سجل بأسماء الأقوام المتوحشة

ألان نادو
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

بقلم: آلان نادو

ترجمة: خالد النجار

آلان نادو روائي، ومنظر للكتابة. ولد في باريس سنة 1948 واشتغل مدة عشر سنوات في النشر ثم في السلك الدبلوماسي بالقاهرة ثم تونس حيث تزوّج واستقر. أصدر مجلة ” رصيف فولتير” وأعمالا روائية كثيرة، أذكر منها ” كتاب اللعنات ومذكرات إيروسترات وقد عرفه القارئ العربي من خلال ترجمة روايته أركيولوجيا الصفر التي حوّر المترجمان المصريان عنوانها في غير توفيق، وجعلاه ” عبدة الصفر وهكذا منحاه ظلالا رومانسية بعيدة عن مقاصد وروح الكتاب. وأعمال آلان نادو الروائية هي عبارة عن عمائر تنبني على مغامرات ذهنية وفلسفية، تتخذ باستمرار من العالم القديم مسرحا لها؛ والأحداث التي يستعيدها من التاريخ ليست سوى سبب، تعلة يتكئ عليها لينجز سرده الأدبي. وفي أعماله يمرر أيضا رؤيته للكتابة من خلال الكتابة. يقول آلان نادو عن هوية هذه الكتابة التي يمارسها: ” إن للكتابة قوى ومزايا تجعل العمل الروائي هو خالق للواقع “. هكذا يعكس الصورة التقليدية عن الكاتب من انّه يصدي الواقع ويصوّره. فلم تعد الرواية كما كان شأنها في القرن التاسع عشر تصور الواقع، صادرة عن الواقع، وتابعة له، بل الواقع الحقيقي هو واقع الخلق، والذاكرة. السرد ليس مرآة، السرد خلق واقع من خلال أساليب الكتابة التي هي أكثر حقيقية من الواقع الأعمى المعاش وإن كان يعتمد هذا الواقع في انجاز عمله فلا مهرب من التاريخ

ولعل أبي العلاء كان يشير إلى سجننا هذا داخل التاريخ اذ قال في استفهام إنكاري:

ألا يأبق الإنسان من ملك ربّه   فيخرج من أرض له وسماء

هكذا يظل نادو أسير الحدود القصوى للتاريخ

هنا ترجمة نص يندرج ضمن ما يسمّى بالكتابة التجريبيّة والذي كان قد دشّنه جيمس جويس في رائعته يقظة فينيغين واستمرّ فيما بعد مع جماعة الأليبو الفرنسية OULIPO… نص يجنح فيه الكاتب إلى استعمال اللغة كمادة صوتية كما مارسها ريمون كينو زعيم هذا التيار الذي يصل حد استعمال السجع في نصوصه

وقد تولّدت هذه الكتابة عن جملة من التطوّرات في ميادين الفلسفة وعلوم اللغة والتحليل النّفسي أدّت إلى إدراك أن تمثل اللغة للواقع كاذب وينطوي على مغالطات، فمنذ زمن هيغل بدأت هنا وهناك تظهر الإشارات إلى عجز اللغة عن نقل الواقع كما هو؛ وأن كلّ تمثل لغوي هو غير صادق وغير موثوق هكذا نشأ الأدب التجريبي في القرن العشرين والذي يوظف اللغة في التعبير عن اللامباشر. ولعل نص الكاتب التونسي عزّ الدين المدني الموسوم بـــــ الإنسان الصفر هو النص التجريبي العربي اليتيم وقد كتبه في الستينات اذ كان عزّ الدين المدني قريبا من التجريبيين الفرنسيين، من جماعة مجلة تال كالTEL QUEL.

فيما يلي نص أدبي مواز لعمل الرسام التجريدي الحديث حيث اللون لا يعبر عن شيء خارجا عنه وكذلك اللفظة تحررت من مدلولها لتعبر وتوحي من خلال مادتها الصوتية وسياقاتها … فكل هذه الأسماء مختلقة لأقوام خيالية ليس لها وجود خارج نص هذا الكاتب.

أخيرا ترك ألان نادو أثره خاصة في أعمال يوسف زيدان حيث نشهد أصداء لروايته عبدة الصفر وإن لم ترق إليها.

عرفت ألان موظفا في البعثة الثقافية الفرنسية وعرفته عندما ارتبط بالفنانة التونسية صديقة كسكاس، وذات يوم أعطاني هذا النص لأنقله للعربية ليصاحب معرض دومينيك مادار كانت لوحات هذه الفنانة الفرنسية تضج بكائنات خرافية وألوان بدائية حادة الأحمر والذهبي والأصفر والأسود تتخللها حروفا عربية من متجزأة من مخطوط الترجمة العربية، وأشكال تذكرك بذاك العنف البدائي في تخطيطات بيكاسو وثيرانه المنفعلة الباطشة…

وقبل سنوات وفي حالة يأس من الكتابة الأدبية حول شغفه إلى التاريخ والملاحة… ذهب إلى جزر السيكلاد اليونانية وفي قاربه ووسط بحر الاغريق اعترته نوبة قلبية وتوفي في 12 يونيو 2015

آخر لقاء كان عندما دعتنا صديقة إلى عشاء في بيتها ولم أكن أدري أنه العشاء الأخير.

بخيبة أمل

**

سجل بأسماء الأقوام المتبربرة

كل الأقوام المنحدرة من جزائر الشمال ومن تخوم هسبيريا : الغوط الذين يسمون أيضا السيث، وكذلك الجيت وهي أمم شديدة، وخليط يضمّ السّيلور، والأدوغيت، والكريفين التي تعيش على لحوم الطير البيضاء، وشعب التوسثه، والفاخوط الذين يعيشون على الانتجاع، والهللينس أهل حزم، والصويطان اللذين يتعاطون تجارة جلود السيفيرين، والليثود، والأذنيلز اللذين لم تبزّهما أمةٌ في تشييد الأسوار، وشعب البنيث، والفربير ذووا الأصابع المخرومة بمسامير النحاس. والغوتيغوث ذلك الجنس الشديد البأس، والإيفاغير الذين يعيشون وسط المستنقعات، والسيكومبر، والأوثنج، مكسرو الحجارة الكبار، والروماريس، والروسطول الذين يمخرون فوق مياه الأحلام، والرويناريون، والفينيون ذوي التقاليد الصافية، والبينوبيلوط، والسوطيد اللذان كان أسلافهما الإلهين فريجيديرن وفيديكولا. وشعب الكوغين الذي يخيط برانس على شكل أذناب الفئران. وأمم الغرانيان، والأغانزي، والأونيس اللذين تقشعر لهم الأبدان. والإيترلوجيين اللذين يقدسون الحشرات التي ترسل طنينا. والعنكبيون الذين كما يدل عليهم اسمهم يربون العناكب. والألميروج، والأوفيميون الذن يعتبرون أول من عمّر أراضي سيثيا. والسبان والهستريون الضاربون في الفلاة، والذين يأخذون كل شئ اقتدارا. والسّيّير، والجيبيديون الذين كتب عنهم أبلبيوس وبموهبة، أشنع الصحائف، وقبيلة الفينيد المشاكسة والكثيرة العدد، والسكلافينس والآنطس الذين يعيشون في الدهاليز. والفيديوريون، الذين لا يشربون إلا مياه الينابيع، والإيتميست، والأغازير الذين يدوسون على حصادهم. وأرهاط الأوزياغر، والأبيريون، والهوناغار الذين ينجزون كل شئ وهم على صهوات جيادهم، والأمالس ذوي الأسنان المسوسة. واللاز، والروسكولان الذين حكمهم ديسينوس البورويستي، وشعب التمازيت الذي يعيش نساؤه ورجاله كل على حدة على جانبي النهر. وشعب السارمات الذين أحبوا، وحاربوا الشاعر ” سكستوس بوبليوس غالبا “، وأقوام الباصتارن، والماركومان، والبيدوز الذين ينتعلون صنادل من جلد البشر تعلوها ذآبات، والجويل، والغاربس، والبوسين الذين ينبهرون بأي شيء كان، والفوليسك البُخر، والترينز، واالأستينج، والهرمندوريّون الذين قاتلوا تحت إمرة المملوك سيتلكوس، وشعب التويد، وشعب الآنخس الذين لم نعد ننتظرهما، والفازيناربرونس، والاغاثيرس الذين يقومون على خدمة الاله فونكل، وأمة البوليبيس الذين يزينون أجسادهم بغبرة الجمشت ( المرو)، والطامورس الذين لا يرتاح لهم جنب، وأمم الإيخس، والإيفوان مع اخوانهم من البيلور، والميرنس، والمردزيميون الذين يصيدون البشر بالمزاليق، والكاريوص، والروص، والطادزان المهرة في صناعة  العجلات المغطاة بلحاء الأشجار. والاتوالس، والنابيغوس الذين لم يفلح أحد في تكلم لسانهم. والبيبيجنت، والقولدس الذين لم يعرفهم أحد، والأليوروم، والراماخيس أخوة في الهمّ للطارديسيين، والألبازوريين، والتوسكينيين، والألسيزوريين، الذين يعتبرونهم أبناء عمومة، والإيتاماريون الذين لم يجزم أحد بوجودهم. والدوغامار، والبويسك الذين ينامون في أفنان الأشجار، والروخولان قوم مخادعون، والليتيام، والنوريس الذين يهجمون من خلف، والباسيدام، والخلموسيون والتوندر ذوي الأرجل الطويلة جدا، وقوم البورغ الذين عانى منهم المؤلف كثيرا. وشعب الجيلونس الذين يسلخون جلود الموتى ليصنعوا منها جلال للخيول. والميلنخان، الذين يقال عنهم بأنهم يهوون جمع الآذان. والغاروثنغيون الذين يلعنون النار بالبول فيها. والفيبوريون، والباسطيت القادرون على النوم وقوفا. وأقوام الرامير، والبيليغاست، والجيرون الذين يغرزون الحلى في أجسادهم. والفولف، والأجاردة الذين حكمهم تاميريس. وشعوب الثورن، واليسير، وكل أولئك الذين لم أعد أتذكر أسماءهم …

 

 

مقالات من نفس القسم