حسين عبد الرحيم
لم يكن ينتظر أن يكتب عنه أحد، ليس غرورا ولا تمنعًا، ولكنها قيمة “الكاتب” قبل المخاض، خاصة وأنه كان يرى فرحته الكبرى بما كتب في عيون قرائه، حسين عبد العليم الكبير إسمًا وقيمة وطيبة بسمو نادر ونقيضه تواضع جم، وكبرياء غير مفتعل، ومحبة لكل البشر بلا نقاط سواد ولا تلون، ولا غيرة ولا حقد، لم يكن يطلب إلا العيش في هدوء مثلما الكتابة بهدوء.
عرفته كمبدع، قرأت له كل ماكتب حتى 2006 عندما التقيته في دار ميريت بصحبة محمد هاشم والذي تعلمت منه بعد معارك عديدة، أن الكلام والثناء ليس هما الدليل الوحيد على إيصالك لرسائل الحفاوة والوصال والإنسجام مع من تحب، حدثني كثيرا عنه الكاتب القريب لعمري وروحي إبراهيم فرغلي في بهو الاهرام، في حضور الكاتبة ماجدة الجندي عندما كان مسئولا عن إعداد صفحة الأدب كل أربعاء، نادرا ما تسمع وتنصت لكاتب، ولكنها التربية التي تشكل سلوكيات الفرد: الإنسان في كل زمان ومكان، وفي أي عمل وطبيعته.
عمي حسين مثلما كنت أناديه دومًا، كاتب الفصول “من سيرة التراب والنمل”، ورحلات التخليق والبكارة في مشاوير سعدية وعبد الحكم ورائحة النعناع والروائح المراوغة “وزمن الوصل” و”موزايك” تحار في تغريباته وتلك الحسية التي تستنهض أسلحة ووعي المتلقي العادي قبل المشتبك الناقد وما هو بناقد في سيرة الرجل وكتاباته الفارقة إلا نادرا.
“عبد العليم” الذي دائما ماكنت أراه على مدار أعوام طويلة منزويا بجانب محمد هاشم برحابة الروح التي تستولد الدفء في مكانه الأول بقصر النيل..وبفمه سيجارة سوبر يتلذذ بها ويراود نفسه وحواسه وهواجسه عن كتابات أو كتابة ما قيد التدفق، فلا يبين إلا وهج ملامحه واحمرار وجهه حتى في ثمة خفوت ضوئي أو رماديته بفعل نهار جارح في بناية ميريت التي تحتفظ بالكثير من رائحته ومودته لكافة خلق الله.
“حسين عبد العليم” عاش في هدوء وروية موسعا في أرضه معان وماهية مايجب أن يكون عليه الكاتب قبل الإنسان، والإنسان قبل الكاتب. في سروده تحب شخوصه وتتفاعل مع طققانهم وتحلم لهم وتأتنس بهم وتفرح بما يحققوه من أحلام صغيرة والتي نادرا ما تتحقق. كبطل مشارك، ومتلقِ مغبون ينتصر على الدوام للمهزوم والفقير ويصفق لبطل الترسو بعد أن توحد معه ومع قضيته وحلمه المشروع في العدل والحرية واللا تجويع قبل أن يطير بك ويطيرك الراوي ” عبد العليم في تلك التغريبات التي تحار هل هي هروب من كدر الضيق والخوف، أم هي ترويحة بديلة لتلوييح دائم بالترك والانسحاب قبل النسيان؟.