كان الأمر عادياً لرجل وصل إلى منتصف الستينيات دون رعشة في العالم .. لكن الزهايمر صار أجمل وأنقى حين بدأ مع ابنه الذي لم يكمل الأربعين؛ إذ لم يتوقف عند هوس الاحتفاظ بالأكياس المستعملة التي ستظل فارغة بل أصبح أشرس همومه الوجودية عجزه عن تفسير كيف يمكن للبشر الاستمرار في الحياة دون جمع الأكياس المستعملة التي ستظل فارغة .. ربما حصل على قدر من العزاء حين جاءته طفلته ذات الأربع سنوات بكيس الساندوتشات الفارغ من الحضانة وقالت له أنها احتفظت به من أجله، وأنها ستفعل ذلك كل يوم .. لم يكن في عينيها عاطفة تقليدية لإبنة تريد إسعاد أبيها، أو استيعاب مبكر لضرورة الحفاظ على إرث العائلة بل إيمان حصين بأنه سيكسب في النهاية.
_________________________________________
من المجموعة القصصية (دون أن يصل إلى الأورجازم الأخير) ـ مؤسسة المعبر الثقافي 2015