الأشياء التى التهمت لسانى

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

نهلة عبد السلام

فرغت جعبتى من الكلام.. نضب معين المبررات.. الظاهر منها والخفى، ما بداخلى أثقل من أن يطفو إلى السطح.. يظهر جلياً للعيان.. العيان العميان غالباً، الجد الواقع الحقيقى.. تحجبه طبقة من توافه وبالطبع هى الأقل كثافة.. وهل يحمل الأفيش غير مسمى.. التفاصيل لاحقاً حيث لا يهتم كثر.. التفاصيل جحيم تحيل البسيط إلى معقد.. الكوميديا إلى تراجيديا.. ليسقط الأفيش مهشماً الأبطال ومبعثراً إياهم.. وتتكفل الدموع بإزاحتهم إلى طريق يبتلعهم وقد تلوى كأفعى.. أفعى تذيق سمها لكل عابر.. والعبور كان لزاماً، لذا لربما شئ من فزع ما ألتهم بعضاً من لسانى.

أنت تثرثر إذن فأنت موهوب.. موهوب بالإفصاح بإنزال الأثقال لا رفعها.. الفضفضة هى الأفضل بإنقاص الوزن.. وزن الهموم والضغوط، روحك بأمان طالما ترمى بشرر إن طال إستقراره بداخلك فلا محالة حارقك، أصحاب الألسنة المتمرسة بالندب والشجب.. الصراخ لأجل أى شئ وكل شئ لن تدركهم شيخوخة لا مبكرة ولا حتى بأوانها.. الشيخوخة لمعقودى الألسنة.. من فقدوا القدرة على تركيب جملة من حروف الأبجدية.. جملة لن تعود حياتهم بعدها كما كانت قبلها أبداً، ولا غُفر لهم من خدعونا فقالوا الستر واجب.. وحين هممت بسؤالهم وما بال التستر كان شئ من خضوع ألتهم بعضاً من لسانى.

المحرم فى آن مباح فى آخر.. أو مباح لآخر!.. والخانات لا ترحم، تعد علينا السنوات وتصر على الزج بملامحنا طرف فى النزاع.. الصورة طبق الأصل!.. الأصل متنصل من أحداث تورط فيها غصباً وإقتداراً.. بل ويشكك فى نزاهة بعضها، هل لايزال العام اثنا عشر شهراً.. الشهر ثلاثون يوماً قد يزيد أو ينقص هفوة.. اليوم أربع وعشرين ساعة.. أم أن الكرة أحالت طاقة الصمت إلى مثيلتها حركة.. فرط حركة.. جنون حركة.. محض حركة تعجل بمواراتنا.. محونا وتبييض أوراقنا.. والورق ساقط لا ريب لذا  لربما شئ من جزع ما ألتهم بعضاً من لسانى.

قلما تكون المفاجآت سارة ومن هنا تأتى كراهتى لها.. أهابها وتصيبنى رعشة حتى حين اقرأ عنها فى محل الرفاهية.. تحتضنها قطعة الشيكولاته وقد أخفى محتواها إلتحامهما الجيد.. “مفاجأة بإنتظارك”.. الترجمة الفورية “صدمة”.. والموجزة “طعنة فى الطريق أو بإحسان الظن لطمة”، هى ليست سوداوية فالألوان غرامى.. تكوينات من متناقضات تفضى إلى خلق جديد.. بصمة تتطابق وروح تائهة أعياها البحث.. روح رفيقها الوحدة ودليلها مراوغ.. يعشق التلميح ويراهن على البديهة.. لذا لربما شئ من ترقب ما ألتهم بعضاً من لسانى.

الشواطئ تحفظ حبات الرمال.. تعشق القوارب مابقيت تركن إليها.. وما أن تعمل المجاديف والماء يحيط من كل الجوانب حتى تنزل لعناتها.. يطيع البحر ويضرب بدواره.. ومن قارب إلى قارب والدوار غالب.. لا وقفة سوية ولا لقمة هنية والتوهة دائمة مادام المد والجزر.. لذا لربما شئ من ضياع ما ألتهم بعضاً من لسانى.

الفزع الخضوع الجزع الترقب الضياع التهموا لسانى.. أخرسونى.. سلبونى متعة التذوق.. تساوى الحلو والمر.. نوع من تبلد.. من جمود.. من فتور، التمييز يولد الرغبة وبدورها تشعل فتيل الحياة.. تحترف إستخدام أحبالك الصوتية.. ترتقى من الكلام إلى الغناء، الأحبال لا تقبل بالتقاعد.. ثمة عمل واحد حين لا تجد لسان.. تتجاوز مكانه الشاغر بخفة.. تتدلى وعلى غرة تلتف حول العنق.. تضغط وتعتصر حتى تنمحى الخانات وتسقط الأوراق.   

مقالات من نفس القسم