بل ربما عن موت
هذه الدماءُ القادمةُ بندم
الكئيبة كمصطبة حمام الطفولة
لكأنها وجنتا إله منهك
طاعن في السن !
كيف ستخلف هذا الجفاف الشاسع وراءها؟
والدماء المعتقة هذه من ذا الذي سيكتم مواءها؟
الدماء الشبيهة بقطيعِ من الخوف
يرعى حول الأنقاض المعتصرة .
الدماء التي سيغرسُ مريدو القنديل المغبر فسائل ورودهم في تربتها
بأيديهم تلك التي لم تعبرها الفصول بعد
(2)
مواء الموت. …..
موتى يتذكرون بعضهم في غيظ أحشائي،
والكهل الذي في ضباب عيني
يزفر الحسرات عليهم
هو الآخر ميت في حلمه .
لحظات الموتى أطول من لحظات الأحياء .
هنيهتي هذه تمضي كالنسيس،
كأنما قطيع من الضباب يعبرني،
هكذا أتهوى من الوجود والعدم،
صارخاً في وجه الغيب :
الحياة لا تسع أحلامنا
السماء لا تسع صوتنا
(3)
مواء الجحيم ……
مسبحة
منذ الأزل
في يد تمثالٍ
يسحب حباتها قبراً قبراً
إلى ظل جحيمه المكسور
إلهي….
كيف
بإمكانك قتل الميت على هذه المقربة!!!
………………..
بجسارة الفطر
بهرولة الذئب المفعم بضوء القمر
سأشق الضباب بوجهي
لأغدو دليلي في حدود رهابي الثلجي
كم تمنيت لو أتوه بمحض إرادتي
لو أستنفذ
أسكب
أحلق
أحب
لو أدون أحلامي فتستحيل ثوب لعنة
لو أثمل لحدود الموت
صانعاً النعش لجثة العالم هذه
كي يجد الدم المحترق حدوداً لغمامته.
سأوبخ صمت الغيب الأبله
وسأقبل الغبار في أثره
إن جاهر بانسحابه قبالة الأبواب الموصدة .
نفسي يضيق..
ومن فمي يفوح عبق الجحيم
ورائحة كبدي تصعد إلي
حين أذبل تحت حزمة من المفاتيح الثقيلة
دون أن يؤاتي إحداها الباب،
بنزق طفولتي أزجر رئتي :
أيتها الورود
أنا أشحب من ألقكم
أضيق من الأحلام
مازلت في انصهاري الأولي
وكاسم الموت لا أهدأ في صمتي
دمي المنهك يسند ظهره إلى الجحيم الخامد ويغفو
لا الأقدام تفضح الغمام
ولا العار يمسك جثة العالم من ذقنها
كي تشم في هذا الجحيم الأحمق
عبق الألوان المحترقة
(4)
مواء الحظيرة ……
طفلٌ
على خريطة العالم يفرغ مثانة دهشته
مسنداً ذاكرته إلى الثدي المحترق
…………………
عيون الأطفال
جثث الاطفال
لكأنها أسمال ناجية من حريق القرية
من هؤلاء الذين يقطعون بُطّم الذكريات؟!
العرباتُ المُحملة بالحطب والعظام
تدور عجلاتها في بركة الدماء .
لكم هو شاحب الصوت المنبعث من دبق الدم .
لكن أيّة رهينةٍ تليقُ بدمعة الطفل المنغولي ؟
(ابن الحظيرة المريضة)
من ناحيتي
لم أعد
أضيق العيش من دون ذكريات الفاكهة.