محمد جلال
دائما ما يراوده ذلك الكابوس، غرفة نوم وردية الجدران، يتوسطها فراش وثير مغطى بشراشف زاهية من الساتان والمخمل، الموسيقى الرومانسية الحالمة تتردد في الخلفية صانعة جوا من السحر والأسطورة، تحت الاغطية… هو…. وفي أحضانه شاه مسلوخة!
ينتفض من الفراش مرتعدا، تحاول زوجته تهدئته وتربت على كتفه متسائلة عن سر هلعه، يزيح يدها برفق ويخبرها أن لا شيء.
ليس ذلك الكابوس فحسب، بل هناك تنويعات أخرى منه، أحيانا يحلم بأنه يغوص في بئر من الهلام اللزج، يرى نفسه والهلام يغطي جسده كله، بل يتسرب إلى أعماقه ويكاد أن يختنق، كلما حاول أن يتخلص منه غاص أكثر.
يجلس على مقعده المفضل في الشرفة، ينفث دخان سيجاره في دفقات الهواء المشبعة بالندى، نسمات الفجر تداعب وجهه وشعره الاسود الناعم، يتناهي إلى مسامعه وقع خطوات ثقيلة منهكة قادمة نحوه، يرفع عينيه المسهدتين في حركة متراخية، فإذ بزوجته تميل بجذعها الهائل لتضع فنجانا من القهوة على الطاولة الخشبية أمامه، بصعوبة تحشر جسدها المترهل في المقعد المقابل له بينما تخرج أنفاسها لاهثة متسارعة ككهل يلفظ أنفاسه الاخيرة، كتل من اللحم والشحم تتدلى على الجانبين، يحدق مليا في وجهها الممتلئ الذي يشع طيبة وبراءة، يحدث نفسه وعيناه تجولان بين السحب التي بدت لوهلة كالخراف البيضاء، يطرق برأسه ثم يهمس متجنبا النظر في عينيها الملائكيتين:
-حبيبتي، ممكن أقول لك شىء؟
ترتسم على وجهها ابتسامة وديعة مغلفة بدهشة طفولية، تحدق في وجهه المطرق لبرهة و فجأة يرفع رأسه نحوها ويباغتها بصوت مخنوق بالبكاء :
– سامحيني…أنت طالق!