لأجل دم دافئ يجري في معاصمهم: خمس قصائد لكارل ساندبيرغ

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
ترجمة: ميلاد فايزة     قَتَلة أغنّي لكم بِصَوْتٍ رقيق مثلما يتكلّم رجلٌ فقدَ ابنه؛ بصوتٍ غليظٍ مثل رجل مكبّل اليدين، رجل محجوز حيث لا يستطيع أن يتحرّك.

تحت الشمس

ستة عشر مليون رجل

اختيروا لأجل بياض أسنانهم،

عيونهم الحادّة، أفخاذهم القوية،

ولأجل دم دافئ يجري في

معاصمهم.

ولأجل عصير أحمر يجري على العشب

الأخضر؛

وعصير أحمر يتغلغل في التربة الداكنة.

والستة عشر مليونا يُقتَلون…

ويُقتَلون

ويُقتَلون

لم أنسهم أبدًا خلال النهار أو الليل:

يقرعون رأسي لأجل ذكراهم؛

يضربون على قلبي فأردّ عليهم

باكيًا،

أبكي لأجل بيوتهم ونسائهم وأحلامهم

وألعابهم.

أصحو في الليل وأشمّ

الخنادق،

وأسمع الضجّة الخافتة للنائمين في خطوط ـ ـ

ستة عشر مليون نائم ووتدٍ في

الظلام:

بعضهم نائمون للأبد،

وبعضهم يسقطون لِيناموا غدًا

للأبد،

عالقين في وحل آلام العالم،

يأكلون، يشربون ويكدحون… في وظيفة قتل

طويلة.

ستة عشر مليون رجل.

 

عُشْب

 

كوّموا الجثث عاليا في أوسترليتز وواترلو

ألقوا بها تحت التراب ودعوني أعمل ـ

أنا العشب؛ أغطَّي

الجميع.

وكوّموها عاليا في غتيسبيرغ

وكوّموها عاليا في إيبر وفردان.

ألقوا بها تحت التراب ودعوني أعمل.

بعد سنتين، عشر سنوات، سيسأل المارّون

أيّ مكان هذا؟

أين نحن الآن؟

أنا العشب.

دعوني أعمل.

 

مَليون عامل شابّ 1915

 

مليون عامل شاب مستقيمون وأقوياء

يتمدّدون متصلّبين على العشب والطرقات،

وهؤلاء العمال المليون هم الآن تحت التراب

وأجسادهم المتعفّنة سَتُطعِم في السنوات

المقبلة جذورَ ورود حمراء قانية.

نعم، لقد قَتّل هؤلاء العمّال الشباب

بعضهم بعضًا ولم يروا أبدًا

أياديَ حمراء.

وقد كان من الممكن، يا إلهي، أن يكون ما حدث عملاً هائلاً في القتل وشيْئًا جديدًا وجميلاً تحت الشمس

لو عرف المليون عامل لماذا خطفوا وقطعوا أوصالَ بعضهم بعضًا حتى الموت.

الملوك يبتسمون، وقياصرة ألمانيا وروسيا أحياء يركبون سيارات ذات مقاعد جلدية، لهم نساؤهم وورودهم لأجل رغد العيش، يأكلون بيضات مسلوقة طازجة في الفطور، زبدة جديدة على الخبز المحمّص، جالسين في منازل عالية محصّنة يقرؤون أخبار الحرب.

حلمتُ بمليون شبح لعمال شباب يقومون من الموت في قمصانهم المنقوعة في الدماء ويصرخون:

اللعنة على الملوك المبتسمين، اللعنة على قياصرة روسيا وألمانيا.

 

اِرموا الوُرود

اِرموا الورود في البحر حيث يتمدّد

في قاعه الموتى.

تتكلم الورود مع البحر،

ويتكلم البحر مع الموتى.

اِرموا الورود أيها العشاق ـ

ودعوا الأوراق تغتسل بالملح تحت الشمس.

 

دُخان

 

أجلس على كرسي وأقرأ الجرائد.

ملايين من الرجال يذهبون إلى الحرب، فدادين كثيرة تغصّ بجثثهم، بنادق وسفن حربية دُمرت، مدن أُحرقت، قرى أصبحت دخانا، والأطفال حيث

تذبح الأبقار وسط مشاوٍ مبحوحة يتلاشون مثل

خواتم من دخان في ريح شمالية.

أجلس على كرسي وأقرأ الجرائد.

……………..

* عن “القدس العربي”

 

 

مقالات من نفس القسم