كاتب فلسطيني يصنع من الأقنعة المسرحية رواية

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ياسمين مجدي 

"وجوه وأقنعة" هو عنوان الرواية الأولى، للكاتب الفلسطيني طلال حمَّاد، والصادرة مؤخرًا عن دار فضاءات. تناقش الرواية أجواءً مسرحية جدًا، أعطت طابعًا مختلفًا للنص الروائي. فالرواية ذات مذاق حداثي، تدور حول مؤلف يكتب قصة، ويذهب لمخرج ليحولها إلى مسرحية. سيحكي المؤلف في البداية عن تشويه المخرج لقصته، ثم تتوالى فصول أخرى، مثل "من تصريح للمخرج في الكواليس"، وفصل آخر بعنوان "ما لم يقله الممثل ولم يعد سرًا بعد اليوم"، ثم ملحقات نتعرف من خلالها على قصة المسرحية نفسها، التي تبدأ برجلين عربيين يعيشان غربة في بلد أوروبي، أحدهما يحكي عن صديقته، التي أثثت شقة ليعيشا معًا فيها، فأحس "كأنها تملأ كياني كله، ولا تترك لي موضع إبرة... كأنها تبيح دمي وتقتلني، فلم يعد لي حول على ردها، أو قوى لأمنعها أن تصنعني كما تشاء وتبتغي؟"، وكأنه في اغترابه لا يملك تحديد مصيره أين يسكن أو كيف سيكون بيته حتى. سنكتشف مع تطور المسرحية أنها تحكي عن وضع الفلسطينيين بعد طردهم وتهجيرهم من بلادهم والهزائم التي جنوها، وتوجه المسرحية اللوم لمن تخاذلوا عن حمايتهم، فيتخلل العرض لحظات كثيرة كشف فيها الممثلون والجمهور، عن أقنعتهم المخبِّأة لوجوههم:

“سقطت جميع الأقنعة

وتناثرت شظايا

فما الذي في المرايا

كم عدد الضحايا

يا أيها المتفرجون على دمي

انزعوا الأقنعة عن وجوهكم

وانظروا جيدًا

كي تروا

أنه دمي

وليس خدعة مسرحية”

سيؤكد مؤلف المسرحية في بداية الرواية أن قصته تدور حول تتدهور الأوضاع العربية، فيطرح في مسرحيته تساؤلات قيِّمة، من نوعية: “يتناقض كل شيء.. كل شيء.. القول مع الفعل. والفكر مع الممارسة… والظلام مع النور. والأمس مع اليوم. وأنا مع أنا. نعم أنا مع أنا سأتناقض أيضًا. وهل نحن خارج السرب؟”. لتقدم الرواية

– في كثير من الأحيان- تنظير للواقع أكثر من افتعال حدث وشخوص، وهو مقبول نظرًا للطريقة الحداثية المكتوب بها العمل.

تضم الرواية فصولاً أخرى تتكلم عن كائنات تقتحم المسرح أثناء العرض، وتدخلات من الجمهور في الحوار المسرحي مع الممثلين، بالإضافة لفصول تحوي نهايات بديلة مقترحة للمسرحية. واعتمت الرواية في أغلبها على المونولوج والديالوج المسرحي، بالإضافة لتوظيف نصوص وأشعار لآخرين، مثل محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد.

بشكل عام لا يمكن تقييم العمل بوصفه رواية قدمت عالمًا كاملاً وواضحًا، بقدر كونها سعت نحو التجريب، وتقديم نص روائي مختلف. يذكر أن هذه الرواية تحاكي تجربة عاشها المؤلف طلال حمَّاد نفسه، الذي أعدها كرواية، بعد أن كتبها كحكاية مسرحيّة – حسب ذكره – ورغم أنها كانت معدة للعرض، مُنِعت من أن تُعرض ليلة العرض، لتعرض بدلاً منها قسرًا مسرحيّة أخرى . وهذه الحيلة التي لجأ لها الكاتب، قدمت لنا نصًا روائيًا مختلفًا مزج بين النفس المسرحي والروائي بمذاق حداثي.

طلال حمَّاد كاتب فلسطيني، ولد في القدس القديمة، بباب الحديد، عام 1951، يقيم بتونس. صدر له ثلاث مجموعات قصصيّة : “شهادات على باب القدس” (1985)، “مطر على النافذة” (1990)، “موت غامض وتفاصيل أخرى” (1993).

 

مقالات من نفس القسم