فارس خضر.. صاحب الميراث الحزين

فارس خضر
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

عاطف محمد عبد المجيد
لا يمكن بأية حال من الأحوال إلا أن تطلق عليه لقب الإنسان النبيل الذي يتمثل بين جنباته وفي جوارحه النُّبْل الرباني الذي لم يلوثه أي شيء. إنسان طيب بحق بكل ما تحمله كلمة طيب من معانٍ.يمتاز بسمات أخلاقية رائعة قَلَّ أو قُلْ ندر من يتمتع بها في زماننا هذا.إنه إنسان نقي..وخجول..لكنه ثائر على الورق ويصل تمرده اللا محدود إلى العالم كله.هو إنسان يتسع فعلياً قلبه ناصع البياض بغرفه الأربعة للجميع بلا استثناء..هو لا يُقصي أحداً ولا يُكنّ لأي إنسان ذَرَّةً من بغضاء أو كُرْه.. يتعامل مع الجميع بنقاء وإخلاص.. حين تلتقيه يحتفي بك زيادة عن اللزوم..مرحباً بك بنبرة صوته الجميل والمتفرد..تغنيك ابتسامته الأكثر من ودود عن أي كرم حاتمي..حتى أنك تحس بالخجل من طريقته في معاملتك..إنه وبكل بساطة ومن دون أدنى مبالغة إنسان تتمنى ألا تفارقه للحظة واحدة.
هو إنسان جميل، مثقف مستنير وشاعر حقيقي يكره الرومانسية برؤيتها الواهنة والخافتة التي تنظر إلى الحياة بمنظار يجردها من فكرة الصراع وصف الواقع الأدبي بالتشرذم والقسوة.يرى أن قصيدة النثر متسيدة المشهد الأدبي بالفعل من قبل الثورة بسنوات، لأن قصيدة النثر هي ابنة العقل الكتابي بنقائه ورسوخه، وليست ابنة الصوت العالي، الذي يستجدي تصفيق الجمهور، بقدر ما يجلي الروح الإنسانية ويسمو بها ويرمم شروخاتها وعذاباتها.ولد فارس خضر في العام 1969، حصل علي رسالة الماجستير بتقدير امتياز في العام 2003،هو باحث في الفولكلورالمصري، حصل علي رسالة الدكتوراه عن “حكايات المدن المسحورة بين المدون والشفاهي” (وعلى الرغم من حصوله على لقب دكتور..اللقب الذي يتخذه بعضهم ذريعة للتكبر والتعالي على خلق الله..إلا أنه لا يمثل لدى فارس خضر أي جديد فهو ببساطته قبل اللقب كما هو ببساطته بعده..مما يثبت أنه إنسان سوي لا يشعر كبعضهم بعقدة النقص ويظنون واهمين أن وجود حرف الدال المنقوط قبل أسمائهم سيضفي عليهم حالة من الهيبة أو سيجبر الآخرين على احترامهم).يشغل منصب نائب رئيس تحرير مجلة “الإذاعة والتليفزيون”.وكذلك يشغل منصب رئيس تحرير مجلة الشعر المصرية.وهو عضو مؤسس في جماعة شعراء غضب.من إصداراته الشعرية:”كوميديا” 1998،”الذي مر من هنا” 2004،”أصابع قدم محفورة علي الرمل” 2004.وله كتابات مهمة في الدراسات الشعبية مثل”ميراث الأسي:تصورات الموت في الوعي الشعبي”،”العادات الشعبية والموروث الخرافي.
يتحدث عن نفسه ـ حين سئل عن ديوانه الأول لِمَ سماه كوميديا وهو مليء بالحزن ـ فيقول:إنني لا أزيف الواقع،أنا أكتب عن اشتباك روحي مع الحياة،كما أن حياتي لم تكن يسيرة وعانيت من العديد من الخيبات سواء كانت عاطفية،أو في الأصدقاء،أو كل علاقاتي الإنسانية التي مررت بها،فإذا جاءت اشتباكاتي الشعرية مع هذا الواقع حزينة بعض الشيء فلا أعتبر أن هذا ملمح بعيد عن شخصيتي أو تاريخي،فميراثي كله كان حزيناً وبائساً، وأقول هذا ليس إشفاقاً على نفسي بل على العكس أجد أنني عشت تجربة ثرية جدا برغم هذا، وتنقلت بين أجواء مصرية ما بين صحراوية ونيلية وحضرية، كما أتمنى أن أرصد هذه الفترة شعرياً.وكتب ذات فضفضة فقال: تلك هي العبارات التي قالها الهندي فى حكايته الشعبية، حين اندفع قاربه باتجاه الشلال الصخري،وبعد أن استنفد طاقته في مقاومة التيار ترك مجدافيه وبدأ يغنى مرددًا:”آه..فلتكن هذه الأغنية حياتي..أنا لا أطمع في شيء..ولا أخاف من شيء..أنا حر”أما أنا فمن حين لآخر أمسح الغبار عن روحي، فتطمئن نفسي..لأنني حر.. وكلما نهشتني الكلاب..أكلتْ الأجزاء القاسية في قلبي.يرى فارس خضر أن نضالَ المثقفِ المصرىِّ ليسَ بحاجةٍ إلى إبانةْ،هذا المثقفِ الذى يقفُ الآن فى المسافة الأبعدِ عن فكرةِ التخوينِ،وعن تناحُرِ المتناحرينَ حولَ المكتسباتِ والغنائمِ،بوسعِ كلِّ عابرِ سبيلٍ أن يَصِمَهُ بالخِيَانَةِ،بل ويشككَ فى وطنيتِهِ وثوريتِهِ،وهو الذى تحملَ العبءَ الأكبرَ من الإقصاءِ والتعنتِ والمطاردةِ فى الأرزاقِ، بينَما كان المأجُورُون يغرِفُونَ من بحورِ الفسادْ.هذا المثقفُ عصبٌ مكشوفٌ يتمُّ إقصَاؤُهُ،والتقليلُ من دورِهِ، بينما يلتزمُ الصمتَ، وكلُّ هذهِ الأفواهِ تتكلمُ فى نفسٍ واحدٍ بحجرةٍ ضيقةٍ وخانقةْ،والإرادةُ الوطنيةُ التى بدتْ فى أنصَعِ صورِهَا إبَّانِ الخامسِ والعشرينَ من ينايرِ فتَّتَها الساسةُ ومحتَرِفُو الانتخاباتِ والائتلافاتِ والتجمعاتِ، والخارجُونَ علينا بزعيقِهِمْ من كلِّ فجٍّ عميقْ.
ومن كتابات فارس خضر الشعرية: أمي
أنا عطشٌ دائمٌ يا أمي،
الصفصافةُ التي ارتديتُ ظلَها شاختُ،
حلقي صحراءُ مشققةٌ،
وروحي بردانةُ،
ولا غطاء يخبئُ الفقر

أبي
لا يرى العصافير،
يده التي تلكزني بقسوةٍ
تضخمت فجأة،
صارتْ بحجم حفرة تستقبلُ رذاذَ المطر
في حياةٍ كهذه
لا سماء تمطرُ،
فقط الخيوطُ الجيريةُ المرسومةُ على جلبابه
تتدفقُ في فمي
….
أنا
كنتُ بحاجةٍ إِلى هزيمةٍ ،
وبما أنها جاءتْ دون تخطيطٍ مسبق
فمن حقي أن أبحثَ عن سعادتي الخاصة
عيونكم سكاكينُ مشرعةٌ في وجهي
” فلا تنظروا لي هكذا “
يجرحُني الزجاجُ وأنتم شظايا بشرية
أي فراغ ملوث يضمُ هذه الكائنات الخربة
قدماي الآن
تتعثران في جثثٍ مموهةٍ،
وأنا أبحثُ عن سعادتي الخاصة
فارفعوا توابيتَكم في الهواء
ربما تدركُ بمفردها
مكانَ المقبرة
….. هم
قطرةُ دفءٍ تائهةٍ
عمن تبحثُ أيها البحرُ الهائجُ..؟
…………………………
مركبٌ ممزق
وعواصفُ عمياءُ
معتمة.

مقالات من نفس القسم