خمس قصص قصيرة

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

د. نجوى غنيم

رحلة

تصل قمة الجبل السامقة، تجرّ خطواتها المتعبة، تملأ ناظريها من المنظر الساحر، يخفت الضوء، تتفحّص البيوت الوادعة في ظلمة ما قبل الفجر، الجبال الشامخة التي تعكس رهبة وصلابة، تتجرّد من وجودها، تتحرّك كفراشة، يتدفّق الهواء، تترنّم بموسيقى الجداول، يصرخ بقسوة: أين أنت؟   إذن هو حلم متعثّر في متاهة الليل.

  حنين

   توقفت فجأة أمام إحدى واجهات الحوانيت حين لمحته معروضًا، لم تدرك للوهلة الأولى لماذا جذبها هذا القميص الواسع بأكمامه الطويلة، قميص أسود ملوّن بورود برتقاليّة وبيضاء، هل أعجبها طابعه الكلاسيكيّ وجماله ومظهره المهدئ للعين؟ أم ياقته المدببة مع أساور؟ أم قماشته الجيدة التي ستريحها من كيه؟

   دخلت المتجر وراحت تتجوّل فيه، ولكن عينيها تعلّقت بالقميص، هي التي كانت تجول الأسواق والمجمعات التجاريّة لعدة أيام عندما ترغب بالشراء تختار قميصًا بسرعة!

   لم تعرف لم اختارته، سألت عن سعره ودفعت ثمنه وعادت إلى المنزل تحمل غنيمتها الكبرى، ارتدته ونظرت في المرآة كان ملائمًا جدًا، شعرت بارتياح غريب، وطمأنينة افتقدتها منذ زمن بعيد.

   في المساء تحتضن ابنتها، تقلبان في صور قديمة لعائلتها، تتوقّف عيناها أمام صورة لها مع أمها المتوفاة، كانت أمها ترتدي فستانًا طويلًا بأكمام طويلة، أسود اللون ملوّن بورود برتقاليّة وبيضاء.

كطائر الفينيق

صدمتها سيارة مسرعة، التفت ساقها كالمعجونة، داستها جيئة وذهابًا، شعرت بالعجز، تهشّم كلّ شيء وتقوّضت الأحلام، داهمها ضباب أسود، انقلبت حياتها رأسًا على عقب وطُرحت أرضًا، أنين قاتل، صراخ صامت، قهر وخذلان، تحاول معانقة الواقع وتجاوز الآلام، تتجرّع مرارة الصبر، تحترق، تنبعث من رمادها كطائر الفينيق.

الكابوس

سبع عجاف وبلاء ثقيل، وكابوس مخيف يلاحقها، مطر جارح ونيران مشتعلة تحيط بها، وهي ملقاة على الأرض، عاجزة عن الحركة، تبحث عن يد حانية تعانق كفها، تساعدها على النهوض، تأخذ بذراعها، تتكىء عليها.

تدرك أنّ بعد العسر يسر، أينقشع الضباب وتتضح الرؤى.

ألقوها في غيابة الجب.

  تمرد

تتحرّك الشخصيات مهرولة، تقودها الأحداث الغريبة نحو هاويتها، تفاجئها النهاية غير المتوقعة، تحاول قتل الراوي المتمرّس والعودة نحو بدايتها الحاذقة المؤثّرة، متسائلة هل جفّ حبره؟ أم نفذت أوراقه؟ يتداخل الماضي مع الحاضر، تتنافر، تختلف، تتمرّد كاسرة قيودها قافزة نحو آفاق رحبة، تخرج من الكتاب لتسطّر نهاية جديدة مباغتة.

………………………

*كاتبة من فلسطين

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

نهاية