الهندي الذي أخذ بثأره

ديمتريو أجيليرا مالتا
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ديمتريو أجيليرا مالتا

“لقد أحببتك كما لم يحب أحد أحدا.. فهل تعرفين ذلك؟ بسببك أنتِ أصبحت بحارا وسافرت إلى كل الأماكن.. بسببك أنت أصبحت محتالا وهجرت حتى أمي المسكينة..بسببك أنتِ التي خدعتني وجعلتني ألعوبة…ولكني أخذت بثأري: عرفت قبل الأوان كل ما سيقع لك.. وهذا هو ما جعلني أتركك تذهبين مع هذا السكير الذي يطعمك وأولادك باللكمات”.

كان الشاطئ مكسوا بالزبد وخلفه، كان البحر يتلاطم غضبا، والأمواج الهائلة تتساقط على الصخور كأسماك متعددة الألوان. وكانت” أندريا” تنصت إليه في صمت.

“لو كان أحد غيري في هذا الموقف …آه… لكان تحدى “أندرياس” إلى القتال بالمُدىً الضخمة وقتله…ولكن لست أنا الذي يفعل ذلك. لم يكن مذنبا. الشخص الوحيد الذي يقع عليه اللوم هو أنت.. أنت التي خدعتني وأنت التي يجب أن تعاني مثلما كنت أعاني…

سقطت عند أقدامهما موجة مثل سمكة راي ضخمة وشفافة فقاطعته. كان البحر يقذف بصرخات تصم الآذان. ولكي تسمع “ميليشيادس” كان عليها أن تقترب منه حتى أوشكت أن تلتصق به. علاوة على ذلك فإن البرد…

“هل تتذكرين كيف وقع ذلك؟. أما أنا فأتذكره كما لو كان حدث بالأمس. كنا طفلين ثم كبرنا بجوار بعضنا البعض. وكان على الأمور أن تسير في مجراها الطبيعي فخطبنا لبعضنا وكنا بسبيلنا إلى الزواج…وفجأة طلبوني لكي أعمل على قارب “دون جوايامابي” وغادرت لأني كنت بحاجة إلى النقود. حتى أنت بكيت لفراقي. وانصرم شهر على ما أعتقد. كنت أعمل حول نهر جواياس ومعي بعض الأخشاب، سعيدا أن أعود بسرعة…ثم أخبرني “بادولاك” أنك قد فررت مع أندرياس ولم يعرف أحد عنك شيئا. هل تذكرين؟”.

كانت البرودة تشتد والأصيل آخذ في الظلمة، وكان البحر قد بدأ يهدأ والأمواج تخور على الشاطئ في وهن وظهر في المدى شراع سفينة صغيرة.

“كنت مبلبلا وغاضبا. وحدثتني نفسي أن اقتله ولكني بعد ذلك رأيت أن أفضل شيء يمكنني أن افعله هو الثأر فأنا أعرف أندرياس، وأعرف أن ما ينتظرك معه ليس سوى الضرب والشقاء. ولذلك كان هو أفضل شخص يثأر لي… وماذا بعد؟. انكببت على عملي بكل الجد والمثابرة. لم أرد أن أعرف أي شيء آخر عنك. زرت العديد من المدن وقابلت الكثير من النساء. ومنذ شهر قلت لنفسي:  اذهب لترى تلك النتيجة المنتهية”‍‍.

كانت الشمس تختفي خلف أشجار التين الهندي السوداء الضاربة إلى الخضرة. وكانت أشعتها الوهمية تتراقص على جسد المرأة الهندية فتضفى عليها ألوانا غريبة. بدت الصخور كما لو كانت تنبض بالحياة وبوسعك أن تقول إن البحر كان مرجا يضج بالزهور متعددة الألوان.

“وجدت أنك تغيرت .. هل تعرفين ذلك؟ لقد أصبحت قبيحة وأصبحت عجفاء، وتتجولين في هيئة قذرة. لم تعودي تساوين قلامة ظفر.  كل ما بقي لك هو أن تعانى كلما فكرت في حالك لو كنت معي وما تعيشين فيه الآن. هل تعرفين ذلك؟ والآن اذهبي لأن زوجك لاشك ينتظر أن تقدمي له العشاء ..أمضي..تحركي وإلا عوقبت بالضرب الليلة….”.

كان شراع السفينة يزداد ضخامة، وبضع بجعات يعبرن السماء في تهاد. وكان البحر هادئا وساكنا وابتسامة غريبة تغضن شفتي الهندي الذي أخذ بثأره.

…………….

*ديمتريو أجيليرا مالتا(1981-1909)  كاتب روائي وقصصي وأكبر كاتب مسرحي أكوادوري. ولد في جواياكيل أكبر مدن الأكوادور وبدأ حياته مدرسا بالمدارس الثانوية ثم ارتقى حتى وصل إلى منصب وكيل وزارة التعليم العام كما عمل أستاذا زائرا بكلية سكريبز وجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة. وتقع الكثير من أحداث قصصه ورواياته في المنطقة الصغيرة الواقعة عند مصب نهر جواياس.

 

مقالات من نفس القسم