( لأجل الطفل البرىء الساكن عمقى .. أنقذيه قبل أن يموت عطشًا لشلال البراءة فى صدرك وعينيك )
قلبها ملىء بأطفال، حيوانات أليفة، شموع برائحة الفاكهة، وأعمار قصيرة تنتهى وتبدأ بسرعة من جديد بشكل أكثر سعادة، كلما مددتُ يدى الخائفة لأكتشفها لسعت أناملى بأطراف أصابعها كأنى طفل يضع يده فى النار ..
:إبعد ..
” قلوب ” .. جارتى التى تمر من أمامى مع كل صباحات عمرى، أعمل بجانبها فى مصنع الحلوى الصغير، أقف معها وهى تلبس قطع الحلوى فساتينًا ملونة.. أناملها تقطر دقائق حلوة، ألملمها من تحت أصابعها قبل أن تلمس الأرض، ألصقها معا بحبات السكر وأضيفها لعمرى القصير ساعات وأياما حلوة، كل ما تأخذه من عملها ليس لها عدا فستان وحيد كل عدة شهور، والبقية مبعثرة بين أخواتها والضياع .. تستطيع أن تخلق أعيادًا مفاجئة فى حياتى لو قبلت إحدى هداياى .. أحيانًا تقبلها، ودائمًا تردها، ترميها بين يدى وتجرى هاربة تاركة طفلى عطشانًا، لا تسمح لى أن أمشى معها، ترفع سبابتها فى وجهى محذرة وأنا الذى شروق وغروب عمرى وليد لحظتها .. كل يوم أحبها أكثر .. أعشقها أكثر، وأعرف أنى لن أتوقف عن حبها .. أنا جرو كل يوم الذى يترك اللعب مع أصحابه، وكل قطع العظم اللينة، يتحمل الركل والضرب، ويصعد ليرقبها تجمع الملابس أو تنشرها تحت الشمس على سطح بيتها .. قطعة منى تحت كل قطعة من ملابسها .. الماء يبلّل فستانها فيلتصق بجسمها ويقبّله .. يطيل القبلة .. يحضنه.. يطيل الحضن .. تسرح أشعة شمس الذهب /الفضة بين شرفات جسمها وستائره ووسائده وأغانيه فينعكس فى عينىّ فضاءا ورديًا يحتوينى .. يشفّ فستانها عنها ..
أشفّ لأصل إليها .. أحبها .. يااااه .. أعشقها ..
أفرح .. أبكى .. أرقص .. أغنى .. يضيع عمرى كله أو أسترده لا أعرف وأنا أتتبع فيها كل البدع الجميلة، قطرات الماء تتمشّى ببطء تحت فستانها تشرب جسمها وترويه، دمائى تتجمع فى المكان من جسمى الذى يقابل سريان الماء تحت فستانها، فلا أحيا بغير هذا الجزء منى. “قلوب” .. تمشى كثيرًا، الشوارع كلها لها، وأنا شارع كلما انتهى بدأ من جديد لأجلها، تدندن بأغنيات مثل المطر ودفء أنفاس البنات على وجوه عشاقهن، وأنا عاشقها مسحور خلفها ألملم رائحتها وأسكبها عمقى .. لو تكلّمنى تغمرنى منها رائحة أنثوية تحملنى لأعيش عمق الدفء .. عمق النور ..
تلسع أناملى وأنا أغلق أزرار صدرها المفتوح، تحرّره، تطلق طيورها للدنيا ..
أحبك يا “قلوب”.
أقف بعيدًا أهمس لنفسى بحبها، أردد اسمها بينى وبين قلبى حتى أكون قريبا جدا من البكاء .. قريبا جدا من السعادة، لا أصل وأظل معلقا لها من أغصانى، أحضن بعينىّ كل ما يتكشّف منها وهى تحضن زميلاتها، أسقط من فوق جناحيها وهى تتنقل بينهن، ألهث لأتنفس هواءها، أستحم فى نداها، أفتح نوافذ قلبى لضحكاتها وتتقطّع روحى أو تتجمّع خلفها وأنا أرجو عينيها لتمرّان علىّ ..
مشغولة عنى .. أحبها .. ياااااه .. أعشقها ..
أحب فكرة وجودها فى العالم، أحب كل ما تلمسه يداها وتمر عليه رائحتها، الشوارع المؤدية لبيتها، ملابسها القديمة، رائحة حجرتها، شكل فمها، مقاس أعضاءها، ونور عينيها، أتمناها ليلة حلالا بشروطها هى ليكون لى منها طفلاً / طفلة مثلها فأنا لا أثق بأى شىء فىّ .. أحب المساحة من العالم / الحياة التى تعيش فيها، أحب الجزء الذى يراه الآخرون غائبا من عقلها ولأجله يعتبرونها ناقصة .. أنا أحب هذا النقص .. أحب فيها مناطق النور والماء التى تهاجر إليها أسراب الطيور والأسماك وتعود منها .. أحب مشاعرها وطريقة تعبيرها عنها .. يااااه .. أعشقها .. لأنها خارج العالم وفى قلبه فى ذات الوقت.
قلبى يتدلى من صدرى لك يا “قلوب” وأتعثر به فى كل خطوة.
حاولت أن أنسيها براءتها ليلة واحدة، أساعدها لتكون مثلى، وهى دون أن تدرى كانت تساعدنى لأكون مثلها، وأنا لا أعرف ما هى .. فقط أعرف أنها حبيبتى .. أعشقها .. أراوغها ولا أجرؤ أن أخدشها، أحوّل نفسى ذئبا، فتحوّل نفسها غزالات طيبة تحاصرنى فأستسلم لها، أتحوّل مطرا فتتحوّل عدة سماوات، أنبح عليها فتسحرنى بالموسيقى، أهز ذيلى وأصير حارسها، لكنى سريعا أنام على ركبتها فتحرسنى هى ..
“قلوب” .. طوفانها الحنون يدفعنى بشدة للمجهول من عالمى، أخلع بشريّتى وجسدى خارج حدودها، أنفض الغبار عن روحى لأدخلها ..
كلما سألتها عن نورها ضحكت وتركتنى ضائعا فى حبى لها .. حبى لها ..
سألتها عن الحب .. ابتسمت وأغلقت عينيها لحظة وهى ترشق أهدابهما الطويلة فى عمقى (أعتقد أنها لم تتعمد أن ترشق شيئا فى قلبى، أنا من يضع كل أشيائه فى طريقها وتحت تصرفها) .. قالت من قلبها
:الله .. الله ..
فتحت عينيها فرأيت الراحة .. لا أعرف إن كانت تقصد أن الله هو الحب .. أنها تعبر عن جمال الحب، أم تقصد أن الحب هبة من الله لقلوب عبيده ..
قالت ..
:الحب عسل ..
لا أعرف إن كانت تقصد أن الحب مثلها كما تؤكد لى عن نفسها، أم أننا نشعر بحلاوة الحب فى قلوبنا كما نشعر بحلاوة العسل على ألسنتنا ..
( لكن يا ” قلوب” قد تقتلنا حلاوة العسل / حلاوة الحب .. لا أعرف إلى أى حد تصل بهذه الحلاوة .. تقتل أم تحيى)
هل قلت أنك عطشى ومائى؟
قلبى ممتلىء بك ولا مكان فيه لقطرة واحدة جديدة؟
:والله أنا عسل .. أنا لما ادخل الحمّام واغسل شعرى
والبس فستانى باكون زىّ العسل ..
تقول لى “قلوب “.. بنورها ..
أحتار .. بطينى ….
أحبها ………… ياااااااااه .. أعشقها ..
ـــــــــــــــــــــــــ
روائي مصري