علاء خالد: هناك مساحة غائبة لا أستشعر بوجودها في الرواية الجديدة

علاء خالد: الإسكندرية مكان التحول لا مكان الإقامة
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حاوره: محمد فرج

" ألم خفيف كريشة طائر ينتقل بخفة من مكان لآخر" عنوان أحدث كتب الشاعر والكاتب المصري علاء خالد وهي رواية صدرت مؤخرا عن دار "الشروق" المصرية. طول العنوان ليس وحده الملفت في الرواية الاولى لأحد أبرز الاسماء الشعرية لقصيدة النثر المصرية، الا ان حجم الرواية ايضا -368 صفحة- يبدو ملفتا وسط غالبية أحجام الروايات الصادرة في السنوات الاخيرة والغالب عليها الصغر.

حاوره: محمد فرج

” ألم خفيف كريشة طائر ينتقل بخفة من مكان لآخر” عنوان أحدث كتب الشاعر والكاتب المصري علاء خالد وهي رواية صدرت مؤخرا عن دار “الشروق” المصرية. طول العنوان ليس وحده الملفت في الرواية الاولى لأحد أبرز الاسماء الشعرية لقصيدة النثر المصرية، الا ان حجم الرواية ايضا -368 صفحة- يبدو ملفتا وسط غالبية أحجام الروايات الصادرة في السنوات الاخيرة والغالب عليها الصغر.

علاء خالد الذي اصدر ديوانه الشعري الاول عام 1990 بعنوان”جسد معلق بمشيئة حبر”وصدر ديوانه الأخير في 2007 بعنوان “تصبحين علي خير”. خاض تجربة الكتابة النثرية عبركتابيه “خطوط الضعف”1995 و “طرف غائب يمكن أن يبعث الامل”في 2003 اللذان شكلا تجربة مغايرة على مستوي السرد والموضوعات المتناولة وخروجهما عن أشكال الكتابة النمطية المعتادة.كما يصدر علاء مع زوجته المصورة سلوى رشاد مجلة “أمكنة” التي دخلت عامها العاشر هذه السنة .المجلة التي تحتفي بالمكان وتجلياته المختلفة تعد من ابرز التجارب المستقلة الهادئة التي عرفتها الحياة الثقافية المصرية خلال العقد الأخير

يقيم علاء خالد في مدينة الاسكندرية وعلى الرغم من الهالة الأدبية التي يصنعها تاريخ المدينة والكتابات التي تراكمت حولها، إلا أنها لا تحتل مساحة كبيرة في روايته الأولى التي ترصد بلغة يمكن وصفها بالكلاسيكية تاريخ عائلة عبر خمسة أجيال من الجد العائد للأسكندرية بعد ان ضاعت أمواله عبر رحلة في الصحراء الي شخص الرواي الذي بدأ وجوده مع ستينات القرن العشرين. اللغة المنفتحة علي أكثر من مستوى للقراءة والعلاقات المنسوجة بين افراد العائلة تخلق حالة من الشجن حول كل فرد من افرادها لتصنع نغمة غابت عن الرواية المصرية في السنين الاخيرة.  ألم خفيف” تجربة مغايرة على مستوى كتابة علاء خالد وأيضا علي مستوى الرواية المصرية الجديدة. حول “العائلة”و “الحكاية” و “الرواية”كان حوارنا مع صاحب “ألم خفيف“.

 

ثقل التاريخ

* “ألم خفيف كريشة طائر ينتقل بخفة من من مكان لأخر” …الا تري ان العنوان يبدو طويلا بالنسبة للمتلقي العادي؟؟

بداية انا أفضل ان يكون العنوان دال علي العمل بدون أن يكون مستقلا عنه واشعر ان عنوان الرواية يحقق ذلك بشكل ما. بالطبع العنوان طويل ولم يكن هذا هو اختياري للعنوان في البداية، كان لي مجموعة اقتراحات كانت تبدو كلاسيكية بعض الشيء أو شعرية قليلا او غير دالة علي العمل، وبالمناقشة مع الناشر طرحت مجموعة من الاقتراحات وظللنا فترة طويلة نتناقش حول العنوان، إلي ان اشار لجملة في الصفحة الاخيرة من الرواية طويلة بعض الشيء ولكنها دالة،و تحمل شيئا من المفاجأة. فأقتنعت بالفكرة و أيضا بطول العنوان.

* كيف تري العلاقة بين العنوان وبين تاريخنا الشخصي وذكرياتنا؟؟ أو متي يتحول التاريخ الي “ألم خفيف”؟؟

بعد مرور فترة زمنية تسمح بالأبتعاد عن ثقل الحدث ،أو بحدوث اشياء أثقل تحول هذا التاريخ. الألم الخفيف يعني انه تم تجاوز شيء ما .ان الالم الاصعب قد مر وبالتالي يخف وزنه. أظن ان العنوان يحمل فكرة مرور الزمن. فهناك تجربة زمنية قد مرت وهذه التجربة هي زمن الرواية، أو زمن ما له بدايات ونهايات وايضا تحولات، فالالم يتحول بطريقتين أما بمرور الام اصعب،او بالنسيان الذي يحمل في طياته أيضا عامل الزمن.

* “الحكاية شفاء للراوي” عنوان أحد فصول الرواية…متي بدأت في الشفاء – الكتابة؟؟

بدأت منذ 1995 تقريبا في تدوين معلومات حول فترات تاريخية عشتها، او الوقائع التي كانت تحكيها أمي عن تاريخ العائلة، وفي بعض الاوقات كنت أسجل لها نظرا لوجود تفاصيل كثيرة متداخلة خاصة فيما يتعلق بالاجداد كنت عصية الحفظ بالنسبة لي، وكانت تسبب لي ارتباكا. وضاع هذا الشريط. ولكن اذكر ان كنت قد فرغت هذا الشريط لأصنع شبكة علاقات بين الافراد ومن تزوج من ومن انجب من كانت محاولة لصناعة شجرة لهذه العائلة، واحتفظت بهذه الاوراق، وكانت مساعدة جدا لي في تتبع شبكة علاقات العائلة ،بالطبع يمكن اختراع شبكة علاقات جديدة. ولكن كنت أشعر بعلاقة خاصة تجاه هذه الشبكة فهي الحقيقية بداية وفي الوقت ذاته كانت تحمل غرابة في التفاصيل تبدو لي أسطورية كان من الصعب إلغائها.و الخيال بالنسبة لي ليس خلق شيء جديد بالكامل لكن أحمل شغف اكمال شيء موجود بالفعل ، اشعر بالرغبة في اكمال تاريخ منقوص..ان ادخل في تواريخ اخري واكمل جزءها الغامض وغير المكشوف

* لكن من البداية وانت مهتم بتاريخك العائلي؟؟؟

منذ البداية شكلت فكرة “العائلة” مرجعية معينة بالنسبة لي. وفي لحظة البدايات تصبح المرجعية فكر مهمة ،ولم يكن هناك مرجع عام يمكن لاي فرد الاستناد عليه. لا يوجد تحرك طبقي صعودا او هبوط يمكن ان يخلق مرجعية جديدة يمكن ان تنتسب اليها بحيث تشعرك انك خطوت خطوة أكبر داخل هذا المجتمع أو هذا الوطن. فكانت العائلة نقطة أساسية للعودة خاصة انها جزء كبير ومهم في “التاريخ الشخصي”. ومنذ ديواني الاول “جسد معلق بمشيئة حبر” كان هناك تأريخ ما للعائلة، بمعنى الذكريات والعلاقات المختزنة داخلها، القيم التقليدية التي تورثها لاولادها، معني الخوف الذي يصل من خلال هذه المؤسسة، ايضا اللحظات الجميلة التي تحدث داخل هذا الاطار. كانت لدي رغبة –ولازالت- في التقصي و الوصول الي جذور و بدايات تكون بعض الاشكاليات التي شعرت بها عند الكتابة منذ الديوان الأول. رغبة لمعرفة لماذا حدث ذلك؟؟ لماذا تكونت بهذا الشكل؟؟ لماذا تحمل هذه المشاكل تحديدا بداخلك؟؟ لماذا تشعر علي الدوام بهذه الفجوة بينك وبين المجتمع لماذا لا تستطيع مواجهة العالم من حولك؟؟ مثل هذه الاسئلة التي يمكن ان تسميها وجودية والمرتبطة في الوقت ذاته بفكرة السلطة بداية من عبودية فكرة الام، والسلطوية في فكرة الاب. والرفض من جانبك لأي نوع من السلطوية.

* لكن هذه الحالة المتمردة بدأت تأخذ أشكال أو مستويات أخري في الكتابات التالية

بعد وفاة الوالد بدأت في كتابة “خطوط الضعف” 1993 – الذي نشر في 1995- وبدأ ينفتح جزء من هذا العالم العائلي بعد سقوط احد أهم أركانه . ولكن بدأ يدخل فيه خيط من الاسى والاقتناع بأن فكرة الاب أكبر من يتم نقضها. لارتباطها بك بشكل شخصي وايضا لارتباطها بضعف الشخص الذي امامك. فعندما تري الاب يمرض وينزوي ويموت، تعيد تركيب مسألة التمرد المرتبطة بشكل معين بتأبيد الاوضاع..حيث يظل “الأب” ذاته.. لذا كان وجوده مركزيا في الكتابات الأولى، بجانب رغبة في التمرد و تدمير الجزء السلطوي والمتحكم ، ساعتها لا تراه كأب يمكن معرفته والتعاطي معه ولكن كرمز اكثر منه انسانا بعينه. ففي هذه اللحظة تجّمع عدد من الرموز في سلة واحدة كي تكون أسهل لك لحظة المواجهة فتتشابك صورة الاب والرب وسلطة العائلة بسلطة الدين وسلطة رب العمل. تجميع الرموز في كتل وايجاد علاقات سهلة فيما بينها لتوحيد الاخر الذي تواجهه كانت حاجة ملحة في هذا الوقت،وكانت هناك رغبة في الخروج من أي إطار يتم فرضه عليك، وحدث كل ذلك معي بدون ان يكون لي أي خلفية سياسية كانت حالة خاصة. فترة دراستي الجامعية كانت الجامعة ميتة تقريبا والجماعات الاسلامية تسيطرعليها تماما.  فكانت لحظة خاصة ولكنها مستفيدة من مدخلات كثيرة، من قراءات ومن رغبة في اقامة حياتك الخاصة في الارتكاز على وجودك بدون أي اتكائات أخرى من نوع المجتمع والاصدقاء الي أخره. في”خطوط الضعف” كانت بداية دخول العائلة لمحتوي أكبر . وكان هناك سؤال موجه للاب بشكل يحمل شيئا من الشجن لماذا لم تفصح لنا عن جانبك الاخر عن حياتك الداخلية، من تاريخك الشخصي بدلا من اعرف هذه الواجهة فقط. وحمل الكتاب ايضا تفاصيل اخري لها علاقة بالعائلة لكن جميعها مرصودة من ذات لازالت غير قادرة علي رؤية ما هو أبعد من ألمها الشخصي.

* هذا الألم الشخصي الذي تراجع في الرواية فجعل وظيفة الرواي داخل الرواية عرض العالم الخارجي لا الم الرواي الذاتي؟

هذه هي الرحلة، التي تحمل ضمن معانيها ان تتخفف قليلا من الألم. فانت تنفتح خلال رحلتك الحياتية علي معاني اكثر، علي اشخاص اكثر، تتغير افكارك، تتغير اشياء كانت تحقق مركزية لحياتك واحاسيسك. عبر قراءات وكتابات ورحلات وعلاقات تقترب من اشياء وتبتعد عن أخرى علي أمل ان يختفي هذا الالم ليس اختفاءا فعليا ولكن ان يتصافي فينتقل وتنتقل معه الي مراحل أخرى. ولم أوثق كل ألمي في كتب، فمنذ خطوط الضعف الذي نشر في 1995الي الرواية التي انهيت من كتابتها في 2008 .لم اكتب حول الالم بشكل مباشر ولكنها واصل ظهوره بأشكال مختلفة ،ويتم التعامل معه بطرق مختلفة من خلال العمل والزواج ،حيث يذوب في الحياة، فاذا لم يظهر هذا الالم الشخصي بشكل مباشر في الرواية فهذا لاني اشعر ان هناك رحلة قد حدثت .وهذا لا يعني ايضا انه قد أختفي وقد يبدو ذلك في اخر الرواية حيث يوجد حلم يصبح فيه الالم لا وزن له.ولكن في الحقيقة يبقى له وزنه. ثمة رغبة في ان تنتصر لنفسك في لحظة. ليس انتصارا بمعنى الكسب ولكن بمعني ان تخفف قليلا العبء الذي تحمله والالم الذي تشعر به.

 

حول اللغة والبناء

* تبتعد اللغة في الرواية عن التكثيف أو التجريب بشكل عام..لماذا أخترت هذه “اللغة المحفوظية” ل”ألم خفيف”؟؟

فكرة السرد والحكاية نفسها هو الذي يوصل الي هذا الشكل وهذه اللغة. فالسؤال بالنسبة لي من أي نقطة تود أن تحكي الحكاية. فطالما أنك بدأت من شبكة علاقات عائلية متشابكة فاللغة لا تحتاج ان تمتلىء بتوقيفات أو ألاعيب كثيرة، بل ان تكون سلسة بشكل ما. وقد حاولت ان تكون الفكرة الشعرية قريبة منها للوصول الي عمق ما للحظة.وهذا لم تخلقه اللغة وحدها ولكن نوع الحياة التي يدور حولها العمل والارتباط بين المواقف وطبيعة الاشخاص وشكل الحزن الذي يصيبهم وتشابك الحكايات واختيار مواقف بعينه للكتابة. حاولت ان تكون اللغة بسيطة ولكنها تستطيع خلق مساحة أخرى خلف هذه البساطة.

* لذا جاء بناء الرواية كلاسيكيا بشكل ما

لم أفكر في صناعة شكل حديث أيضا لأن فكرة الرواي لا تسمح بأبعد من ذلك .خفوت الصوت كان تجربتي الاساسية عير العمل.ان يوجد راوي ولكنه ليس مسيطرا علي الأحداث والوقائع.وجود رواي ولكنه خافت الصوت كانت أهم موزانة لي داخل الرواية، هذا سيخلق روح مختلفة لا تفرض نفسها بقوة ولكن تتسلل بهدوء عبر العمل كله.

 

الأسكندرية الغائبة

* رغم ان كل الأحداث تدور في الأسكندرية إلا أن المدينة لا تبدو مركزية في الرواية

لم أكن مشغولا بالكتابة عن الاسكندرية كمدينة هذا أمر مطروق ومعروف وعمل عليه الكثير من الادباء والكتاب من قبل.ولم أنظر من قبل الي الاسكندرية بهذا المعنى. لأني بالفعل أبن لحظة مختلفة لم تكن فيها الاسكندرية “كوزموبوليتانية”..لحظتي شهدت بقايا من هذه اللحظة السابقة، لكن لا يمكن تحميل هذه اللحظة السابقة على عين الطفل الصغير –الرواي

*لكن لماذا نثبت الاسكندرية عند هذه اللحظة “الكوزموبوليتانية” فقط ولا نتعداها؟؟؟

لأن هذا هو المفهوم الأدبي للمدينة، وهذه مشكلة، فبطريقة ما تحول الموضوع الي فكرة سياسية. ربما ردا على اللحظة الأنية التي لا تحمل أي تنوع.

ففي الوقت الذي كتب فيه لورانس داريل “رباعية الاسكندرية” التي تدور أحداثها في هذه اللحظة الكوزموبوليتانية” لم يكن مشغولا بأفكار قدر ما هو مشغول يتصوير مجتمع موجود بالفعل.

الان تبدو الكتابات حول الاسكندرية وكأنها محملة ضد او مع افكار معينة، فهي تحمل منهجا وتريد ان تدحض به منهج اخر. أحيانا تود ان ترى اليهودي، والايطالي، واليوناني الذي كان يعيش في هذه اللحظة المتنوعة كأثبات لها بغض النظر عن الادوار الحقيقية التي كان يمارسها كلا منهم.

انا لم أعش هذا ولم أره، ولم أكن أخطط ان أكتب عن الاسكندرية بهذا المفهوم ولكني كنت واثقا من ان الرواية في النهاية ستعبر عن جو معين، فالأمانة في رصد شوارع أو محلات أو طريقة ملبس أو الفرق الموسيقية التي كانت تحضر الي الأسكندرية في هه اللحظة التاريخية. سيخلق مناخ مرتبط بشكل بالمدينة وفي الوقت ذاته مرتبط بشكل أوسع باللحظة التاريخية العامة وهو ما ابغيه. فلا اعتقد ان الرواية تحمل خطا سكندريا بالمعني السياسي أوالكوزموبوليتاني.

* من ناحية أخري هل تري ان هناك “أدب مدينة” بمعنى أن يكون هناك ادب سكندري أو أدب قاهري الي اخره

يمكن ان نقول ذلك حول الاسكندرية بشكل ما لان هناك تراكما أدبيا حول المدينة. فهناك الكثير من النصوص حول الاسكندرية الامر الذي خلق صنفا ادبيا مرتبط بالمدينة، له سمات معينة من حيث تنوع الاجناس او الضياع داخل المدينة او العلاقات المختلفة التي يمكن ان يقيمها الكاتب مع البحر إلى اخره. هناك تراكم ادبي أصبحنا ننظر الي المدينة من خلاله، ويصعب تكراره مع مدينة أخرى.

 

الرواية وضياع الحكاية

* اذا أنتقلنا إلى الواقع الروائي في مصر الأن..كيف تراه؟؟

اللحظة التي نعيشها الأن تخلق نوعا من الإستهلاك . فاللغة على سبيل المثال ليست عنصرا اساسيا في بنية الروايات الجديدة، وليس الامر يتعلق بجمال اللغة ولكن بضياع أسلوبية اللغة لصلح الوصفية الغالبة.وهذا يحدث لان هناك رصد لمجموعة من المشاهد التي يؤدي وصفها الي حالة بعينها. ثمة مساحة غير موجودة استشعر غيابها في الكتابات الجديدة.

ومن ناحية أخرى أري ان الرواية بشكل من الاشكال علم.. الحدس والحوار وخلق الشخصيات كلها أفكار وأساليب وطرق أداء على درجة كبيرة من التعقيد.

انت تخلق عالما باكمله من اشخاص وعلاقات وزمن وروح للعمل. كل هذا يحتاج لدرجة من الخبرة والتراكم. هذه الايام أشعر انه يمكن لاي شخص ان يكتب رواية، لكن هل هي رواية مستوفاة لشروطها..هذا هو السؤال. ليست المسالة فرض شكل بعينه، انواع الرواية كثيرة ومعروفة ولكن المحك هل انت قادر علي أستيفاء شروط كل نوع أم لا.

* هذا على الرغم من الانتعاش الحاصل في سوق النشر الأدبي الأن

الانتعاش له اسبابه من وجود رأسمال بدأ يستثمر في مجال النشر، ايضا لعبت المدونات دورا كبيرا في فتح منافذ جديدة للنشر سهلت الطريق وفتحته تقريبا أمام الجميع. الامر الذي ساهم في خلق أدب جديد له ملامح مغايرة.بالاضافة وجود جيل جديد في الفترة الاخيرة بعد حالة أختناق طويلة من الستينات وصولا الى نهاية القرن. بمعنى انه لم يمهد أي جيل لمن سيأتي بعده. فلا يوجد نقد من أي نوع، ولا توجد وسيلة للنشر ومن يريد فعليه ان ينشر على حسابه الخاص عدد محدود جدا من النسخ، أو ينتظر في طابور النشر عند مؤسسات الدولة وحتي الأفكار الموجودة تحتجز أي أدبية جديدة وتمنع تواجدها. فالفكرة السياسية هي الأكثر سيطرة علي الافكار الادبية ربما لقرب الجماعات السياسية من الجماعات الأدبية فالجميع يجلسون في مقاهي واحدة، ويتحركون في مجالات واحدة،ويحملون أفكارا متشابهة ومتداخلة.

كل هذا كان يخلق ضيقا كبيرا. عند ظهور الانترنت والمدونات بدأ ظهور الموجة الجديدة التي هي أمتداد بشكل ما لما سبقها مع وجود وسيط جديد.ثمة شيء كان مكبوتا وانفجر.

* الا يفسر ذلك أختفاء رواية “العائلة” أو رواية الأجيال….أو بشكل عام العجز عن صناعة حكاية…في مقابل اشكال كثيرة من التجريب؟؟؟

الحكاية مرتبطة بوجود الأمل. كل الحكايات تحمل في داخلها روح جديدة مستبطنة. والامل هنا لا يعني مستقبل أفضل. ولكن الامل في الحياة التي تراها وتتعامل معها، والرغبة في شيء أفضل..هذه الروح أختفت.

العدالة بمعناها العام أصبحت فكرة مختفية وساذجة. أفكار مثل عدم كون الدين عائقا عن تطورك ونموك الى ان تصل لنقطة اتفاقك معه، ان ترى الأخرين بشكل حقيقي قدر الأمكان، رغبة معرفة الاخرين ليس مجرد وصفهم ولكن ارجاعهم للسياق الذي يعيشون فيه. كل هذه الادوات – ادوات النظرة للحياة- كل هذا يقل الان. فحالة المجتمع الان تكسر اي روابط جماعية يمكن ان تخلق تصورات عامة موجودة.  و العائلة مكان مرجعي يحتل في أذهاننا مساحة كبيرة في وقت بدأت المرجعيات تأخذ أشكال أخري، الفكرة الشخصية أصبت أضيق ليس لدخولها في مجموع ولكن لكونك مجبر علي استخدام ادوات محدودة لخلق نظرتك للحياة وبالتالي تحيا بشكل سطحي. بجانب ان لا توجد مغامرة شخصية الأن.. المجتمع لا يمنحك الفرصة لصنع مغامرتك الشخصية لن يمنحك فرصة الخروج عنه، الا قي حالة بطالتك عن العمل سيلفظك المجتمع كعاطل وليس كفرد سعيد بوجوده ويريد ان يجرب اشياء جديدة.  فاذا كان العمل الروائي في الأخير جزء من عائلة وتعليم وشبكة علاقات مجتمعية متشابكة وهي الان ضاغطة بشكل خانق فسينعكس ذلك على مساحات التخييل والتأويل في الرواية التي تكتب الأن وفي النهاية كل لحظة لها ألمها الخاص وتمثلها بشكل حقيقي- المرتبط بوجود تجربة شخصية- بالتأكيد سيخلق شيئا مهما.فكل لحظة تحمل تعبيرها.

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم