***
الهدف مجهول، لكن الخطر في الضياع،
اكتشاف انك سرت وأردت النضال،
ولم يبق في يديك سوى قبضة فارغة،
جائزة أدبية،
امرأة جميلة،
أو رجل مشغول.
***
بدلا من السمكة، العصفور، بدلا من الإجابة عن التساؤل ورائحة الأفعال المبللة، الشعر المجعد لطفل، إحساس بالاتحاد، صديق يطوق مكان المدفأة، رقصة “تانجو” بلا توقف، تلخص كل ما يدور، البؤس الجميل في أن تنتمي إلى القبيلة البشرية.
***
لا رسالة للخطاب، يا أخي،
كل الخرائط تكذب عدا خريطة القلب،
لكن أين الشمال في ذلك القلب الملتف بهموم الحياة،
أين الغرب،
أين الجنوب، أين الجنوب في ذلك القلب المحزون بالموت.
المبحر بين كلاب موحدة الزي،
وساعات العمل المكتبية، بين قصص حب كاذبة، وصراعات تتداولها البطاقات البلاستيكية،
أين الطريق المؤدي إلى “كاتماندو”،
إلى شانغهاي بلا عودة،
أين الجنوب الطليق،
الطليق من رياح الشاطئ
ورماد اليورانيوم.
***
لا قيمة لموتك في موعده، لا شيء هناك في الخلاء.
تلك الأماكن لا تكاد تصلح لشيء، والمرشد الأزرق.
المكان سمكة سرية، المكان
يدخلك في سحابات الكوابيس المعتمة،
(أين المكان) صديق راحل
أم امرأة ضائعة على الجانب الآخر من الأنهار والضباب،
تدخلك في الخطيئة شيئا فشيئا،
في الخيانة أو الخنوع،
عندما تنطلق من المستنقع بصرخة تلقيك إلى الجانب الآخر،
تساؤل المكان يكون هناك،
كان هناك مقابلا مطلقا
يضيء لك الطريق،
ليرشد تلك الكف التي تبحث الآن عن كأس ماء ومهديء.
***
المكان يوجد هنا، الخريطة تضم الطرق المرتعدة بالغثيان الذي يعتريك حتى الحلق، خريطة القلب العصي، نقطة الوصول مكافأة الضياع.
***
الصلاة أيضا جنوب القلب،
القلب المحاصر بالهواتف وصفحات الصحف الأولى،
المحاصر بالعادي
ترغب في الذهاب، ترغب في الفرار،
أنت تعرف انه من الممكن البدء من أي شيء،
علبة كبريت،
ضربة ريح على سطح،
المعمل رقم 3 بشارع اسكريابين،
الوصول لا تعرف منتهاه،
الوصول مكافأة،
حينها، تلتقي عيناك أحيانا
مؤخرة فتاة تسرع بالدراجة،
تراها من الخلف تبتعد في الطريق.
(في غران فيا، كنجز روود، لا افينو دي واغرن،
طريق تحيطه الأشجار، تحيطه المرتفعات؟)
يافعة وجميلة، تراها تصعد من الخلف،
يصغر حجمها، تنزلق عبر البعد الثالث والرحيل.
***
تتساءل إن كانت وصلت، خرجت لتصل،
خرجت لأنها تريد أن تصل،
ينتابك الخوف الدائم،
الخوف من نفسك، تراها نحيلة
بيضاء على دراجة من الدخان،
تتوق للقائها،
أن تلاقيها وتستند إلى ساعدها،
تناور،
لأنك خرجت، انك تريد
الجنوب.
تشعر بالرفقة أخيرا، رفقة هناك في الأعلى
هواء نقي،
لا أوراق ولا علب فارغة
لا نفايات على الأرض،
يرتسم الصباح هناك في الوادي،
عيونا سماوية على سطح البحيرة.
نعم، يكون هذا حلمك في المكتب،
أو في السجن،
بينما يصفقون لك في صالة المسرح،
في قاعة الدرس الجامعي،
فجأة ترى الطريق الممكن
ترى الفتاة تبتعد بالدراجة،
بحار بأحماله على كتفيه،
حينها تكون الحقيقة،
أناس يظهرون،
يرحلون ليصلوا،
ضربات حمامات على سطح الوجه،
لم تلك الفتاة؟،
هناك كثيرات،
بحارة كثيرون،
لا تزال أبواب المدينة مفتوحة على مصراعيها.
***
تخفي رأسك تحت الوسادة،
هل داهمك البكاء،
أنها أشياء تُرى،
طريق الجنوب نهايته الموت.
هناك تراءت للشاعر، في هيئة أدميرال،
ترتدي مزقا، في هيئة ساحرة عجوز،
فيما الموت ضابط أو جنرال.
بلا عجلة، بهدوء، لا أحد متعجل في حلبة السباق،
لا مشانق هناك، ولا محارق،
لا أحد يدق الطبول لإعلان أحكام الإعدام،
لا أحد يضع على العيون غمامة،
لا رجال دين يرسمون الصليب
للمرأة الموثقة اليدين.
***
ينتظر الموت مختبئا في هيئة لا إنسانية،
لا أحد مسئول عن الموت،
لا أحد مسئول عن العنف.
***
إنها اتهامات فارغة ضد الاحترام
وهدوء المملكة.
***
تلك الأرض
ارض السلام،
ارض المؤتمرات الدولية،
كؤوس كرة القدم،
حيث لا يكشف الأطفال عن عري الملك في الاستعراضات،
على أغلفة الصحف،
يتحدثون عن الموت عن بعد،
يتحدثون عن الموتى عن بعد،
عن بعد تتحدث الصور والنصوص عن الموت،
تكشف عن قبح العالم،
تعفنه،
القمح، المراعي، سلام الجنوب،
حضارة المسيحية.
***
تلك أشياء لا تعرفها تلك الفتاة الفارة،
لا يبدو منها سوى ظلها،
الرغبة في لقائها، سؤالها،
التأكد من معرفتها للحقيقة،
لكن كيف اللقاء والأفق خط أحمر
واحد في مواجهة الليل،
فيما على كل صليب
رؤى كاذبة متعددة،
لا تعني أي منها سؤالا طقسيا.
***
هل هي وصلت الجنوب؟
هل يمكنك الوصل إليها يوما؟
نحن، هل نستطيع؟.
***
(يمكن البدء من أي شيء،
علبة كبريت،
الكتابة على قوائم المختفين،
ضربة ريح على سطح)
***
هل نستطيع الوصول يوما؟.
***
رحلت هي على دراجتها
كانت على مرأى البصر،
لم تدر رأسها،
لم تحد عن طريقها،
كما لو دخلت الجنوب،
رأته قذرا ومعذبا في معسكرات الجيش،
والشوارع،
لكن الجنوب،
ليس سوى أمل الجنوب.
***
أمل الجنوب، هل هي وحيدة الآن،
أم أنها تحادث آخرين،
بينما في البعيد تبدو ظلال الدراجات؟
***
(صرخة في الشارع، وصورة على غلاف النيوزويك)
***
هل نصل يوما؟.