخا من الحديد تخرق جسدي حتى لم يعد فيه مكانا لطعنةٍ لامرئية” ص ١٦٧
الرواية في معرفيتها المكثفة وتدفقها في سبر أغوار الفنون السحرية وعجائبيتها وخرافاتها الممتدة من سحر التاريخ وغرائبية عوالمها وأحداثها إنما تؤكد واقعيتها المصرية السحرية الخاصة والجديدة، هذه التقنية السردية التي تميّز بها أدب أمريكا اللاتينية وتمثّلتها آداب بعض اللغات الأخرى ومنها الأدب المصري وإن كان ذلك بشكل محدود وعلى استحياء في بعض نصوصه القصصصية والروائية.
في رواية الشهاوي لايتم تقويض واقع ما قائم أو خلق واقعٍ جديد بل في ظني استعادة لواقع غير مرئي مندثر ومعجون كوحدة نسقية في التاريخ والموروث الشعبي والميثولوجية المصرية القديمة وتجلياتها الحاضرة.
كأن الرواية تعيد تشكيل أسطورة المكان في التاريخ الوجداني، والأرواح البشرية المرئية وغير المرئية..الحاضرة والغائبة، تستعيد في اللغة والرؤيا الشعرية والمعرفية، أسطورية المرأة المصرية الاستثنائية بوشائجها وعلاقاتها واستيهاماتها.
خلاصة الأمر، الرواية جديدة في موضوعها ولغتها وأجوائها وفي يقيني تحتاج إلى قراءة فاحصة أخرى حتى تنفتح لنا كل أبوابها ومغاليقها وسراديبها الرؤيوية.
……………………..
* كاتب وناقد من المملكة العربية السعودية