إطار الصورة المُذَهب

موقع الكتابة الثقافي art 46
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد مصطفى الخياط

مساء الخير حبيبى. آسفة، آسفة. حقيقى آسفة. عارفة من غير ما تتكلم. حقك عليا. غصب عنى والله، اتأخرت فى الشغل والطريق كان زحمة. أنت عارف شغل المترجمين، هم يفضلوا يرغوا فى الاجتماعات واحنا نترجم الفاضية والمليانة، والنتيجة تأخير. آسفة حبيبى. نص ساعة والأكل يكون جاهز. على ما تاخد شاور تكون السفرة جاهزة. شُبيك لُبيك. ممممه. تسلم لى. ياه ع الابتسامة اللى عمرها ما فارقت وشك الجميل ده. ممممه.

الحمد لله إنى كنت مجهزة الأكل قبل ما انزل الصبح فى الثلاجة. آدى السالمون متبل وجاهز ع الفرن، وآدى البطاطس البوريه. يوه، كنت ها انسى السيزر سالاد وعصير النعناع بالليمون اللى بيحبه. أشغل الشفاط واجهز السفرة على ما السالمون يستوى.

(يرن الهاتف بنغمات متقطعة، فتعقب)، إنسى. إنسى. لا وقت فيس ولا واتس. الأكلة دى عاوزه جو مخصوص. ممم. ممكن أشغل أغنية فى الخلفية. (تناجى نفسها وهى تقلب شاشة الهاتف بسبابتها)، مين، مين، مين. ديميس روسوس (Faraway)، ولا فرانك سيناترا (Strangers in the night)، أووه، ده وقت كينى روجرز (Lady)، ينطلق صوت كينى الدافئ وهى تعد السفرة (سيدتي. أنا فارسك آت بالدرع اللامع، وأنا أحبك Lady. I’m your knight in shining armor and I love you)، (سيدتى. لسنوات طويلة ظننت أننى لن أجدك أبدًا Lady, for so many years I thought I’d never find you).

(أَطَفأت نجفة غرفة السفرة وأضاءت الأباليك فزحف الضوء على الحوائط وصنع جوًا رمانسيًا زادته الشمعتان المتوهجتان فى منتصف طاولة الطعام ألقًا، نظرت برضا وصفقت بكفيها امتنانًا وقالت بصوت مسموع)، “ترى جولى”، ثم رددت مقطع الأغنية الأخير Lady, for so many years I thought I’d never find you.

سحبت الكرسى المقابل وأمالت رأسها، فانسدلت خصلة من شعرها على جانب وجهها، وفردت ذراعها اليمنى وقالت بسرور)، تفضل يا مولاى. لقد جاء وقت الطعام. بون آبتى، (ثم تحركت إلى الكرسى المقابل وجلست قبالته). أبدًا حبيبى ما تعبت. أنا سعادتى ساعة ما أشوفك مبسوط. (تأكل بشهية وتتذوق الطعام باستمتاع).

اتفضل دى. لأ. بجد أزعل. طب دوق. دوق بس. علشان خاطرى. وحياتى عندك بلاش تزعلنى. أيوه كده. عارفة إنك عمرك ما تزعلنى. تسلم لى يا روحى. طب معلقتين سيزار سالاد، خلاص خلاص خلاص. بالهنا. بون آبتى. (تقوم إلى الكرسى المقابل فتسحبه للخلف، وتوجه كلامها له) اتفضل ع الأنترية وأنا ها اشيل الأطباق.

(بعد قليل، تخاطبه من غرفة نومها بصوت أعلى)، لو سمحت غمض عينيك. طبعًا. غمض عينيك. ليه؟. أكيد فيه مفاجأة. ومفاجأة حلوة كمان. يا للا اتفضل بلاش عِند. أوعى تفتح عينيك. لأ .. لسه. أزعل والله. لسه … ولا الأطفال … هههه.

(تقف وسط الأنترية وتقول)، افتح عينيك. هه. إيه رأيك. ولا اتحرم منك أبدًا. (ترى جُنتى)، انت اللى عينيك حلوة. من ذوقك حبيبى. اشتريته امبارح وأنا مع سوزى فى المول. عجبنى، وعارفه إنك بتحب اللون ده. أول ما شفته قلت ها اشتريه يعنى ها اشتريه، حتى لو مش مقاسى، والحمد لله كأنه متفصل عشانى. ههه.

ثوانى، أجيب عيش السرايا اللى بتحبه مع القهوة الفرنساوى بالكراميل وآجى جنبك ع الكنبة. حبيبى ولا أى تعب. المهم إنك مبسوط. تحب أجيب لك فاكهة. عاملة فروت سالاد تحفة. أوكى. خلاص. نتفرج ع الفيلم وبعد شوية أجيبه. بس أوعى تنام. هههه. (يتفرجان على الفيلم، وبعد فترة تنظر نحوه)، يا خبر. حبيبى أنت نمت. زى كل مرة. أحلام سعيدة. ثوانى. أجيب الكوفرتة.

(بحرص أسندت إطار الصورة المذهب إلى ظهر الكنبة، ثم قامت وتحركت بحذر شديد كى لا تُصدر صوتًا، قبلت إطارها المُذهب ثم غطته بالكوفرتة وقالت “تصبح على خير حبيبى”. اتجهت للحمام وغسلت أسنانها، ثم نظرت فى المرآة بأسى. مرت بأصابعها الرفيعة على غضون الوجه صارت أكثر وضوحًا، فى كل مساء يترك الزمن خطًا رفيعًا لا يبين ثم يذهب لينام. تنهدت. عَقَصت شعرها الرمادى وثبتته بمشبك صغير. مضت متثاقلة صوب غرفتها الباردة تتأبط وحدتها، اطفأت المصباح، ثم أغمضت عينيها وراحت تحلم كعادتها منذ ثلاثين عامًا وقت كانت فى العشرين، بفارس تقف إلى جواره داخل إطار الصورة المُذَهب).

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون