كيت شوبان
ترجمة: ناصر الحلواني
أفقد اهتمامي بالبشر، وبمغزى حياتهم وأفعالهم. ذَكر شخص ما أن دراسة إنسان واحد أفضل من قراءة عشر كتب. لا أريد كتبا أو رجالا؛ فإنهم يسببون لي الكثير من المعاناة. هل يمكن لأحدهم أن يتحدث إلي مثلما يفعل الليل ـ ليل الصيف؟ مثلما تفعل النجوم، أو النسمات اللطيفة؟
حل الليل بطيئا، ناعما، بينما أرقد هناك، تحت شجرة القيقب، أتى زاحفا، زحف خلسة من جهة الوادي، يحسب أني لم أره. تداخلت حدود الأشجار والأوراق في كتلة سوداء واحدة، ومن بينها خرج خلسة، وأيضا، من جهتي الشرق والغرب، حتى لم يعد هناك غير ضوء السماء، الذي يتخلل أوراق شجرة القيقب، وكانت نجمة تختلس النظر من بين الفرجات.
الليل مهيب، يوحي بالغموض.
الظلال البشرية تمضي كأشياء غير منظورة، بعضهم يتلصص مثل فأر ليختلس نظرة عليَّ. لم أهتم. كنت مستغرقة بكل وجودي في سحر الليل اللطيف والأخاذ.
بدأ الجنادب أغنية نومهم: ما زالوا يصرون. يا لحكمتهم. إنهم لا يثرثرون مثل البشر، فقط، يقولون لي: “نوم، نوم، نوم”. تماوجت الريح بأوراق شجرة القيقب كهزات حب دافئة ورقيقة.
لماذا يُعقِّد الحمقى الدنيا! كان صوت إنسان هو ما أبطل تعويذة الساحر. جاء رجل اليوم ومعه “درس الكتاب المقدس”. كان بغيض المُحيَّا بوجنتيه الحمراوين، وعينه الوقحة، وجلافة تصرفاته وكلامه. ما الذي يعرفه عن المسيح؟ هل أسأل أحمقا صغيرا، مولود بالأمس، وسيموت غدا، ليخبرني عن المسيح؟ من الأفضل أن أسأل النجوم، فإنها رأته.
………………….
*كيت شوبان (1850 – 1904)، كاتبة أمريكية، كتبت الرواية والقصة القصيرة، وتعد من رائدات الأدب النسائي