ثلاث خطوات .. وخطوتان

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 344
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سلمى الطوبجي 

خطوة.. اثنتان.. ثلاثة… ثم لليمين خطوتان وتصل لمقعدها المعتاد، لا تجلس إنما تنحنى بما تسمح لها أعوامها الثلاثة والثمانين. تمد يدها بحثًا عن طبق الطعام أسفل المقعد.. أبيض مزين بورود صغيرة زرقاء يتوسطها الأصفر.. فارغًا
تتحمل آلام فقرات الظهر و الغضاريف وهى تعتدل واقفة .. تتنفس.. ثم تمشى بضعة خطوات أخرى لتصل لمطبخها
تحب مطبخها و محتوياته .. عتيقة مثلها، موقدها الصغير الدافئ والحلة الساخنه بما تحتويه من أجزاء الدجاج وحساء الخضراوات، وأعلاه معالق التقليب المُعلقة في ترتيب ويعود تصميمها لنهاية القرن الماضى حيث آخر محاولة لتجديد محتويات المنزل..
منضدة مربعة وثلاث كراسي محيطه في متناول الشمس..
تحب الشمس كما تحب مطبخها ومعالق التقليب القديمة.  حسنًا.. ستجلس هنا قليلاً لتلتقط أنفاسها..
تتذكر صحتها فى زمن سابق حيث كانت تعتنى بسبعة أفراد، إطعامهم .. إعداد ملابسهم والاهتمام باحتياجاتهم المختلفة و ..

يجب أن تنهض الآن مازالت تحمل الطبق المعدني ذي الورود الصغيرة الزرقاء، معلقة .. اثنتان.. ثلاثة… يكفى هذا!
تضع الطبق على المائدة حتى تتمكن من الوصول بنفس اليد للأكواب أعلى الصنبور وتستند باليد الأخرى على حافة الحوض
يد متغضنة ربما لكنها واضحه العروق تشي بتمسك الجسد بالحياه، تحب أيضًا صنبورها والأكواب
لم تختر هنا كل شئ، بل حتى لم تحب كل شيء فى البداية بنفس القدر .. ولكن تعلمك السنوات العديدة أن تستبدل بالحب ألفة .. و رضا
او ربما هو الاستسلام .. لا يهم
ولكنها تعرف أنها تحب تلك النافذة والشمس النافذة منها كل صباح، والكوب الصغير الممتلئ بالقطن و حبات الحلبة والاخضر النابت.. يذكرها بزمن قديم ومقعد فى فصل مزدحم وزي مدرسي بني اللون…
حسنًا.. ها هو طبق الطعام و كوب الماء، تحملهما بيديها الاثنتين المرتعشتين قليلا.. تسير عائدة فوق خط خطواتها السابقه كأنها الممحاه
تخرج من المطبخ.. خطوة .. اثنتان .. ثلاثة… ثم لليمين خطوتان حيث تصل لمقعدها المعتاد .. بطيئا تجلس لتتجنب آلام الركبتين .. ثم تمد اليدين بالطعام و الماء على الارض بجوارها
تنقر على الطبق نقرتين.. فتظهر رأس صغيرة من الفرو برتقالية و بيضاء اللون، تجرى سريعا نحو الطعام لتستمتع بدفء المعدة والتمسح فى اقدام صاحبتها العجوز ، كما يستمتع قلب العجوز بدفء الصحبة و أطياف من أمومة قديمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فنانة بصرية وكاتبة مصرية 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون