لو سـال القمر!

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

لينــا العطّار

لماذا يسيل القمر...ماذا لو تحول إلى قطعة كبيرة من المثلجات هل سيكفيه برد الليل كي يبقى متجمداً أم أننا سنجده وقد اختفى ذات يوم وأغرق الأرض بالمثلجات الذائبة..كيف سنعيد جمعه فيما بعد ونشكله ونعيده لمكانه..لن يكون هناك قمر فيما بعد..سيختفي النور من الليل، ويتوقف الدفء عن التسلل إلى القلوب الوحيدة والغرف الباردة..ربما اختفى هذا البرد من العالم فلم يجد القمر مكاناً يبث إليه دفئه ليحتبس فيه حتى يسيل على الأرض..

ماذا سيحدث لو اختفى القمر..سؤال طفولي جداً، لكن ما المانع أن نعود أطفالاً لمرة واحدة..أطفال هذه الأيام أذكى من أن يقولوا أن الدنيا ستصبح مظلمة في الليل لأن الأنوار لم تعد تنطفئ..ولن يكترث الناس حين لا يسهرون وهم يتأملونه لأنهم يقضون ليلهم ينظرون إلى شاشات هواتفهم الذكية..ولن يشبّه المحبون فتاتهم به لأنهم يشبهونها بشاكيرا أو أنجلينا جولي..لن يحدث شيء لو اختفى القمر..ربما لن ينتبه البعض أنه اختفى أصلا..

لكن القلوب الفارغة التي تصفر فيها ريح الوحدة ستعرف أنها افتقدت آخر مصدر لديها للدفء، وأن العيون الدامعة لن تجد سوى السقف تتأمله ليلاً حتى يغلبها النعاس وتروح في عالم الأحلام، يلاحقها واقعها المظلم إليه، واقع بلا قمر ولا دفء..بلا حب..ستحاول في أحلامها أن تصنع قمراً من الحلوى، أو من الرمال..من ورق مقوى..سيكون كل هدفها في أحلامها أن ترى القمر من جديد، لكنها تستيقظ منهكة وتعود وهي تتأمل أن يكون كل هذا كابوساً وأن القمر مازال موجوداً يقف في السماء ينظر لها نظراتهالحنونة كعادته..

ماذا لو اختفى القمر..لمن سنبوح بأسرارنا التي لا يمكن أن تتحملها الأوراق..ولا تسمعها أي أذن؟...ولو سال القمر..هل ستجد كل أسرار العالم قد أغرقت الأرض وصارت مكشوفة ومتاحة لأي شخص كان..هذه فكرة مخيفة حقاً، لكن الثلج الذي يعصف بقلبي يكفي كي يبقى القمر متجمداً في مكانه، مستمع جيد لمن يريد أن يتحدث..حتى قد يتخيله الناظر إليه مجرد أذن كبيرة..أو له يدان تحضنان من يلتجئ له..هل هناك أجمل من حضن كبير منير كالقمر..يبث لروحك النور..

لا بأس لو اختفت الشمس ذات يوم، بالعكس تبدو الأيام الغائمة أجمل بكثير من الأيام المشمسة..الشمس حبيب لا تستطيع الاقتراب منه، ولو اقتربت لاحترقت..حبيب لا يمكن أن تكون بقربه، رغم أنه ينير لك طريقك ويغمرك بدفئه طول الوقت..لكن حباً يمنع عنك اللقاء لن يكون إلا مصدر عذاب لك...يوماً ما، ستجد أنك بين خيارين..احتراق في القرب واحتراق بارد في البعد..وكلا الخيارين فيه الألم..فاختر لنفسك ألماً تستطيع العيش معه..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتبة سورية

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون