ستة عشر لونـًا ..

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 هبة بسيوني

دلو ألوان يرسم به  في فخر .. هو الأمهر..الكل يعرف ذلك ويعرفون أيضاً أنه  لا يضع قدميه في الماء .. يرتدي حذاء عال العنق ليحفظ قدميه ويثبتهما على الأرض ..الأرض الصلبة.

طُلب منه بعد أن يرسمها أن يضع عليها بصمات يد حمراء لوقف الأعين ..ستة عشر لوناً يستخدمهم ويخلطهم .. يزين المراكب .. لكنه لم يصعد على متن واحدة قط..يقولون إنه إذا لم تخرج المركب من تحت يده فهي لا تعد مركباً.. لابد أن تمر عليه ليدمغها .. ليمنحها روحها الخاصة ..معروف عنه أنه يبث الروح داخل الأخشاب المُسندة .

تأتيه صماء لا شكل لها ولا لون .. متشابهة ..يقترب منها ويتعرف عليها ثم يبدأ السحر ..يُكسبها شخصية وشكل ووجود ..يقترب بفرشاته ليزيل خوفها ..يُحصنها ضد البحر وضد العين وضد الغدر ..يكتب عليها آيات بينات واسم الجلالة ..بعض المأثورات والرقي لتبعد الحاسدين ..والكثير من الأغاني التي تنعي الحبيب وتستجديه للعودة .. تحتضن كلماته لتحرسها في رحلتها .. يزيل وجعه وخوفه مع كل ضربة فرشاة من اليوم الذي لاتعود فيه بعد أن أحبها كما حدث مع أخيه الذي أغواه البحر .

" البحر غواية" كاذب من يقول العكس فور أن تهزمه مرة يجرك إليه جراً ..يُناديك فتلبيه ..آخر مايتذكره هو وقفه أخيه الثابتة بجسمه القوي الممشوق ورفعة لذراعيه و دوران  أمه حوله  بالحزام الأحمر العريض لتحكمه حول وسطه في طقس فريد وهي تبسمل وتحوقل  ..لم يكن قد يتجاوز السادسة عشر وقتها لكنه بدا ساعتها كرجل مكتمل .

 همهمات دعاء.. عيناها الدامعة.. جلوسها في الشرفة في انتظاره وهي تدندن في شجن " ياسيدي راح تاخد إيه ..وحياتي عندك ماتهز إيدي ..بزيادة قلبي فيه ميت شرارة ..إيه العبارة "

أكثر ما يتذكره هو حقيبته المصنوعة من الخوص  و"الطُعم "الذي يجلس ليلا ليعده معه وتجهيزه لشباكه التي تعلق علي الكتف... آخر ما يدركه عنه هو خروجه في يوم من أيام النوات " نوة عوة " بعدها لا يتذكر سوى وقوفه في الشباك فى إنتظاره وعدم قدومه . بعدها بأيام أتي في صورة أخري غير التي اعتادها .. جسد أزرق وذراع وُشم عليها اسمه وكانت الدليل علي إنه هو .. صرخات أمه التي أيقظت الشارع ساعة الفجر ثم توقُف الزمن .

اكتفى من يومها بتزيين مراكب الصيد علها تقابل أخاه فتحييه وتنقل له السلام ..و اكتفي بتعليم بنت أخته الصغيرة أن تصنع مراكب من ورق لا تضعها في الماء .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قاصة مصرية

 من مجموعة تماس مع الوحدة .. الصادرة مؤخرًا عن دار روافد

مقالات من نفس القسم

تشكيل
تراب الحكايات
موقع الكتابة

قلب

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون