عفواً.. كل رحيق الحياة ذهب إلى بطون النحل

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 102
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ناهد السيد

لماذا تتمسك بى الحياة؟.. لماذا لا تدعنى وشأنى؟ لماذا تفرض عليّ اختياراتها المتعبة؟ إلى متى تظل تكتب على جبينى المشقة؟ من أكون أنا يا ترى كى تترك حالها ومالها وتقتص من وقتها ساعات طويله لترشقنى باهتمامها؟ أنا لست من تظنين يا عزيزتى.

أنا لست بهذه القوة التى تجعلنى أتحمل هراءك ومشاغباتك وثقل دمك، أنا بريئة كطفل مات لتوه بعد أن خرج إليك واصطدم بهوائك. أنا رقيقة رقة جثة فى طريقها للتحلل. أنا هشة كأعواد شجرة الرمان المرنة، صحيح أنها لا تنكسر وكلما ثنيتها بكل قوتك قامت لتعتدل وبسرعة، لكنها تتأثر باللمسة تنزعج من الضغط، تغضب من الإهمال، تستطيع بكل بساطة أن تكف عن الإثمار، أن تسحب اخضرار أوراقها ولا تمنحكم سوى صفار الوجه، تتجرد من أوراقها ولا تبالي بالربيع.

عن أى ربيع تتحدثون؟ لم يعد هناك ربيع، كل الأوراق شحبت وانسحب الرحيق من الأزهار إلى بطون النحلـ ذلك النحل الذى لا عمل له سوى الطنبن المزعج، الزن، واللف فى دوائر مفرغة لا تؤدى إلى شيء سوى البحث عن طعام وإفراغ طعام. نحن البشر مثل النحل بالنسبه لكِ. ماذا تريدين منا؟ لماذا اعتبرتنى أميرة النحل، وأثقلتِ علي! بكل المهام. أليست الأميرة هى المتربعة على عرش الراحة؟ لماذا تقلبين الوضع وتصبح الأميرة هى قائدة مسيرة التعب، واللهث والبحث؟

ألم ينته المسار الذى رسمتيه لى بعد، كفى عن التمسك بى ارجوك!. لقد اكتفيت من الخدمة فى رحابك. والتنقل بين أشجارك ورعاية صغار منحلك الصاخب بأصوات طنين أصابتني بالصمم. أتوسل إليك أن تدعينى أغلق عينى وأقتلع ما تبقى لى من جذر فى الأرض، اتركي لى الخيار بدلا من أن أقرر الموت بالجفاف رغما عنك.. قبل أن تقتلعى عوداً اخضر منى، لتعهدى إليه بمهامى. لن أسمح لك أن تقتربي من صغارى.

ليست المشقة إرثا ياعزيزتي.

ضحيت براحتى من أجل صغارى، أعواد الرمانة الواعدة. هم ليسوا فى قوتى ولا مثابرتى فارحلى عنا. امتصينى أنا إلى آخر رمق، ودعيهم على هامشك الممتلئ بالمجهولين والنكرة.

نعم، أقبل أن يكون أولادى نكرة عن أن ترفعيهم فوق رأسك ثم تسقطيهم فى حفرة عميقة لتزرعى منهم شجرة جديدة تسمدينها بالمشقة واللوعة والعناء وتسقينها كل صباح مخرجاتك العفنة.

مقالات من نفس القسم