من “أوراق نوفمبر المنسية”

ahmed alashry
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أحمد العشري

بعد رحيلك،
لن يتذكَّرك أحد.
ستمرُّ صورتُكَ صُدفةً على شاشةٍ مشروخةٍ،
تُضيءُ صُدفةً حين تُلمَسُ بالخطأ،
فتطلُّ عَيْناكَ من الظلام،
وتظلُّ يَدُكَ المرفوعةُ في الصورةِ
تلوِّحُ لشيءٍ لم يعد هنا…
سيأتي أطفالٌ
يمشون في طُرقاتك القديمة،
يخطون فوق ظلِّكَ،
وعلاماتُ ضحكاتك السرية
ستختفي آثارُكَ تحتَ إسفلتٍ جديد،
لن يَعرفوا أنَّ الأرضَ تُخبِّئُ طبقاتٍ من الخطوات،
اسمُها:
أيامُكَ!
لن يَذكروا إن كنتَ تشعلُ المصابيحَ أو تُطفئها،
تبني الجسورَ أو تحرقُها،
تحملُ سكينًا أم وردة،
لن يَعرفَ أحدٌ إن كنتَ من أنقذَ طفلًا من النهر،
أو من دفَعَهُ فيه.
فالذّاكرةُ لا تَكترثُ بالمحاكمات.
صوتُكَ،
الذي كان يَتسكَّعُ في الغُرف
سيذوبُ بصَمْتٍ أوسعَ من بطونِ الملوك.
أقنعة وفساتين حبيباتِكَ التي غزوتَها ألف مرة
ستُفتحُ لأقدامٍ غريبة.
وتمرُّ رائحتُكَ على جُدرانِ كلِّ بيتٍ سكنته
لتأكلَها الرُّطوبةُ ببطء..
وفي اللحظةِ الأخيرة،
حين يُحاول العالم أن يَتذكَّرك،
سينطفئ اسمه هو،
وتَخْلو المدينةُ كلُّها.
 

مقالات من نفس القسم