فصل من رواية “أسرار” لـ كنوت هامسن

فصل من رواية "أسرار" لـ كنوت هامسن
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام
ترجمة: أماني لازار الفصل الأول كان منتصف صيف العام 1891 بداية لحدوث الأشياء الأكثر استثنائية في بلدة نرويجية ساحلية صغيرة. ظهر شخص غريب يدعى نيجل، شخص فريد هزَّ البلدة بأطواره الغريبة، ثم اختفى فجأة مثلما ظهر. زارته ضيفة في وقت من الأوقات: أتت سيدة شابة غامضة لسبب لا يعلمه إلا الله، ولم تجرؤ على البقاء سوى لبضع ساعات. لكن دعني أبدأ من البداية...

بينما كان يهتم بدفع فاتورته أدرك فجأة أن السفينة كانت تغادر. صاح فزعاً من على السياج للبواب في الأسفل: “حسناً خذ أمتعتي إلى الفندق واحجز لي غرفة”.

عند ذلك، أقلته السفينة إلى الزقاق البحري.

كان هذا الرجل يوهان نيلسن نيجل.

نقل البواب أمتعة سفره على عربة. كانت الأمتعة مؤلفة من حقيبتين صغيرتين فقط، ومعطف من الفراء (بالرغم من أن الوقت كان منتصف فصل الصيف)، وحقيبة كتب، وحقيبة آلة كمان. لم تكن أية واحدة منها تحمل بطاقة تعريف.

ظهيرة اليوم التالي تقريباً، استقل يوهان نيجل عربة يجرها حصانان وسار على الطريق المؤدية إلى الفندق. كان يمكن أن يكون القيام بالرحلة على متن قارب أكثر يسراً، لكنه على الرغم من ذلك جاء بواسطة عربة. كان يحمل مزيداً من الأمتعة؛ كان هناك على المقعد الأمامي حقيبة صغيرة، معطف، وكيس صغير مرصع بلآلئ تشكل أحرف ي. ن. ن.

قبل أن يترجل من العربة سأل صاحب الفندق عن غرفته. ولاحقاً، عندما كانوا يرشدونه إلى الطابق الثاني، بدأ يتفحص الجدران ليعرف مدى سماكتها وما إذا كان بوسع أي صوت أن يتسرب من الغرف المجاورة. فجأة التفت إلى الخادمة وسأل:

“ما اسمك؟”

“سارة”.

“سارة.” ودون توقف: ” هل يمكنك أن تجلبي لي شيئاً لآكله؟ حسناً إذاً، اسمك سارة. قولي لي” وتابع”، هل كان يوجد صيدلية في هذه الأمكنة سابقاً؟”

أجابت سارة متعجبة: “نعم، لكن مضى على هذا سنوات عديدة”.

” أوه، سنوات عديدة؟ عرفت ذلك من لحظة دخولي، لم تكن الرائحة قوية جداً لكن بطريقة ما أحسست بها”.

عندما نزل ليتناول وجبة العشاء، لم يفه بكلمة طوال وقت الوجبة.  رفيقاه المسافران من اليوم السابق-الرجلان على طرف الطاولة الآخر -تبادلا الإشارات لدى دخوله ولم يبذلا جهداً ليخفيا تندرهما على سوء حظه مساء البارحة، لكنه لم ينتبه إليهما.

أكل بسرعة، اعتذر عن تناول التحلية، وغادر الطاولة فجأة مزيحاً المقعد إلى الوراء، أشعل سيجاراً واختفى في الشارع.

بقي في الخارج إلى ما بعد منتصف الليل بوقت طويل، وعاد قبل الثالثة بدقائق قليلة. أين كان؟ لم يُعرف إلا فيما بعد أنه ذهب إلى البلدة المجاورة سيراً على الأقدام وعاد على نفس الطريق الطويلة التي عبرها ذلك الصباح في العربة. لا بد أنه ذهب لتسوية بعض الأمور العاجلة جداً هناك.

عندما فتحت سارة له الباب كان مبللاً بالعرق، لكنه ابتسم لها وبدا أنه في حالة معنوية ممتازة.

قال: “يا إلهي يا فتاة، أي عنق جميل هو عنقك! هل وصلتني أي رسائل أثناء غيابي-باسم نيجل، يوهان نيجل؟ ثلاث برقيات! أوه، هلا أسديت لي معروفاً وأزلت تلك الصورة من على الجدار، هلّا فعلتِ؟ لا أحب أن تحدق بي. سوف أشعر بالانزعاج حقاً عندما أستلقي في السرير وأنظر إليها! ثم إن نابليون الثالث لم يكن لديه مثل هذه اللحية الكثة. بأية حال، شكراً لك”.

عندما مضت سارة ظل نيجل واقفاً وسط الغرفة. جامداً في مكانه، يحدق بتركيز إلى بقعة في الجدار، وفيما عدا أن رأسه انخفض أكثر فأكثر إلى جانب واحد، لم يأت بحركة.

 كانت قامته قصيرة، وجهه ذو بشرة داكنة، وعيناه بنيتان غامقتان كانت لهما سيماء غريبة، وفم ناعم أنثوي. وضع في أحد أصابعه خاتماً عادياً من الرصاص أو الحديد. كانت أكتافه عريضة جداً، يتراوح عمره بين الثامنة والعشرين والثلاثين بالرغم من أن شعره كان قد بدأ يشيب عند الصدغين.

أفاقَ من أفكاره بقفزة عنيفة شديدة المبالغة حتى بدت مصطنعة، كما لو أنه قام بالحركة من أجل أن يحدث أثراً على الرغم من أنه كان وحيداً في الغرفة. ثم أخرج من جيبه بعض المفاتيح، وقطع نقود صغيرة، وما بدا مثل وسام لمنقذي الغرقى على رباط مجعد ووضعه على طاولة بجانب السرير. دس محفظته تحت الوسادة، ومن جيب صدرته أخرج ساعة وقارورة صغيرة أُلصقت عليها رقعة مكتوب عليها “سُمّ”. أمسك الساعة بيده برهةً قبل أن يعيدها، لكنه أعاد القارورة إلى جيبه في الحال. ثم خلع خاتمه وغسل يديه، مسوياً شعره إلى الخلف بأصابعه دون أن ينظر في المرآة ولو مرة واحدة.

كان في السرير عندما تفقد فجأة خاتمه الذي تركه موضوعاً على المغسلة، كأنه غير قادر على الانفصال عن هذا الخاتم العادي تماماً، نهض ولبسه ثانية ثم بدأ يفتح البرقيات الثلاث. لكن قبل أن ينهي البرقية الأولى نبس بضحكة قصيرة مكتومة.

استلقى هناك يضحك بينه وبين نفسه، كانت أسنانه جميلة جمالاً استثنائياً. ثم بدا وجهه جدياً ثانيةً، وبعد برهة رمى البرقيات جانباً بغير اكتراث، على الرغم من أنها كانت تتناول جميعها، على ما يبدو، مسألة على قدر كبير من الأهمية، فقد أشارت إلى عرض يبلغ 62000 كرون ثمناً لعزبة، يُدفع المال نقداً إذا أبرمت الصفقة في الحال. كانت برقيات موجزة ذات صلة بالعمل في واقع الأمر، قطعاً لم يكن إرسالها مقلباً، بالرغم من أنها لم تكن مذيلة بتوقيع. بعد بضع دقائق غط نيجل في النوم.

 أضاءت الشمعتان الموضوعتان على الطاولة، اللاتي نسي أن يطفئهما، وجهه النظيف الحليق وصدره، وومضتا بهدوء على البرقيات الموضوعة على الطاولة في متناول اليد.

في الصباح التالي أرسل يوهان نيجل مرسالاً إلى مكتب البريد، وقد عاد ببعض الصحف-العديد منها أجنبية -لكن من دون رسائل. وضع حقيبة كمانه على كرسي في منتصف الغرفة كأنه أراد أن يتباهى بها، لكنه لم يفتحها، بل تركها هناك ليس إلا.

كل ما فعله ذلك الصباح كان كتابة عدة رسائل والسير في الغرفة جيئة وذهاباً يقرأ كتاباً. ذهب أيضاً إلى متجر واشترى قفازين، ثم تجول نحو السوق حيث اشترى جرواً صغيراً بنياً ضارباً إلى الحمرة بعشر كرونات وعرضه في الحال على صاحب الفندق. اعتقد الجميع أن الأمر مضحك للغاية لأنه سمى الجرو جاكوبسن بالرغم من أنها أنثى.

لم يتمكن من فعل شيء بقية النهار أيضاً. لم يكن له في البلدة أعمال يتوجب عليه القيام بها، ما من مصالح حكومية عليه مراجعتها، ولا مكالمات هاتفية عليه إجراءها، ولم يكن يعرف أحداً. كان الناس في الفندق في حيرة من أمرهم إزاء فتوره الغريب تجاه كل شيء بما في ذلك شؤونه الخاصة. كانت البرقيات الثلاثة ملقاة على الطاولة في غرفته مفتوحة وفي متناول الجميع، لم ينظر إليها ثانية منذ ليلة وصولها. وأحياناً عندما كان يُطرح عليه سؤالٌ مباشرٌ لم يكن يجيب أيضاً. حاول صاحب الفندق مرتين أن يجره إلى محادثة ليتعرف إليه وإلى السبب الذي أتى به إلى البلدة، ولكن في المرتين كان نيجل يتهرب من الموضوع. مثال آخر على سلوكه الغريب حدث أثناء النهار. بالرغم من أنه لا يعرف أحداً في البلدة ولم يبذل جهداً للتواصل مع أحد، إلا أنه مع ذلك توقف فجأة أمام إحدى سيدات البلدة الشابات عند مدخل المقبرة، ثبت عينيه عليها ومن ثم انحنى بشدة دون أن يفسر تصرفه بكلمة. توردت الشابة خجلاً حتى منابت شعرها، محرجة للغاية، وعندئذ خرج الرجل الوقح من البلدة على الطريق الرئيس حتى بيت الكاهن وما بعده. فعل هذا لعدة أيام على التوالي، يعود دوماً إلى الفندق بعد وقت الإغلاق فيفتح الباب الرئيس من أجله.

في صباح اليوم الثالث، عندما كان نيجل يغادر غرفته، توجه إلى صاحب الفندق، الذي حياه ببعض العبارات السارة. خرجا إلى الشرفة وجلسا. على سبيل البدء بمحادثة، سأله صاحب الفندق عن شحن صندوق من السمك الطازج قائلاً: “هل لديك فكرة عن كيفية فعل ذلك؟” نظر نيجل إلى الصندوق، ابتسم وهز رأسه: “لا أعرف شيئاً عن هذه الأمور”.

 “لا تعلم؟ حسناً، ظننت أنك ربما سافرت كثيراً ورأيت كيف يفعلون ذلك في أماكن أخرى”.

 “لا، في واقع الأمر، لم أسافر كثيراً”.

توقف قصير.

“حسناً ربما كنت منشغلاً بأشياء أخرى. هل يحتمل أن تكون رجل أعمال؟”

“لا، أنا لست رجل أعمال”.

“إذاً أنت لم تأتِ إلى هنا بغرض العمل؟”

لم يجب نيجل، لكنه أشعل سيجاراً وأخذ نفساً عميقاً وعاد إلى ذهوله.

كان صاحب الفندق يراقبه بطرف عينه. ” ألن تعزف لنا في وقت من الأوقات؟ أرى أنك تحمل معك كماناً”.

أجاب نيجل ارتجالاً: ” أوه لا، لقد تخليت عنه”.

 نهض وسار بشكل مفاجئ تقريباً، لكن بعد لحظة عاد وقال: “بالمناسبة، خطر لي للتو أن بإمكانك أن تعطيني الفاتورة في أي وقت تشاء. موعد الدفع ليس مهماً بالنسبة إلي”.

قال صاحب الفندق: “شكراً لك، لكن ما من داع للعجلة. سيكون هناك خصم مهما طالت إقامتك معنا. هل تخطط للبقاء لبعض الوقت؟”

فجأة استعاد نيجل حيويته. تورد وجهه دونما سبب ظاهر وأجاب سريعاً: “نعم، قد أبقى هنا لبعض الوقت، كل هذا مشروط. ربما لم أخبرك، أنا مهندس زراعي-مزارع. لقد عدت للتو من الخارج وقد أقرر أن أستقر هنا إلى حين. لكن ربما نسيت أيضاً أن-اسمي نيجل، يوهان نيلسن نيجل”.

ثم صافح صاحب الفندق بإخلاص واعتذر لأنه لم يقدم نفسه حالاً.

 لم يكن هناك أدنى أثر للسخرية في عبارته.

قال صاحب الفندق: “كنت أفكر في أنه قد يكون بوسعنا أن نجد لك غرفة أفضل وأكثر هدوءاً”. “أنت قريب من الدرج الآن وقد تكون الغرفة صاخبة إلى حد ما”.

“شكراً لك، لكن ليس من داع لذلك. غرفتي مقبولة إلى حد كبير. فضلاً عن أنه يمكنني رؤية ساحة البلدة برمتها من نافذتي وهذا بهيج جداً.”

بعد وقفة قصيرة تابع صاحب الفندق: “إذاً أنت في عطلة قصيرة الآن؟ هذا يعني أنك ربما ستمضي هنا فصل الصيف؟”

أجاب نيجل: ” سأمضي شهرين أو ثلاثة أشهر وربما أكثر، لا أعرف على وجه الدقة. الأمر كله مشروط. سأقرر عندما يحين الوقت”.

في تلك اللحظة مرَّ رجل وحنى رأسه محيياً صاحب الفندق. كان يبدو رجلاً غير ذي شأن، قامته قصيرة بعض الشيء ويرتدي ثياباً رثة جداً. من الواضح أنه يتحرك بصعوبة، ولكن بالرغم من إعاقته كان خفيفاً بشكل يدعو للاستغراب. وعلى الرغم من أنه حنى رأسه ملياً إلا أن صاحب الفندق تجاهله، ولكن نيجل أومأ إيماءة مهذبة ورفع قبعته القطنية.

التفت صاحب الفندق إليه وقال: “نحن ندعو هذا الرجل بالقزم.  هو ليس بكامل قواه العقلية تماماً، لكني أشعر بالأسف عليه، إنه رجل صالح”.

لم يُذكر المزيد عن القزم.

قال نيجل فجأة: “منذ عدة أيام قرأت في الصحف عن رجل وجد ميتاً في الغابة في مكان ما قريب من هنا، يا له من رجل كارلسن هذا، أظن أن هذا هو اسمه. هل هو من هنا؟”

قال صاحب الفندق: “نعم، كانت أمه مداوية تعالج بالحجامة. يمكنك أن ترى منزلها من هنا-المنزل ذو القرميد الأحمر. كان قد عاد إلى البيت لقضاء العطلة ثم أنهى حياته أثناءها.  كان الأمر مأساوياً بشكل خاص لأنه كان موهوباً وعلى وشك أن يُرسم كاهناً. الأمر برمته شديد الغرابة. طالما أن شرياني معصميه وُجدا مقطوعين فلا يمكن أن تكون حادثة إلا بصعوبة، هل يمكن أن تكون؟ والآن وجدوا السكين-سكين صغيرة ذات مقبض أبيض، وجدتها الشرطة في وقت متأخر من ليل البارحة. الأمر برمته يبدو أنه يشير إلى وجود علاقة عاطفية”.

“هذا مثير للاهتمام. لكن هل هناك حقيقة أي شك فيما إذا أقدم على الانتحار؟”

“يأمل الجميع في أن تتضح المسألة-أعني أن البعض يظن أنه ربما قد يكون مشى والسكين في يده وتعثر على نحو أخرق وقطع رسغيه مرة واحدة. لكن هذا يبدو مستبعداً للغاية. مع ذلك سيدفن في أرض الوقف. لكني لا أخال أنه تعثر مطلقاً!”

 “تقول إنهم لم يجدوا السكين حتى ليل البارحة؟ لكن ألم تكن ملقاة إلى جانبه؟”

“لا، كانت ملقاة على بعد عدة أقدام. رماها بعد استعمالها في الغابة، وجدوها بمحض الصدفة”.

بدأ كل شيء عند الساعة السادسة من مساء أحد الأيام عندما رست باخرة عند أرصفة الميناء وظهر ثلاثة مسافرين على متنها. كان أحدهم رجلٌ يرتدي بذلة صفراء فاقعة اللون ويعتمر قبعة من قماش قطني مضلع كبيرة الحجم. كان مساء الثاني عشر من شهر حزيران، والأعلام تخفق في جميع أنحاء البلدة على شرف خطوبة الآنسة كيلاند التي تم إعلانها ذلك اليوم. صعد بوَّاب الفندق المركزي على ظهر المركب وناوله الرجل ذو البذلة الصفراء أمتعته. في نفس الوقت سلَّم تذكرته لواحد من مسؤولي السفينة، لكنه لم يتحرك للذهاب إلى الشاطئ، وبدأ يذرع ظهر المركب جيئة وذهاباً. بدا مضطرباً إلى حد بعيد، وعندما رنَّ جرس السفينة للمرة الثالثة لم يكن قد دفع لمضيف السفينة فاتورته بعد.

“لكن ما الذي يدعوه لرمي السكين بعيداً وقد كان ممدداً هناك جريحاً وينزف؟ لا شك في أن استخدامه لسكين سيكون واضحاً للجميع؟”

“يعلم الله ما كان يجول في خاطره، لكن كما قلت ربما لامرأة علاقة بالأمر بوجه من الوجوه، إنه لأمرٌ غريب؛ كلما فكرت فيه أكثر كلما ازداد تعقيداً”.

“ما الذي يجعلك تظن أن لامرأة يداً في الأمر؟”

“عدة أمور. لكن أفضِّل ألا أخوض فيها”.

“لكن ألا تظن أن سقوطه كان حادثاً؟ كان ممدداً في تلك الوضعية الخرقاء-ألم يكن ممدداً على معدته ووجهه في الوحل؟”

“نعم، وكان مغموراً به. لكنه ربما رتب الأمر ليخفي التياعه في النزع الأخير. من يعلم؟”

“هل ترك مكتوباً من أي نوع؟”

“يبدو أنه كان يكتب شيئاً، ولكن كما يبدو كان يدون عادة أثناء تنزهه. يظن البعض أنه كان يستعمل السكين ليبري قلمه عندما تعثر ووقع وأحدث ثقباً في أحد رسغيه ومن ثم في الآخر-كل ذلك إثر سقطة واحدة. لكنه ترك مكتوباً. كان يقبض على ورقة في يده تقول: (ليت سكينك كانت ماضيةً مثل لائك الأخيرة)”.

“يا له من كلام فارغ! هل كانت السكين مثلمة؟”

“نعم”.

“لماذا لم يشحذها أولاً؟”

“لم تكن سكينه”.

“سكين من كانت؟”

تردد صاحب الفندق برهة: “كانت سكين الآنسة كيلاند”.

“سكين الآنسة كيلاند؟” ردد نيجل وبعد توقف قصير: “حسناً ومن هي الآنسة كيلاند؟”

“داجني كيلاند. ابنة الكاهن”.

“هذا طريف وغريب جداً. هل كان الشاب يحبها بجنون شديد؟”

“لا بد من أنه كان كذلك، لكنهم جميعاً مفتونون بها. هو لم يكن الوحيد”.

 بدا أن نيجل مساق بعيداً وغارقٌ في أفكاره.

 أخيراً كسر صاحب الفندق الصمت قائلاً: “ما قلته لك للتو سري، لذا يتوجب عليّ أن أطلب منك..”

أجاب نيجل: “أفهم، لا داع لأن تشغل بالك”.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مترجمة سورية

 الرواية صادرة مؤخرًا عن دار “مسكيلياني” ـ تونس 

مقالات من نفس القسم