محمود سيف الدين
مرآةٌ جديدةٌ لإديث بياف
لأنَّ يَدَ الرَّبيعِ مَغلُولةٌ إلىَ عُنقِهِ
الأيامُ البذيئةَ تمرُّ من الفتنةِ إلىَ الهَمَجِيَّةِ
وَالأغْنِيَةُ تَنهَارُ بَينَ يَديْنا فِي شِتَاءٍ مَا
المُسعِفُونَ دَائمًا فِي الطَّريِقِ
لكنَّهُم لا يَصِلُوُنَ
قلبَانِ فِي نَحِيبٍ يَختَلِطُ مَعَ ا طَملَرِ
هَمْسُ نَاءٍ وبكاءٌ نَحِيلٌ
وَقتٌ يتقلّصُ
حَيثُمَا نَذهَبُ هُنَاكَ طَوقٌ لأَلعَابِ الهَوَاءِ المَجنُونَةِ
ونَحنُ حَللنَا بهَيئَةٍ تَلعَبُ عَلَىَ صَخرَةِ اللوْنِ
مُوسِيقَى أخرَىَ
الأيَّامُ التِي لا نَعرِفُ سِوَاهَا
تُشبهُ فرصةً أخيرةً للوقوفِ علىَ المَسرَحِ
الحَياةُ ورديّةٌ في الزِّحَامِ المُتلاش
الطبيعةُ لا تكفُّ عن الثرثرةِ
الفوضى جُرحٌ هادئٌ في القلبِ
أوَدُّ لو أبصقُ قلبي مرةً
صرخةٌ مُجَرَّدَةً
كأنَّ المَدِينةَ ربّةُ الحَربِ
سهمٌ في قبضةٍ هُلامِيَّةٍ
لمَاذا إذًا..
نَعتَنِي بالشَّمسِ البَعِيدَةِ عنْ أطرافِ أصَابِعِنَا
عَجينةُ الحبِّ نحنُ والشوارعُ تخبزُ عُيونَنَا
الحبُ الذي نجهلُ ضيَّعَنا
لم يُكلِّف خَاطِرًا واحِدًا للمُخَاطَرةِ
انْحِنَاءَةُ الطريقِ كاسْتِوَائِهَا
المُجونُ والظُّنونُ
إنها الأرضُ التِي نَظَرَتْ فِي مِرآتِهَا طَوِيل
وشَاهَدتْ فِي كلِّ مرةٍ
شبحًا جميل “إديثْ بياف”
عينًا شَاخِصَةً.. وحَنجَرةً
…………………………….
ضوءٌ مبهم في كراسة الرسم
مِنْ شِدَّةِ الحُزنِ تكونُ أقوَىَ..
وتَسْألُ أسئلةً بريئة..
كأنَك طفلُ يَتَحَسَّسُ لتوّه
عَاقِبَةَ الأَحلاَمِ النقيّةِ :
الأوَليَاءُ الذَينَ تَسَرَّبُوا فَي شَهقَةِ الضَّوءِ
هَلْ نَامُوا هَادِئينَ؟
المَجَاذيبُ الذِينَ يَضحَكونَ أمَامَنَا
فِي مَمَرَّاتِ البردِ
هل يَضحَكونَ؟
القمرُ الذِي طوّقتَ به صَفحَةَ الرَّسمِ
وتَركتُهَا فَارِغةً لوَقتِ حَاجَةٍ
لماذا يتهدلُ الآنَ
حزينًا.. وبهيًّا.. ومُلهم
…………………………….
نَمشِي بأحذِيَةِ قلوُبِنَا
لمْ يَكنْ قتلاً فِي سَبيلِ الرِّبحِ
بِقَدرِ مَا هوَ طَقسٌ بَشِري
مِثل أنْ نُحبطَ فِكرَةً
كقراصنةٍ صغارٍ
نُكسرُّ أجنِحَتَهَا عَلى عَتَبةِ قَاعَةِ الرَّقصِ
فلا تجد مَا تَقتَاتُ عليه فوقَ رَصِيفِ الألوَانِ
ثمةُ أشباحٌ فحَسبُ..
تنَامُ فَوقَ أطرَافِ أصَابعِهَا
وبَائِعَةُ وَردٍ تُعَلقُ أطوَاقَ القَصَائدِ
فِي رَقبَةِ الطَّريقِ
ونَحنُ نَمشِي بأحذِيَةِ قلوُبِنَا
لا نَرَى، لا نَسمعُ
لا نُغَنِّي
…………………………….
عرقٌ صافٍ يتصببُ من لحمِ الكلام
نصفِ قمرٍ يسبحُ في رئةِ غيمةٍ
على بابِ فصلٍ مَجهُولٍ
تَهبِطُ كمَلائكةٍ
تتخففُ منْ حَقَائِبِ سَفرٍ
لا تَحتَفِظُ بزَوبَعَةِ الحَيَاةِ الفَاتِنَةِ لنَفسِكَ
كانَ بوُسعِكَ أن تُدخّنَ شَرَايِينَكَ المُنتَفِخَةَ
كلَّما اشْتَدَّ وتَرُ الحِكَايةِ
وأوشَكتْ أنْ طُمتِرَ خَبِيئَةَ الحَجرِ الجَسُور
ستصلُ إلى دخانِ المستنقعِ
لكنَّكَ تَسبَحُ للأبَدِ
لا أرصِفَةَ تُصَافِحُ قِطَارَكَ الدَّاكِنَ الوَردِيَّ
لا أسوارَ تُقيمُها السَّاعاَتُ المتَتَاليةُ وأنتَ هُنَاكِ
الزِّحامٌ يأكلُ بعضَه
لأجلِ فكرةٍ تَر فَجتُ برِقَّةٍ مُتَنَاهِيَةٍ
كأنَّ عَرقًا صَافيًا يَتَسرَّبُ مِن لحمِ الكَلامِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر مصري،
صادر مؤخرًا عن سلسلة الإبداع العربي، الهيئة العامة للكتاب