كيف أرى الحياة؟

إلياس الخطابي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إلياس الخطابي

الآن لا شيء سوى الكثير من الوجع والضياع. أجلس في المكان الذي أجلس فيه دائما بهذا الوقت. فيما مضى كنت أجلس وأستريح من التعب الداخلي. أنصت للموسيقى وأجلس لفترة طويلة حتى يزورني النوم وأذهب للسرير وأنام

اليوم لم أجلس سوى قليلا حتى فاجأتني رسالة من شخص لا أعرفه يسألني فيها قائلا:

-كيف ترى الحياة؟

لم أجبه. مررت على الرسالة مرور الكرام، وتنقلت لموقع آخر. أنظر لأضواء المدينة، وأنظر لداخلي. أجد الأضواء بداخلي كلها منطفئة. ربما الفرق بيني وبين المدينة هي أنها تبكي في النهار وأنا أبكي في الليل، وفي مرات كثيرة أبكي في الليل والنهار..

قلت لنفسي اليوم:

-بدل أن تجلس صامتا جرب الكتابة

الآن أكتب وأجرب. لا أعرف أين تجرني هذه الكتابة، التي قال عنها عبد الفتاح كيليطو: إنها لغز محير

الحروف تتراقص في ذهني، وتأبى أن تتشكل إلى كلمات. كلمة ترقص جهة اليسار، وأخرى جهة اليمين. أترصدها بحبل لا يرى، وآمل كل لحظة أن ألقي بها في الشباك

سألتني:

-متى آخر مرة كتبت ؟

لم أجد جوابا لأجيبني به. لا أكتب كثيرا، ولا أكتب بشكل يومي. أتذكر أني كتبت كثيرا حينما كنت أشعر بالانهيار. عجزت عن الكتابة وتخليت عنها حينما وصلتني رسالة من صديق عزيز. يقول لي فيها:

-الآن وبعد أن رحلت أمي لم أعد أرغب في العيش 

لقد رحلت أمه وأصبح إنسانا أخرى، غير راغب في الحياة. تذكرت أمي حينما رحلت أمها. حدث لها نفس الأمر. قالت لي بعد رحيلها بأسابيع قليلة:

-يا ولدي حينما ترحل أمك تصبح الحياة لا شيء

هواء بارد يأتيني من بعيد. يدخل شيئا فشيئا إلى صدري، ويسري في جسدي كله. أبله يمشي في الشارع شبه سكران ويردد:

-أنا أحب هذه المدينة. لكن أحب أمي أكثر ..

ولجت للغرفة. ارتديت قميصا كي أحتمي من البرد ثم عدت لمكاني المعهود. لا أنتظر أن يمضي الليل، ولا أن يأتي الغد. قديما كنت أنتظر أياما كثيرة أن تمضي كي تأتي أياما أخرى وأعيش السعادة. مضت أيام، وأتت أيام. لكني لم أصبح سعيدا. لقد كان ذلك مجرد وهم، كأوهام أخرى ظننتها حقائق ثابتة

انتصف الليل. تذكرت السؤال الذي سألني إياه ذلك الشخص في رسالته. فكرت في حياتي، وفي الحياة بصفة عامة. بدت لي الكثير من الأجوبة في ذهني. تصفحت علبة الرسائل وولجت لحسابه. قبل أن أجيبه على سؤاله. سمعت لصوت يردد بداخلي :

-أنت لا ترى الحياة. الحياة هي التي تراك في هذه الفترة، ولا تعيشها. أنت مجرد صنم. الحياة هي التي تعيشك، وتفعل بك ما تشاء

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار