مدرسة هوكي للفنون قبلة عشاق الفن التشكيلي في اوربا

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

بدل رفو

هالبن راين بلدة نمساوية صغيرة تقع في الجنوب الشرقي في إقليم شتايامارك، فبالرغم من أن عدد ساكنة البلدة لا يتجاز 1775 نسمة حسب آخر احصائية إلا انها تسيل وتقطر فناً وإبداعاً وثقافةً ويأتي إليها كبار الفنانين العالميين من كل أنحاء أوربا بالإضافة إلى مكانتها السياحية في قلب مزارع العنب والقرع، ولذا فأشهر شراب العنب وزيت القرع يتم إنتاجه في هذه المنطقة. مزارع العنب هذه على سفوح الجبال والتلال تمنح المنطقة جمالية إضافية وتضمن توافد أفواج السواح عليها على طول أيام السنة

بلدة (هالبن راين) لها مكانة كبرى خصوصا بوجود قصر(هالبن راين) التاريخي والكنيسة الكاثوليكية  فيها واللذان يمثلان قمة الفن المعماري، بالنسبة لعشاق الدراجات الهوائية فمن مدينة غراتس ولغاية البلدة والمسافة 75 كيلومترا يجدون متعة كبيرة في طريق خاص بالعجلات،تحيط البلدة في غابات جميلة ولطيفة بالقرب من مزارع العنب وهي ذات مكانة سياحية بالقرب من الينابيع المعدنية الساخنة (رادكسبورغ). لقد تمت الإشارة الأولى إلى (هالبن راين) عام 1244 من خلال قصرها التاريخي والذي يضم منتزهاً كبيراً وبحيرة ساحرة ويقع القصر في ثلاث طوابق وتسمى في المنطقة بجوهرة جنوب شرق الإقليم، وفي قلب المنتزه يقع بستان النباتات والأعشاب لعشاق النباتات. مناخ وأجواء (هالبن راين) معتدلة وذلك لموقعها بين الغابات والأسوار العالية وتكثر فيها المطاعم والحانات والحفلات الموسيقية، لكن مركز الثقل والنقطة الرئيسية في البلدة وجود الأكاديمية الصيفية العالمية للفنون التشكيلية ومدرسة(هوكي).

هدف الأكاديمية العالمية هو التقاء الفنون والحضارات والشعوب والثقافات بين الفنانين والناس من المبتدئين والمحترفين وتكون فرصة في تلقي فنون الرسم التشكيلي على أيدي عباقرة الفن التشكيلي ومن أجل تطوير وخلق طاقات إبداعية وتنميتها بطرق التعبير عنها. في زيارة خاصة وبدعوة من فنانة وشاعرة نمساوية (بربارا كاتز) لزيارة المعرض التشكيلي بمناسبة انتهاء الدورة التدريبية وعرض أعمال المشاركين والمشاركات وخلال تواجدي في البلدة وفي سياحة في المناطق الجبلية وغابات النمسا زرت المعرض التشكيلي في إحدى ملاحق القصر والذي كان يوما ما مخزناً للحنطة والشعير واليوم صار مكاناً وملاذاً آمناً لأشهر الفنانين من جميع أنحاء أوربا

حيث يقام في هذا الملحق دورات تدريبية (كورسات) لمدة أسبوع أو أسبوعين برعاية أمهر الفنانين التشكيليين ويتم تدريب المهارات الفردية لكل المشاركين في هذه الدورات بدرجة عالية من الكفاءة. خلال جولتي في ملاحق ومراسم الدورات التدريبية وجدتها كبيرة وفيها كل الاحتياجات وحتى ركن للمطبخ والاستراحة وصالات المرسم تقع في منتزه القصر. المعرض التشكيلي عرض أعمال 32 مشاركا ومشاركة من جميع أنحاء أوربا وتم توزيع الشهادات التقديرية أما المشرف الذي أبهرني بكبريائه وقوته وصراعه مع الوجع الإنساني هو البروفيسور(كيسلبيرغ هوكي) وقد سميت المدرسة باسمه (مدرسة هوكي)العالمية البالغ من العمر 87 عاما وقد فقد ذراعه اليمنى في سن السابعة عشرة وبذراع واحد تمكن أن يسجل اسمه في التاريخ الإنساني النمساوي بالرغم من انه لم يولد في النمسا ولكن النمسا احتضنته مع إبداعاته وأما موضوع الكورس الذي أشرف عليه فكان الخطوط وعالم الخطوط؛ الهدف غير المرئي في الخط والعوالم التي تكمن بين الخطوط البسيطة وانبهار الصورة وسحرها وغاية الجميع من تعلم الخطوط وترويض اللوحة. للفنان(هوكي)إبداعات كثيرة وكتب وشهادات عالمية ودورات كثيرة. حدثتني الفنانة السويسرية(كريستينا) والبالغة من العمر 77 عاما بأنها المرة الثامنة التي تزور هذا الكورس في هذه الأكاديمية وارى بأن هناك تطوراً باندماجي مع الخط وسحره في اللوحة. أما الشاعرة والرسامة النمساوية (بربارا كاتز) قالت : مزجت حروفا شرقية مع خطوط لوحتي ولأني أعشق الشرق أحببت أن تكون لوحتي لها نكهة خاصة، وقد مدحها الفنان الكبير المساعد للبروفيسور(إيرهارد شوتزي) لحظة توزيع الشهادات على المشاركين بان (بربارا كاتز) خلقت شيئا جديداً في دورتنا إضافة الشرق إلى الخطوط.

الرسام الكبير(ايرهارد شوتزي) يسمونه في (بامبيرغ) وأماكن أخرى بالرسام القوي الساحر والمفعم بالحيوية وأعماله اندماج ما بين الشعر والإحساس والروح الرقيقة وحب الدعابة. سبق له أن حاز على جوائز كثيرة عبر مسيرته وهو من مواليد التشيك عام 1935 وقال لي بانهم يقدمون هذه الدورات حول الخطوط لأن المدارس الفنية والأكاديميات قد اهملت هذه المواضيع وخشية من الزوال وحفاظا على عالم الخطوط. كذلك على هامش المعرض تحدثت مع البروفيسور(هوكي) والمساعد(شوتزي) حول دور الفن في التقاء الحضارات واختلاط الشعوب ودارت بيننا أحاديث عن دور الفن التشكيلي وسألني عن بلادي البعيدة وكل ما يحملونه عنا من أفكار هي عن الحرب والسلاح بعيدا عن الفنون وتمكنت جاهدا أن انقل صورة جميلة ملؤها الحب والتسامح والفنون للآخر عن بلادي وبعدها تم الحديث عن اللون وقوته وتاثيره على الفنان قبل المتلقي…كذلك ألقى رئيس بلدية(هالبن راين) كلمة مقتضبة حيا فيها الجميع واحتسى نبيذه وغادر المعرض مبتسماً ويغني مع نفسه من دون حرس وضجة…طبيعة رائعة ساحرة وأكاديمية عالمية في قلب النمسا النابض.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

بدل رفو

شاعر ومترجم عراقى مقيم بالنمسا

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصور بعدسة الكاتب

ــــــــــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار