البدوية

فن تشكيلي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

جاسم الحمود

ذاتَ سبيلٍ تعطّلت بنا السيارةُ قربَ بيتٍ منعزلٍ في إحدى قرى الريف الشمالي ​

كانتْ تمسكُ خِطامَ ناقةٍ هائجةٍ ناديتُ منْ بعيدٍ : ضيفٌ .

ردّتْ دونَ أنْ تلتفتَ بصوتٍ قويٍ : ارْحِبْ دونك غرفة الضيوف , ثمّ شدّتْ الِخطامِ فتراجعتِ الناقةُ مستنفرةً وبحركةٍ قويةٍ مفاجئةٍ منها جثتِ الناقةُ أرضاً … راقبتُ المشهدَ و أنا أتسائلُ هذه إمراةٌ أمْ رجلٌ .

دخلتِ الفتاةُ غرفةَ الضيوفِ فوقفتُ مذهولاً … دخلتْ حزمةً منْ نورٍ وألقٍ بدتْ كأميرةٍ هاربةٍ منْ حكايا ألفِ ليلةٍ وليلةٍ … طولها فارعٌ عيناها رائقتان و وجهها عذبٌ , بيدها دلّةُ القهوةِ مدّت الفنجانَ : تگهوى السموحة الرجال غايبين شوي و يجون .

انسابَ صوتها رقيقاً كأجراسِ فضةٍ تداعبُ ناقوساً .

سألها رفيقي في السفرِ أنتِ التي أنـخْتِ الناقةَ !!!

ردّتْ بحزمٍ : أگول تگهوى و جِلْ الهرج ياالضيف

* * *

أظنها سنتان أو أكثر قليلاً تعّينتْ في مدرستنا معلمةٌ جديدةٌ , جاءتْ مكتبي لمْ تكنْ تمشي لا صوتَ لخطواتها بدتْ كأنّـما تُـحلّقُ على زبدِ البحرِ …. جلستْ أمامي كائناً جميلاً رقيقاً منْ نورٍ … لا أصدّقُ !!!!

هذه الجالسةُ أمامي هي تلك الفتاةُ التي رأيتها في قريتها ذاتَ يوم ٍ… لا أصدق أنّـها تلك البدويةُ الجميلةُ لا يعقل !!!

بادرتها ممازحاً : تگهوي السموحة يمكن بردت گهوتنا .

ابتسمتْ بخجلٍ : ذاكرتك قويةٌ .

أجبتها : مثلك لا تنسى لكنْ كيف ؟

ردّتْ : انتقلنا للعيشِ في المدينة .

– والناقةُ ماذا حلَّ بها ؟ سألتها مداعباً .

ضحكتْ وقالت :هدأت .

قلتُ لها لكنّ قلبي لمْ يهدأ من يومها وأناخَ في فناء بيتكم , أنْـختِ الناقة بقوةٍ وأنْـختِ قلبي برقتكِ .

ابتسمتْ :نصابٌ تقولُ هذا الكلامَ لكلِّ معلمةٍ تأتيك المدرسةَ , دلّني على صفي وبس وحط ببالك : تراني عطفة هلي لو صارت حمية ما همني لا حنشل و لا حواف .

……………

-تگهوى : اشرب قهوتك .

– السموحة : المعذرة .

– جِلْ الهرج : لا تكثر من الكلام .

-أنـخْتِ : أناخ حلَّ وأناخ الجمل أبركه وجعله يجثو على الأرض .

– العطفة : ” العطفة” بمثابة الراية للجيش وتكون العطفة بأن يأتوا بفتاة من أكرم فتيات العشيرة وأجملهن وأطلقهن لسانا حيث العادة بأن تكون هذه الفتاة ابنة الشيخ أو أحد كبار القبيلة فيركبونها ناقة عليها هودج ذو شكل خاص يدعونه العطفة ويقودجملها أحد االفرسان الأشداء فتسوق الفتاة ناقتها الى الأمام وتنخي القوم وتحرّضهم على القتال حيث من عادة البدو ان من خسر عطفته خسر المعركة.

– الحنشل : مجموعة دون العشرة من الرجال يسيرون راجلين في الغالب ليلاً بغرض السرقة يعترضون عابري السبيل.

– الحواف : من يتسلل ليلاً لمضارب القبيلة للتجسس أو السرقة.

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون