ترجع علاقتي كناشرة بالطاهر شرقاوي إلى فترة قصيرة، خمس أو ست سنوات، هي نفسها عمر حضوره أنشطة ثقافية تنظمها (الكتب خان). ويسهل تمييزه عن غيره من الحضور بالكاب الذي كأنه جزء منه، ولغته العربية المتقنة التي يلتزم بها دائما، وتحمل ملامح لكنة محببة لأهل الجنوب في صعيد مصر. وقبل مناقشة مجموعته البديعة “عجائز قاعدون علي الدكك”، هنا في (الكتب خان)، كنت معجبة بإحساسه العميق في تناوله القرية، وهو الذي كتب عن المدينة وعلاقته الملتبسة بها في روايته الأولي “فانيليا”، بنفس القدر من التمكن دون الخوض في قضايا كبرى من خلال سرد سهل وبسيط، يقترب من الشعر في جمله الموجزة.
تمنيت أن يكون بيننا تعاون، ضمن طموح ورغبة دائمة في نشر إبداعات المواهب، وخصوصا من الجيل الجديد، وسعدت بالطبع بهذا التعاون الذي حظي بثقة النقاد، ومتمثلا في جائزة نالتها رواية “عن الذي يربي حجرا في بيته” فور صدورها.
نحن دار نشر صغيرة، ولكننا ننتقي بعناية ما يحمل لوجو (الكتب خان). لا يعنينا عدد العناوين، بل نفخر بتقديم الجاد، ولهذا لا يتعدى عدد العناوين سنويا عشرة أعمال، ومنها رواية “عن الذي يربي حجرا في بيته”، وقد فرحت بها بمجرد قراءة المخطوطة، وكان قرار النشر في اليوم نفسه، لما تميز به من سهولة شديدة في السرد، وتلك العلاقة التي مازالت ملتبسة بين الراوي والمدينة ومحاولة فك طلاسمها.
أرى أن ما يميز عمل شرقاوي بل شرقاوي نفسه.. هو ذلك التماهي بين الروائي والإنسان، هنا كتابة تنبع من الروح، كتابة تأتي من العمق، وتجد طريقها إلى روح القارئ، وهذا ما جعلني أتحمس لنشر الرواية، ثم تقديمها للمسابقة.
أرى أن لدى الطاهر شرقاوي الكثير الذي سيقدمه، وأنتظر الجديد، ولا يسعني إلا أن أتمنى له التوفيق في مشروعه الإبداعي الذي تضع (الكتب خان) حجرا في بيته.