حوار مع الشاعرة الأرجنتينية أليخاندرا بيثارنيك

أليخاندرا بيثارنيك
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

حوار وكتابة: أسعد الجبوري

عندما هبط بنا ذلك الطائر الخرافي إلى المنطقة المتفق عليها لإجراء هذا الحوار، لم نجد أحداً بانتظارنا على ضفاف نهر الزبرجد.كانت الطيور تغطي المكان، فيما وجدنا مركباً مهملاً تتقاذفه الأمواح هناك.
وما هي إلا لحظات، حتى انشقت الأرض في تلك اللحظات،لتخرج علينا الشاعر الأرجنتينة أليخاندرا بيثارنيك (29 أبريل 1936 – 25 سبتمبر 1972) مع مجموعة من حيوانات ((التيفارو )) الشبيه بالزرافات،ولكن بفارق واحد،إنها أشد قصراً وحجماً من الحيوانات الموجودة على الأرض الأفريقية.
كانت الشاعرة أليخاندرا بقميص من الموسلين الأسود الشفاف مع بَنْطلون قصير من الجينز يمتدّ للرُّكبة بحزام عريض من الجلد.
كان موكبها رهيباً ومدهشاً. فكلما تقدم منا الشاعرةُ خطوةً،شعرنا بالرهبة من ذلك الاستعراض.إلا أن الأمر يستمر طويلاً،عندما استلم سائس تلك الحيوانات،وأبعدها عن كراسي الخشب المنتشرة على ضفاف ذلك النهر.هناك تبادلنا التحيات مع الشاعرة أليخاندرا وجلسنا متقابلين لنبدأ بالحوار من نقطة الصفر. قلنا لها :

س:متى تنضجُ تربةُ الشاعر في الوجود برأي أليخاندرا؟
ج/لا أظن أن نضجاً يتحقق لشاعر ما في حياته أو مماته أيضاً.فتربةُ الشاعرِ مُصَاصَةٌ للمعادن ولا تشبع حتى الأبد.
س:إذا اعتبرنا أن تربة الشاعر لا تنضج في حياته،فلمَ الاعتقاد بأنها ستنال العوائق ذاتها في حالة وفاته؟
ج/لأن الشاعر أرضُ المنافي،ولذلك ستبقى تربته شريكة بالتفاعل مع مختلف الفلزات.لا يمكن للشعر التخلي عن مصادر نضوجه،لا على الأرض،ولا في الفراغ الفضائي.
س:هل كلّ ذلك من أجل تخصيب اللغة؟
ج/لا.ليس لذلك علاقة مباشرة باللغة،وإنما بجسور الآلام التي تربط ما بين الكلمات وظلالها اللغوية.
س:هل تتألم الكلمات برأي أليخاندرا؟
ج/نعم.وهي تتحسسُ تلك الآلام أكثر من حامليها في أحايين كثيرة.
س:هل بدأت أليخاندرا مسيرتها مع تلك الآلام منذ طفولتها الصعبة في بوينس أيرس؟
ج/أظنُ ذلك.فمن التلعثم بالنطق إلى غزو حب الشباب لوجهي، وصعوداً إلى الوزن الزائد والإدمان على العقاقير وفقدان النوم،بدأ مسلسل التَعْقِيدات يفتح للآلام بوابات جسدي بالتدريج.
س:ولكن تلك التعقيدات سرعان ما دفعت بك إلى دراسة الفلسفة واللغة في جامعة بوينس أيرس.هل نجحت بمشروع مستقل لتحليل عوالمك المعقدة على سبيل المثال؟
ج/بالعكس.هجرتُ الفلسفة وغادرتُ الجامعة دون الحصول على شهادة حتى،وذلك من اجل الانضمام إلى دراسة فن الرسم والصحافة والشعر والجنون،ومن بعد ذلك مغادرة الأرجنتين إلى فرنسا.
س:من أجل الانفتاح على عصر جديد للثقافة والألم؟
ج/كل ذلك كان صحيحاً.فقد اندفعتْ أجنحتي لتطير فوق سماء باريس بكثافة غير متوقعة،لتتأمل وتكتب الشعر بحبر الكآبة.
س:ولمَ تعتقدين الكآبة حبراً عظيماً؟!
ج/ما قصدته هو الحبر الأعظم للديانات قبل حبر الفاتيكان وبقية محابر الأديان الأخرى التي لا تعترف بالبشر،إلا قطعاناً للانحناء وتكريس الطاعة العمياء لمقامات أولئك الذين يدعون تمثيل الله على الأرض!!
س:وهل كنت ضد الدين؟
ج/لم أجد على الأرض ديانة تليقُ بتمثيل ممولها الإلهي الذي يجلس على العرش فوق.
س:هل كنت شيوعية كاملة الإلحاد؟
ج/لا.لم أكن مهتماً بالأوراق المقدسة،أو مشغولاً بالغبار الإيماني المتطاير فوق رؤوس الشعوب.كنت امرأة بالقدر الكافي من الروايات والقصائد والنظريات التي سبق لها وان تدخلت بمعالجة الأرواح الهائمة في طقوس التيه.
س: قيل أنك جعلت من انخراطك بشعر رامبو و ستيفان مالارميه ونجوم السوريالية حديقتك النفسية التي تبزغ فيها أزاهير شر بودلير مراكب رامبو السكرانة.
ج/كنت أحمل صندوقاً احتياطياً للكلمات،ما أن يسقط الليلُ على غرفتي النفسية،حتى يبدأ النزاع ما بين شعر الخارج المنشور بطبعات مختلفة،وما بين شعري الذي كنت أدوّنه على ثيابي وقصاصات الورق التي تتضمنُ تألق الوحدة حتى في أعالي درجات العدم.
س/من أين كانت تأتيك موجات الكآبة.من الشعر التواق للانغماس بالفلسفة، أم من الحب المغرم باحتلال غرفة في اللغة؟
ج/لو كنت أعرفُ مصدرها،ومن أين تنبعُ بالضبط،لقمتُ برَدَمتها بأحجار جبال العالم،وتفرغتُ لمشاهدة موتها،وأنا جالسةٌ على كرسي الضحك.
س:أنتِ تقصدين إنه لو حدث لك شيء من ذلك القبيل،لكنت تخلصتِ من السوداوية التي كانت تفيض من جحيمك الداخلي يا أليخاندرا؟
ج/ لم يكن ذلك هدفي بالضبط، وإنما أردتُ قول،أن الخوف والعزلة وارتعاش القلب، ستتحدُ ذات يوم في رأسي،لتكتب شعراً بنبض خاص، وخارج السياقات المتعارف عليه في الحياة العامة.
س: هل تم ذلك من خلال القفز بالمظلة السريالية على أرض المخيّلة؟
ج/أجل.فشعري لم يستعمل أقدامهُ قط.
س: هل كان يهتدي بخارطة طريق في اللغة على سبيل المثال؟
ج/لا.ولكنني جهزتهُ برادار شبه دقيق،تستطيعُ من خلاله الكلماتُ تحديد مواضع المعاني في مناطق اللغة المأهولة.
س: وهل ثمة مناطق جرداء وغير مأهولة بالسكان في الشعر؟
ج/بالتأكيد.فالشعر ليس منطقة أو ماركة واحدة،ولا بمقاس محدد ووحيد.
س: هل الشعرُ حرثٌ بورق اللغة؟
ج/هذا ما كنت اعتقدهُ بالضبط.فتربة النفس،كانت عندي بمثابة الممول الوحيد للانبعاث الحيويّ للكلمات،وهي أثمنُ من التراب الذي قيل إن الشعراء يُخلَقون منه.
س: هل كانت السريالية هي الحل المبكر لتشكلّك الشعري على سبيل المثال يا أليخاندرا؟
ج/ربما.فقد بدأت حشراتها بالتسلل إلى رأسي مبكراً،لتجعل من عقلي وسادةً لمختلف أعمالها القذرة في الحياة.
س: بما فيها التأليف الشعري الذي كنت تمارسيه بكتابة القصائد؟
ج/لا.ولكن رائحة السريالية كانت تغطي الجزء الأعظم من مناطق حياتي الخاصة.
س:ماذا تعني بالتغطية؟!
ج/أعني إنها كانت تعصف بدماغي،بحيث أفقد السيطرة على المخلوقات الشعرية التي كانت تتطاير من نافوخي في الليل.
س: وفي النهار.ما الذي كان يحدث لقصائدك؟
ج/كنت أتركها على الرصيف المقابل للمقهى الذي كنت أرتاده، ومن خلف الزجاج،كنت أراقب حركات شعري بين المارّة.
س: لماذا تتركينها على الرصيف يا أليخاندرا؟
ج/لأستدل على نفسي بالضبط.
س:وهل كنت ضائعةً؟
ج/ما من شاعر مهم أو على قائمة الاستثنائيين،ويملك بوصلة طريق.كلهم ضائعون.وكلنا نجوب في صحارى هاوية النفس السرمدية بلذّة لا تقاوم.
س: لماذا الإصرار على وجود هذه المتلازمة شبه المرضية ما بين الشعر وما بين التيه؟!!
ج/يمكنك طرح هذا السؤال على السيد جلجامش.
س: هل التقيتِ به هنا، فتعلّمتِ منه أسرار الخلود؟
ج/لا. فقد كان جلجامش مشغولاً بلعبة النرد مع الشاعر الأموي (( وضاح اليمن )) في غرفة التداعيات الحمراء.
س: وهل ما زال شاعر الغزل الأموي وضاحُ وسيماً بعدما مات مقتولاً بأمر من الخليفة الوليد بن عبد الملك؟
ج/أجل.وضاح ما زال جميلاً ويعيش مع ((أم البنين بنت عبد العزيز )) في بساتين القمر الواقعة بعد تلال السيقان القريبة من هنا،وقد اندمجا بجسد واحد.أنا وإياه نلتقي،هو يحدثني عن النساءات اللاتي كنّ بحياته يوم كان على الأرض،وأنا أحكي له بالبكاء على أنكيدو.
س: هل تؤمنين بقتل الشعراء؟
ج/أبداً لا.
س: ولمَ فعلتِ ذلك بنفسك حينما انتحرتِ؟!!
ج/انتحاري لم يكن قتلاً لنفسي،بقدر ما كان انتشالاً لروحي التي كانت مَطمورة تحت الحطام.تلك كل القصة بالضبط.
س:تقصدين إن انتحاركِ كان من أجل رفع الأنقاض عن روحك فقط لا غير؟!!
ج/بالضبط. فقد كان الانتحار نقلة نوعية شجاعة باتجاه الحياة الأخرى.
س:هل تؤمنين بالحياة الآخرة. هذا أولاً،ثم ما الفرق ما بين الحياتين حسب إدراك أليخاندرا لذلك؟
ج/أنا مؤمنة بتلك الحياة الفضائية.إما الفرق ما بين الحياتين،فذلك يعني برأيي أن الحياة الأولى كانت خلاط آلام،فيما الثانية،تحررُ المخلوقات من العذاب.
س:والجحيم الذي جاء موصوفاً في الكتب السماوية،ألا تخشين منه؟
ج/لم أر شيئاً من ذلك بعد.فهنا الرحمةُ مبثوثةً في الهواء العطري للفضاءات السماوية.والشعر لم يكن جريمة موصوفة أو كاملة كما هو موجود في السجلات النقدية أو الفتاوى المتعصبة لموسوعات الظلام المضادّة للجماليات.
س:ما الذي كان يزدحمُ بقلبك :الحبُ أم الموت؟
ج/كان قلبي محجوباً عن الحب تماماً.
س:لمَ جرى ذلك برأي أليخاندرا؟
ج/ربما كان مرّدُ ذلك موجات الجراد التي لم تشبع من التهام قلبي،فتركتني في زاوية ميتة بين جدران أربعة:جدار الخوف.جدار اليأس.جدار اليباس.وجدار اللامعنى.
س:كيف كنت تتفاعلين مع تلك الجدران؟
ج/ بالرضوخ إلى حمل الشعر كجنازة،و المشي وراءها على وقع أناشيد المآتم الكبرى في برزخ الأبدية.
س:ولكنك لم تجربي الموت قبل الانتحار؟
ج/ليس ذلك مهماً.فثمة ملايين من المخلوقات،يكتشفون موتهم قبل حدوث التوقف الكامل لأجهزة الجسم.
س:هل الموت برأي أليخاندرا حلقات؟
ج/بالضبط.فهو ليس تحولاً نحو الفناء وحسب،بل استدانة عمر جديد.
س:ومن أين يستمد الموتى تلك الكهرباء الجديدة، لإنارة مصابيح حواسهم المطفأة بعد الموت؟
ج/من الموت نفسه.
س:وهل للموت مولدات لإنتاج الطاقة؟
ج/عندما يَدمِجُ الشعرُ أجساد الإناث بأجساد الذكور،ويبدأ الاحتكاكُ والمحاكاة ما بين الطرفين،تتكوّن فاعلية النور،فيشع ليملأ الأكوان.وتلك ميزة تُحسب للموت.فهو يطفئ الأجساد الضعيفة،ليبدأ بتحريكها ضمن قدراته الاستثنائية.
س: بعضهم قال بأنك كنت تميلين لجملة ديلان توماس: “أريد أن أمزِّق لحمي”. ما مدى صحة ذلك؟
ج/سبق وان فعلتُ أكثر من ذلك يوم كنتُ على تلك الأرض القديمة.فأنا لم أمزق لحمي وحسب،بل حطمت جميع ماكينات الأحلام التي كانت تعمل في جسدي،وذلك للتخلص من مضار أعمالها الأوتوماتيكية.
س:أين تعيش الأحلام قي جسم الشاعرة برأي أليخاندرا؟
ج/في القدمين.تولد الأحلام في القدم اليسري من جهة القلب،ثم تسحقها القدمُ اليمنى وتركها حطاماً نحو الهاوية.
س:والدماغ.أليس مستودعاً للأحلام؟
ج/هو كذلك.ولكنه لا يسعى للحصول عليها دون السعي وراءها بالقدمين.كان الركضُ بالشعلة الأولمبية هو المسار الذي لم يصل إليه أحدٌ بعد،ما دامت الشعلة تتنقلُ من كف إلى آخر.
س: من أي نوع من المعادن كان الخوف الذي استوطن جسدك على تلك الأرض؟
ج/لا أعرف بالضبط.ولكنني كنتُ أحسُ بخوفي كتلال من ريش غربان،وهي تنتقل من حاسة لأخرى.
س:ولم يكن بالإمكان التخلص من تلك المخاوف أو التمرد عليها؟
ج/لم يتركني الشعرُ لأفعل ذلك.
س:لماذا؟
ج/لأنه كان يتلذذُ بمخاوفي ويعيش على شجرة الكآبة التي تفرز المطاط في باطني،تارةً لاشتعل بها،ومرة أخرى لأنام تحتها كجذع من الحجر.
س: هل كانت الرسائل المتبادلة ما بينك وبين طبيبك النفسي (ليون استروف) محاولة للخروج من ظلمة النفس؟
ج/لا أدرك حقيقة ذلك.ولكن تلك المراسلات كانت بمثابة فتح شق في الجسد،وإطلاق كميات من الغبار الأسود المُرّ والمرير،وذلك من أجل تفريغ أعماقي الباطنية من شحنات الخراب.
س:وهل كانت وجهة نظر طبيبك النفسي، تتطابق مع تلك الأفكار التي كانت تزدحم برأسك على سبيل المثال؟
ج/كانت الطبيب ينصح ويرشد ويكتب ديباجات تحثني للانتقال من الأسود إلى الرمادي خطوة خطوة.ولكنني كنت اشعر بأنه غير قادر على انتزاعي من نفسي المحطمة التي كنت أغوص فيها بجوف بحيرة من الشِعر المؤلم المتألم الذي كان يدفع بي نحو كراهية روحي.
س:كنت في أزمة اغتراب مع وجودك المادي على الأرض. هل كان ذلك بسبب أزمة عاطفية في الحب،أم تتويج لثقافة اليأس التي أدخلت نفسك بين طبقاتها،فاختنقت؟
ج/بالضبط.كنت آنذاك في قاع الباطن المعتم،ألتمس مخلوقاتي المحطمة في القاع وأبكي من ضيق وقتي الذي كان يتسرب من شقوق جسدي المتناثرة في كل مكان.
س:يبدو إنك كنت مصرة على رفض الحياة.أليس كذلك يا أليخاندرا؟
ج/ جميل أن تتشرد الشاعرة ُ في جسدها،ولا تبحث عن مكان لائق لإقامتها،مادام الجحيم موجوداً في الأفق البعيد الذي يمكن الوصول إليه بالموت.
س:هل لأن الموت أرخص الأثمان من الموجودات الأخرى؟
ج/طبعاً.فرحلة في الموت،ارخصُ من أية رحلة في باص.فالأخير قد يتعطل ولا يصل إلى المحطة الأخيرة،ولكن الموت يصل ويوصلك إلى مختلف المحطات وبالمجان.
س:وأيهما الأمتع برأيك؟
ج/ إذا حصل للباص حادثٌ ونجوت من كارثة كانت محققة،فأنك ستقاد داخل عربة الإسعاف إلى أقرب مستشفى كأية ذبيحة مضرجة بالدم،وهناك ترى الجرحى والموتى وأدوات خياطة الجروح والضمادات والأدوية الخانقة،فيما لا يريكَ الموتُ شيئاً من المزعجات تلك.يُقدمك للعدم،وأنت بلا آلام أو جراح أو صراخ.
س:كم عدد الأشباح التي تستأنسين بها في عوالمك؟
ج/أشباحي يتغيرون بشكل يومي، مستبدلين حالاتهم من الكآبة إلى العصاب إلى الغيبوبة الجنسية المؤقتة إلى الشعور بالاتحاد مع الآخرين من نماذج رامبو وبودلير وكافكا ودوستوفيسكي وجورج باطاي.
س:كيف كانوا يتغيرون.بفعل الكحول؟
. ج/أجل.فلم أجد عند الآخرين قوةً شرائية لتمويل ذهني بكتابة سوى الكحول والتبغ والحنين إلى العدم.ولولا تلك المادة السحرية المحاطة بغلاف الدخان،كنت أصبتُ بنكبة مبكرة،ولم أكتب مؤلفاتي كلها: صدر لها: البلد الأغرب (1955)، والبراءة الأخيرة (1956)، والمغامرات الضائعة (1958)، وشجرة ديانا (1962)، وأعمال وليالٍ (1965)، واستخلاص حجر الجنون (1968)، وجحيم موسيقيّ (1971)، والكونتيسّة الدمويّة ) (1971).).
س: وبعد ذلك جاء دور جرعة ((سيكوباربيتال الصوديوم)) الزائدة من أجل أن ترسلي جسدك في الرحلة الأبدية.أليس كذلك؟
ج/نعم.لقد أنهى انتحاري بتلك المادة جميع اختباراتي بالوجود الأول.
س:تقصدين إنه حررك من جاذبية الأرض؟
ج/وجاذبية الحزن الذي كان توأمي بين الناس والأوراق وزجاجات الكحول وعلب التبغ وأكوام محارم الكلينكس تحت السرير ومن ريش الخوف وجنازات الأحلام التي كانت تعبر رأسي يومياً إلى الجنائن المعلّقة بالتخوم.
س:وما الذي تفعلينه الآن في السموات.هل حصلت على عمل؟
ج/أجل.فقد تم قبولي مُدَلّكة خاصةً للمسرحي صموئيل بكيت.لذا سأكون عنده بعد قليل.فهو ينتظرني الآن،مثلما انتظر غودوت في قديم الزمان.

مقالات من نفس القسم