أنت أم ذكراك

سوسن الشريف
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سوسن الشريف

تتمايل النجوم فوق صفحة النيل الفضية على صوت أم كلثوم وهي تناجي حبيبها “يا اللي عمرك ما خلفت ميعاد في عمرك… الليلة دي ليه حيرني أمرك”، تمر بي نسمات الهواء الباردة منذرة بشتاء دافئ هادئ انتظره لألقي نفسي بين طياته، تتناثر حبات المياه على وجهي من حين لأخر لترتسم ابتسامة على شفتاي التي تتحرك رغمًا عني مرددة كلمات أم كلثوم دون وعي.

أشعر أنني أتنفس من جديد، أولد من جديد مع كل قدوم للشتاء، أتوق إلى شعوري فيه بالدفء وانتعش مع برودة صباحه، تتجدد خلايا جسدي، يسلم قلبي مفاتيحه على أبوابه، يترك دفاعاته، يهدم حصونه ويحطم أسواره، يتخلى عن نضجه ويهرب عن سيطرة العقل ليصبح هو سيد القرار دون جدال.

أبحث عنك بداخلي لتكتمل هذه اللوحة، أبحث عن ذكرى لنا معًا، وما أكثرها مع أغنيات أم كلثوم التي جمعتنا، يصيبني الإرهاق دون أن أجدك حتى سراب.

أطرح على نفسي سؤال “الليلة دي ليه حيرني أمرك؟؟ يا اللي عمرك ما خلفت ميعاد في عمرك..” ترى هل انتقلت عدوى غيابك إلى ذكرياتنا معًا، فلا أجد صورتك في مخيلتي أعجز عن الشعور بالدفء في صوتك، حتى اسمك لم أعد أتذكره، غابت ملامحك الطاغية دومًا عن مخيلتي، ضل قلبي طريقه وهو يحاول البحث عنك.

أصبح شعوري مختلفًا وأنا خاوية الذكرى ..

 لطالما ظهرت في سماء حياتي كالبرق الذي سرعان ما يختفي، لكنك دومًا كنت تترك شئ ما يذكرني بك، ابتسامة حانية، صوت صادق عميق، لمسة دافئة تعينني على تحمل برودة الشتاء، زهرة يلتصق بها عطرك أضعها بكتابي أو على وسادتي، ترافقني أينما أكون لأشعر أنني بجانبك رغم بعدك، رغم المكان والزمان.

في لقائنا الأخير ضننت علي بالحلم، جذبتني بشدة إلى أرض الواقع، انطلقت الكلمات من شفتيك باردة جامدة جارحة، مصوبًا إياها نحوي دون شفقة غير مبال بألمي. معلنًا انشغالك الدائم، كأنك تحاول إنهاء قصة أنت الذي أصررت على صنعها، حتى اعتذارك عن غيابك الدائم كان باردًا كالجليد.

امتلأت سماؤنا بالغيوم فلم أعد أراك، بحثت عنك، لم أجدك، أين أنت ؟؟؟

فضلت البُعد محاولة الحفاظ على بقايا صورة لك، ذكرى أحيا بها كعادتي دائمًا عند كل فراق، احتفظ بك بداخلي. حلم .. مجرد حلم يشعرني أنني مازالت على قيد الحياة، يبعث الدفء في أوصالي الباردة، يفرض ابتسامة على ملامحي الحزينة، يعيد البريق إلى عيني، يساعدني على تحمل الواقع بكل مرارته وألمه.

لكن الآن أعجز عن العيش في هذا الحلم، لقد غلقت جميع أبوابه بقسوة، أصبح بُعدك حقيقة يصعب تجاهلها، يصعب معها الإبحار في الوهم.

أبحث عن ذكرى منك..

أكان من الصعب ترك لي جزء من عالمك، ليصير هو كل عالمي، ألم استحق منك هذه الذكرى!!

 

 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار