يقول…
” أحسدك على كونك تبدع، تكتب وتفكر وتتواصل بالعربية مع المحيط العربي الطبيعي لهذا الشرق، أشعر أنني مخلوق إفتراضي …وأن كل هذا الوجود وهمي…(الغريب أنني كثيرا ما اشعر انا أيضا أن هذه البقعة هي مكان غير واقعي ولا يتواجد بالحقيقة)..وان هذه المدينة من اولها الى آخرها وهمية وهي كذبة كبيرة وأنك بمجرد مغادرتها بالطائرة فإنها تتلاشى وتتفتت وتحل محلها المدينة الطبيعية التي من المفروض ان تتواجد وفقا للمنطق الأخلاقي للأمور..وهكذا، فعندما تقترب منها بالطائرة ايضا فهي تتنبه لقرب هبوطك وتتشكل وتتكثف وتتكوم بسرعة خوفا منك ومن وجودك الإفتراضي…هي الأخرى مدينة افتراضية ..لا تتواجد الا عبر صفحات الفيسبوك وسيناريوهات الأفلام المصرية التي تدور حول الجاسوسية ، أحسدك على كونك تبدع…”…
أصمت ثم اتمتم…
هذا لا يعنيني بشيء الآن ولا أفهم ما تقول …لا أفهم شيئا مما تقول.حتى مؤخرة جدتي لن تهتز مما قلت الآن..أنا شبق..بي شبق مقطر عظيم…ولدي استعداد أن أماجن كافة قيادات الأركان المجيشة خاصتكم، سويا وفردا تلو الآخر… بإستلقاءً ووقوفا وبالمقلوب ومن بين الأطراف المترامية للرغبة..
***
تصلني رسالة يبدو ان من أرسلها، ينسخ صيغتها ذاتها كل سنة ، لضيق الوقت! او لضيق الأفق..أو لتحجر الرؤية عند حدود سنة معينة انهكها الإبتذال ومص دمائها…1993 ربما! “أتمنى للجميع سنة جديدة مليئة بالصحة والسعادة وتحقيق الأحلام، وأن يعم السلام في بلادنا الحبيبة وأن تقام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الى جانب دولة إسرائيل وأن…”
يحرق لهيب شبقي ونار جسدي الكلمات ..مبقيا على الصراع الإسرا– فلسطيني الى الأبد…تحرق ناري احتمالات الدولتين والدولة العلمانية الواحدة..والدويلات الكونفدرالية، وكيانات الأبرتهايد ، وأرض الزيتون واللوز الخارج عن موسمه…والبرتقال الخالي من السكر بسبب شح الفراش…
ما احداثيات هذا البلد سوى التقاء سائلين : حليب كدلالة على (x) وعسل كدلالة على (y) وعلى كل واحد ان يشكل الإحداثية الثالثة ((zعلى هواه …أما الإحداثية الثالثة(z) لصاحب/ة الرسالة فهي غيوم مشبعة بالمرارة والديدان…
***
تداهمني في عز شبقي المنزوع رسالة عبر كتاب الوجوه…بالأحرى هي ليست رسالة بل فلنقل –تعديل حالة؟ تعديل مرسل لكل العالم وكأنه سينتفض حزنا…”كل سنة والجميع بخير وانشاللة يا رب السنة الجاي متل هلأ بقضي العيد بفلسطين وبين اهلي بالمجدل”…
يا للحب الفلسطيني المبتذل هذا…لن أجد ما يمليء هاوية الشبق الفاغرة هذه بقدر ما لن تعود يا رفيقي الى قريتك الممحية..لا توجد قرية كهذه وحتى إن وجدت بعض الأحجار الباقية ..فهذا لا يقول شيئا لأن لا حانة في هذه الحجارة ولا حتى مقهى ولا رصيف تغتسل فيه حبيبتك بالعسل العكر…لا يوجد شيء يا عزيزي… لا يوجد شيء.ولا أهل هناك.. بل انه بحجم شبق روحي وخذلانها المترتب عن العدم ستضاف طبقة جديدة من غياب قريتك..ولن يحدث شيء بعد اليوم بعام ..لن يحدث شيء..
بي شبق عميق نقي مقطر بعناية… وما احداثيات هذا البلد سوى التقاء سائلين..أما احداثيتك الثالثة يا رفيق وأعني z فهي قطعة سماء مرصعة بالنوار القديم المسحور ..المجبول بشبق الوجود الطري…
آسف…
كانون2- يناير 2010
ـــــــــــــــــــــــــــ
* قاص من فلسطين
خاص الكتابة