بُرتقالي ..

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

مروى علي الدين

سقط الطلاء عن الحائط فعاد لوحةً أسمنتية قبيحة ..

اهتزت الجُدران للحظة ، سقطت بعدها المُلصقات المُلونة تباعًا ، فالجُدران لا تحتمل الحرارة مدى الحياة ، ولا ترتدى حتى الطلاء بلونٍ خفيفٍ للأبد !

كيف يتردد الصوت في الأماكن الضيقة ؟

ما الفرق بين سماع الصوت حين يشق السكون في المرة الأولى ، وانعكاسه في المرة الثانية حين نسمع صداه ؟

هل تثق في الحب ؟

مثله مثل الشمس .. يبعث الحرارة في الجسد .

الشمس البُرتقالية تغيب ؛ كذلك مهما كنت تثق في جسدك فهذه المُضغة تحت كتفك الأيسر خائنة !

والعالم كذلك لا يرقد في القاع ، ولا فوق السطح ، ولا قُرب الشاطئ ..

العالم يتسلل إلى عيوننا وآذاننا ورئتينا كهمس الحقول مع بدايات شهر أكتوبر – هذا الشهر الذي يبدأ بعد يجيئ اليوم الخامس فيه – كدُمية بيضاء ترقد فوق صفحة الماء ، ساقيها في وضع اليوجا ، تُرفرف بكفيها مُغمضة العينين ، وتُحرك رأسها يُمنةً ويُسرى ..

تلك الدُمية تُغلق عينيها في حوارٍ صامتٍ مع ضوء الشمس بدءًا من اليوم السادس وحتى اليوم العاشر من الشهر ، حيث سقط المطرُ خفيفًا طيلة الليل ، وفي النهار تبدو السماء كعروسٍ تستقبل الصباح في أيام الزواج الأولى ..

تمامًا كما يكون الحب أول مرة ، والحب من أول نظرة ، حين يكون الحب جميل جدًا بلا تاريخ ؛ فنحن لا نعرف عن بعضنا البعض سوى العيون ، وكل شيء يُبنى على المُلاحظة ، والذكريات مُجرد لوحات سيريالية ، خطوطها رفيعة ، لكن ؛ ألوانها بدرجات الأحمر ، والخلفية زرقاء ، والشارع في اللوحة مرسومٌ بلون السماء والبحر ، والدمية البيضاء لم تتحسس من أشعة الشمس ، فلا هي تشعر بحرارتها ولا تُميز الفارق بينها وبين ملمس رذاذ المطر ، وقطرات الموج ..

الدمية فجأة شعرت بالبرد ؛ وترتجف . حاولت أن تُخفي جسدها العاري قليلًا أسفل السطح ، يصدر عنها سعال خفيف . تمسح ذرات الماء الطائشة من فوق وجهها . تفتح عينيها . تنظُر نحو الشمس فتجدها هي نفسها ، لم يختلف في استدارتها شيء ، ولونها البُرتقالي كما هو ، ولا زالت بعيدة . لكن الجو بارد ، فهل تحركت الشمس وصارت أبعد ؟!

البنايات تميل . السُحب هُناك وكل البنايات تغيب .. اللون الأزرق خفيف ، والأصفر خفيف ، والأحمر خفيف لكن الغالب أزرق . الشمس هكذا تغيب ..

تعتدل الدُمية في جلستها فوق الماء ، تفرد ساقيها وتُرفرف . ترفض أن تغيب الشمس ، تُرى هل غابت الشمس قبل هذه اللحظة في الليالي التي سبقت المطر؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قاصّة مصرية

 من مجموعة "جاليريا" تصدر قريبًا عن دار العين 






مقالات من نفس القسم

تشكيل
تراب الحكايات
موقع الكتابة

قلب