هذه الفتاة حتى اللحظة التي كان يحكى لي فيها هذه الحكاية ، انتقل بعد صمت للكلام عن شكل الفتاة العارية وجسدها والصابون المنساب على تفاصيل الجسد الأسطوري، يبدوا لي أنه كان وصفا لما يتمنى ،اكتشفت من تعبيراته أن تلك كانت صدمته الأولى واكتشفت أنها مازالت و أنها ستبقى للأبد نزوته التي لم تكتمل ، لعله كان يقول في نفسه ؛ لو عادت هذه الحادثة مرة أخرى فسيكون هناك تصرف آخر غير ذلك الهروب الجبان والانسحاب الخسيس ، مازال يحمل صورة هذه البنت العارية في مكان قريب جداً من أسطح خزانة ذكرياته ، يخرجها بسرعة ويجعلها القالب الذي يقيس عليه كل امرأة تقع عليها عينه ، كنت أراه هو وتعبيرات وجهه إذا ما مرت السيارة على أي أنثى أو مرت أي أنثى إمامنا ، في هذه اللحظات كنت ترى في عينيه كائن شديد القسوة والهمجية وتصبح ملامحه أقل بلاهة مما يبدوا و إن طالت النظرة أو التحديق تحول الكائن الهمجي إلى مثّال متخصص شديد التفرس ومحترف تدقيق ، يزداد ندمه ويتعالى مرات ومرات مع تزايد صور الحسناوات التي مازالت تلوح أمام نوافذ السيارة ، يعيد صياغة حكايته النصف إيروتيكة وهو يضحك ثم يعود مرة أخري فيعبر بنفخ الهواء عن عظيم استياءه و ندمه على هروبه من هذه البنت التي كانت تغتسل والتي لم تصرخ من المفاجأة ، كأنها كانت تنتظره أو ربما كانت في انتظار أي رجل آخر… لا يهم ، لم أكن محتاجاً لبراهين لأعرف كيف كان سيتصرف لو أنه أمام مرحاض به فتاة عارية تغتسل من الطريقة التي كان يحكى بها وهو يتكلم و يتذكر معتصراً ذاكرته وكأنما يعتصر نهودا وأردافاً في لحظة شبق ساخنة
كنت ابدوا متعجباً طول الوقت، لم أفوت فرصة للسخرية منه، و السائق كان يضحك بخبث أعجبني فاشتدت وزادت ضراوة سخريتي.
وصلت السيارة، توقفت أمام منزلي، هبطت منها، ودعته مبتسماً، غامزا بعيني للسائق، التقطت حقيبتي أغلقت الباب الذي أحدث اصطكاكا تنبه له اولادى المنتظرين عودتي في الشرفة، أكدت على السائق أن يأتي صباحا في الموعد دون تأخير وتركتهم واتجهت إلى البقال لشراء شيكولاتات بالذات حسب الطلب وصعدت مستقبلا زوجتي وأبنائي.
في الليل بعد أن نام الجميع دخلت غرفة مكتبي، أغلقته ورائي جيدا بالمفتاح مثلما افعل كل ليلة، بدأت تشغيل ” اللاب توب ” جعلت كاميرا الويب في وضع الاستعداد ثم دخلت إلى موقع دردشة بعينه وبقيت ابحث و أرسل رسائل لعناوين مجهولة محاولا العثور على امرأة بعينها من أمريكا – تكساس بالتحديد…امرأة كنت قد قابلتها مره بالمصادفة في غرفة الدردشة عندما كنت مراهقاً صغيرا منبهراً بصيحة الدردشة على الإنترنت والتخاطب مع أسرار ما وراء البحار والمحيطات، مازلت اذكر هذه المرآة جيداً بالرغم من مرور كل هذه السنوات وبالرغم من كونها لحظة عابرة تلك التي جمعتني بها، عندما فوجئت بها تدعوني لمشاهدتها في الكاميرا وهى تخلع ملابسها قطعة تلو الأخرى ” رقصة استريبتيز” غواية التعري أمراً صارا مفهوما بعد ذلك بتقدم العمر بالرغم من أنى لم افهم ذلك في حينه ولم انشغل بمحاولة الفهم، لكنى كنت أكثر جرأة و أعظم شجاعة و لم أهرب مثل الباش مهندس، تلفتّ حولي لارتقب عيون رواد المكان، كنت غبيا.. غبيا ـ ما كان يجب أن أتصرف هكذا حتى صار شكلي ملفتاُ و مريبا، بعد أن اندمجت وتوحدت تماما مع المرأة في شاشة الكمبيوتر، كأني أخفى واحتضن سرى مع هذه المرآة، قبل أن أرى أي شيء وقبل أن تخلع صديريتها المهمة جدا جدا، لاحظني صاحب الانترنت كافيه الذي أحرجني أمام الجميع و أعاد لي جنيهاتي ، صرخ في وجهي وطردني وطلب منى مشيعاً ألا أعود مجدداً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*قاص مصري
خاص الكتابة