جهاز إنذار

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمود فهمي

كانت الساعة قد تخطت الرابعة فجرًا عندما استيقظوا على صوت جهاز إنذار إحدى السيارات ، انتظروا في أسرتهم أن يتوقف هذا الصوت، دقائق مرت لكن هذا الصوت لم يتوقف، انتظروا أن يضغط شخص ما على زر ليوقف هذا الضجيج , لكن هذا لم يحدث ، بعد ما يزيد على الساعة فتحت أبواب الشرفات ، خرجوا جميعًا يتساءلون عن صاحب تلك السيارة , كانت قطة تحوم حول السيارة التي ينبعث منها هذا الصوت ، ارتفعت أصواتهم لكنهم لم يجدوا من يرد عليهم ، كانت الشمس قد أشرقت , دخلوا غاضبين ,  ارتدوا ملابسهم وذهبوا إلى أعمالهم تعلو وجوههم علامات التعب والضيق.

عندما عادوا كان جهاز الإنذار لا يزال يعمل ، عندما دخلوا إلى بيوتهم اضطروا إلى رفع أصواتهم ليتمكنوا من الاستماع إلى بعضهم البعض .

ما حدث بدأه أحدهم , هذا الذي نادى على زوجته التي كانت بالمطبخ لتحضر له بعض الملح لكنها لم تسمعه , فثار وتشاجر معها, فما كان منه إلا أن فتح النافذة , وقذف بحذائه السيارة , ثم فتحت باقي النوافذ الواحدة تلو الأخرى  ، وأخذوا جميعًا في قذف أحذيتهم باتجاهها , الأطفال الذين كانوا يلعبون في الشارع تشجعوا , فتركوا لعب الكرة وأفلت بعضهم خيوط الطائرات الورقية , التي بأيديهم , وبدءوا في قذف السيارة بالحجارة .

كل هذا لم يسكت الصوت الصادر منها , فقط أصبح صوتها مكتومًا وأصبح يسبب المزيد من الضيق ، أصبح الآن لديهم كومة كبيرة من الحجارة والأحذية القديمة تصدر صوتًا مكتومًا لا سبيل لإيقافه .

عندما اجتمعوا مساءً, اقترح البعض إبلاغ السلطات ولكن البعض الآخر اعترض بشدة على ذلك إيثارًا للسلامة ولعدم الدخول في مشاكل لا قبل لهم بها, فربما ظنت الجهات الأمنية أن ثمة مؤامرة في الأمر وربما قضوا أيامًا وليال في تحقيقات لا تنتهي, ربما أخذوهم واحدًا تلو الآخر إلى أماكن غير معلومة ليحققوا معهم وليحصلوا منهم على اعترافات بأشياء لم يفعلوها.

بعد مجادلات استمرت لساعة متأخرة من الليل قرروا التخلص منها بنقلها إلى الصحراء , في الصباح , جاءوا بشاحنة كبيرة , وعندما بدءوا بإزالة الأحجار والأحذية عنها , ليسهل ربطها ورفعها فوق الشاحنة , ارتفع الصوت مرة أخرى , كان هذه المرة أعلى من ذي قبل , أخذ الصوت فى الارتفاع حتى أن بعضهم ظن أنه قد أصيب بالصمم من شدته , راقبوها وهى تبتعد , أغلقوا الشبابيك , وعادوا إلى عاداتهم , عندما أنزلوها من فوق الشاحنة , أخذ صوتها في الارتفاع أكثر , حتى أنه كان يصل إلى بدايات العمران .

في المساء , فتحت الشبابيك مرة أخرى ليتأكدوا من أنها قد اختفت , فقد عاد الصوت مرة أخرى أقوى مما كان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شاعر وقاص مصري 






مقالات من نفس القسم

تراب الحكايات
موقع الكتابة

خلخال