شمم الجبوري
ارتد كتفه بقوة إهتزاز البندقية، إنطلقت الرصاصة فتطايرت العصافير الآمنة على غصن شجرة محاذية فروعها لسطح المبنى الذي يتمترس به القناص.
ثمة رجل يسير بدربه يقف متلفتا حوله، وكلب رابض في الحديقة ينبح.. نقيق الدجاج يتعالى وأزيز الرصاصة يشق الهواء.
امرأة في بيتها يسقط منها الوعاء الزجاجي فيتكسر هشيما، ورجل كبير في السن ينغزه قلبه وهو جالس في متجره الصغير، الرصاصة تتجه صوب هدفها. الرؤوس تنحني من تحتها.
علم العراق يرفرف غير آبه لها، والشاب الذي يرفع السارية يلوح به يمينا ويساراً ثم ينقشع الهواء من امام الرصاصة، وعيون القناص ترقب الهدف المنشود، متى يسقط؟
وهل أجاد التسديد؟
تصل الرصاصة لمبتغاها بين عيني الشاب!
تخترق جبينه وتصل اعماق رأسه..يسقط ارضاً، وقبل ان يتهاوى العلم، يحمله آخر من بعده.
لم يزل يرفرف ولم تزل الجموع تهتف بصوت واحد:
_ بالروح بالدم، نفديك يا عراق..
العلم يرفرف والجسد مسجى على الارض..
تتحشرج الروح، وتلتقي بالعلم، ترفرف معه حول الجسد، والأصوات تهتف بحناجر متوحدة:
_بالروح بالدم نفديك يا عراق..
القناص يرقب الحدث، يسفتزه العلم الذي لم يسقط، الشمس تسكب دفأها على الشهيد، والهواء يمسد على خصلات شعره الحالكة السواد، ويسدل عينيه المفتوحتين، حمامة تحط قربه.. والعلم بنحني له ويلتف حوله، يرتفع الجسد فوق الاكتاف، يهتفون بإسمه وبإسم الوطن،
_بالروح بالدم.. نفديك يا عراق..
……………
*كاتبة من العراق