مروة سعيد
سائق الأجرة كان يرتدي اليوم وسادة بدلاً من رأسه. أخبرنى عن حلمه البارحة كان مليئاً بالكلاب الضخمة.
بوسادة مزينة بالورود الزرقاء التفت إليّ ليخبرنى أن الشياطين تطاردنا أينما كنا حتى فى أحلامنا، كان نومى هذه الليلة بلا أحلام لذا اختلقت له حلماً عن ثعبان زارنى، تحدثت معه فى لقاء عابر ثم افترقنا لأجده ملتفاً حول معصمي قبل أن أستيقظ.
أوقف السيارة فى منتصف الطريق وأمرنى أن أنزل، فالثعبان نذير شؤم أقوى من الكلاب وألعن من الشياطين، ترجلت فى استسلام مؤمنة أن خيالى هو من ينذرنى بالشؤم وليست أحلامى.
الوسائد حولى تدور فوقها شخصيات كارتونية ضاحكة، نمور تجرى بلا هدف وأشكال هندسية بلا معنى، تتناثر عليها شعيرات أصحابها فتتشابك مع خيوط الوسائد القطنية ومنهم من ترك بقع لعابه على الوسائد الحريرية. فى الهواء تمتزج روائح من أصابتهم حمى الصيف بروائح عطرية لمن لم ينم ليلته وحيدا. الجميع يحمل وسادته بدلا من راسه. وبأصوات مرتابة يقصون أحلاماً زارهم فيها الموتى، احتضنتهم فيها الدببة القطبية وركضت خلفهم الكلاب بلا هوادة…
أتساءل لماذا لم يزرنى أحد فى حلم البارحة، تجيبني وسادتى هامسة أنه قد زارنا أمس قنفذ وغرز ثلاث شوكات بأماكن متفرقة فى عنقى، ولكننى قد قمت بصنع ثقبين فيها قبل أن استيقظ فتسربت منهما الأحلام.
أزيد من وسع الثقبين فتتدلى حول عنقى الوسادة لتنزع عنى شوكات القنفذ الثلاث وتضعها فى يدى.
يعترض طريقى سائق آخر ويسألنى عن وجهتى، “بيت القنفذ” أجيبه باقتضاب وأدير له كفى لأريه الثلاث شوكات. بوسادة حمراء بهت لونها أومأ لى بالموافقة… من المقعد الخلفى استطعت أن أرى ذراعيه المغطاة بالأشواك… لم أسأله ولم يخبرني. التزم كلانا الصمت واكتفينا بمراقبة الطريق.
…..
نوفمبر ٢٠١٨