أقول للكلبة في داخلي

أقول للكلبة في داخلي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام
  للشاعر نيكانور بارا الصلاة غير مسموحة، العطاس ممنوع. البصق ممنوع، التسبيح، الركوع. العبادة، العويل، التنخّع.   النوم ممنوع في هذه المنطقة التطعيم، الحديث، الحرمان الكَنَسي  الانسجام، الفرار، الإمساك.   العَدْوُ ممنوع منعاً باتاً.   التدخين ممنوع. ممارسة الجنس ممنوعة.  

كلبة /  Bitch

و الآن حين نلتقي أنا و هو بعد كل هذه الأعوام

أقول للكلبة في داخلي، كفّي عن التكشير

فهو لم يعد عدوانيا كسابق عهده

مجرد صديق قديم يرفع قبعته ملوّحا بالتحيّة

سرّني أن أراك”، نطقتُ

فيما انهمكت الكلبة في نباح هستيري،

هو ليس خصما الآن

فأين هي لباقتك، قلت لنفسي، و أنا أقول

كيف حال الأولاد؟ هم حتماً كبروا

ردّا على مجاملة منه، كما في ماضي الأيام البعيدة

غيّرت الكلبة من نبرة صوتها

تريد أن تدنو أكثر منه، أن تتملّقه.

اهدئي، يا هذه، ابتعدي

وإلا خنقتك بطوق السلسلة

أنا بخير، بخير تماما”، قلتُ له

أخذ لعابها يسيل و انبطحت تتمرغ في تذلل على الأرض

فأنا في النهاية سيّدتها وهي بداهة مطيعة

هي تتذكر وحسب كيف كانت تركض

كل مساء إليه، كلما أحسّت بوقع خطواته:

كيف كانت ترتمي على قدمية وترنو إليه بتحبّب

حتى وهو مستغرق في جريدته:

أو مستنكف عن تعلقها الشديد، آمرا بأن تقبع في المطبخ

إلى أن يرغب أخيراً في الملاعبة

لكن ألطف لامبالاته

حين يكون قد استمتع بيوم رائع أو شرب كأسين

الالتفات إليها عندئذ، أهمّ

من الفظاعات اليومية و الإهمال

جميل أن أعرف أنك بخير” قلتُ

لم يكن ممكنا أن يصطحبكِ معه:

كنتِ استعراضيةً بشدّة، ورعناء بشدّة

ليس كحيوانات أصدقائه الجدد، المهذّبة الأليفة

أبلغ زوجتك تحياتي” ، قلتُ. كنتِ تتقيّئين

وأنا أسحبكِ من قفاك مردِّدة، “باي ، باي! لقد سعدتُ بلقائِكَ ثانية”

………

الحب الذي نخفيه

لا تصدق أبدا أنني سأهجرك

تحت ذريعة أي رغبة.

لا تصدّق أنني سأعيش بعيدا عنك

بإستثناء ما تحتّمه الضّرورة.

فبعد يوم طويل من الفراق

ما زال عطرك عالقًا بجسدي.

أحملُ معي رسالتك حيثما ذهبت.

نطاق فستاني التفَّ مرتين حول خصري

كم تمنيتُ لو أنه ضمّنا نحن الإثنين معا.

…..

هل تعلم أن كِلَينا يخفي هذا الحب

بسبب مرارات سابقة، وخوفٍ وهمي؟

كلانا مواطن عصر متوحّش

تربىّ تحت الأقنعة و الحرمان الذاتي.

مواريا حبّه العابق الجريح.

***

رسالة تهديد

أتفهّم تماما أنك تكتب الآن سيرتك الذاتية

كن بالأحرى حذرا فأنا كاتبة مقروءة

وأستطيع الردّ بقوة وفي وسعي أن أنشر هنا

مثلا وليس في وسعك أن تنشر بأي حال فقد أخبرني الأولاد أنك

لم تذكرني ولم تذكرهم على السواء

لكنك إذا سكتَّ عن ذكر زوجتك و أولادك فما الذي

بإمكانك أن تقوله من أشياء مهمة

لا شيء بالمطلق لاشيء مهمٌ في حياتك

سوانا

أتخيل أنك ستقول معتذرا إنني أكتب

هذا لأجل أولادي حتى و إن لم يجر

ذكرهم و ستكون لفصول سيرتك عناوين

مثل قراءاتي حيث ستناقش مونتاني و ستاندال

دون ذكر للشعر و الفلسفة

أو الرواية منذ عام 1940 لقد قلتَ عن نفسك مرة إنني بَنَيت

كل أفكاري بالمدرسة وأني لم أعد أهتمّ بها مطلقا

لأنها توقعني في البلبلة  وتشغلني عن غايتي في الحياة

أدركت حينها أنني تزوجت من أبله

……

فصول أخرى ستتعرّض لاهتماماتك

بالسياسة و تمارينك الرياضية في العراء و آخرها

سيتضمّن مسارك في وزن الملاكمة المتوسط بالجامعة

الى سقطتك من أعلى الجبل في عمر التاسعة و الخمسين

بصدق لا أحد في مثل سنّك سيقول أنك كنت متقلبا

أراهن على أنك ما زلتَ تحتفظ بتلك القصاصة البالية

لنص كيبلينغ الشعري “لو” في جيب محفظتك.

المبدأ الجامع لكل هذا هو الألم

فإن كان يؤلمك فأنت تستحقه في كل شيء

من اللّكمة على أسنانك في عمر العشرين

الى جمود خصيتيك على ارتفاع 12000 قدم

ثم إن في حوزتي لك عنوانا رائعا يا عديم المواهب

لماذا لا تطلق على سيرتك حياةٌ ليست لي

..

فقط تذكّر ألا تعود إليها وتضيف أشياء

عني فقد توقّفت عن الكتابة عنك منذ

عشرين عاما بسبب الملل أوّلا لكن أيضا

لأن الأعوام التي قضيناها سويا تلاشت مثل

فيلم كوداكروم تحت ضوء الشمس تذكّرني إذن

في البيكيني الأزرق على بساط من جلد الدب مع طفلي الرضيع

الذي ألقيتَه عند قدميّ فإذا كنت تريد

أن تتصرف بنذالة فأنا واثقة من أنني أستطيع أن أفضح

بعض التفاصيل وسأخترع حيث تخونني الذاكرة

فكفَّ إذن عن جنون عظمتك القديم و الذي قد يفسد كل شيءقلته

في سيرتك و امض بعيدا عن ذكري و أعدك بأني سأتجاهلك كلّيا

حين أكتب سيرتي

…………………….

* توفيت الشاعرة الأمريكية كارولين كايزر قبل أيام في التاسع من أكتوبر 2014

مقالات من نفس القسم