بطلة الحكاية هي ورد المولودة الصغيرة التي تنمو معنا عبر صفحات الحكاية وفي كل فصل تقدم تجربة جديدة في حياتها أو اندهاش جديد تقابله في الدنيا، فأحد الفصول عن انتظارها لبيضة الدجاج، وفصل آخر عن بذرة التفاحة التي ابتلعتها وظنت أنها ستتحول هكذا إلى شجرة تفاح: “سكتت ورد لحظات.. تتخيل رجليها ثابتة لا تتحرك وسط بركة من الطين، ويداها وشعرها فى الشمس والهواء. والعصافير تبنى عششا فوق رأسها”. وفكرة تحول ورد إلى شجرة تفاح هي فكرة مدهشة كانت كفيلة أن تكون وحدها قصة منفصلة جميلة ومميزة. لذا ستتنوع أفكار الكتاب بين فصل وآخر، لتكون بعض الأفكار عادية وبعضها مميزة.
هذه الحكايات المتنوعة في الفصول المختلفة تبدو مثل لوحات مختلفة في الحكاية تغطي أكثر من جانب عن دهشة ورد من الحياة، لكن قد يؤدي ذلك إلى افتقاد الخط التصاعدي المشوق للأحداث.
ورد أطول من كونها قصة للأطفال لأنها تقع في 45 صفحة. ويمكن اعتبارها رواية مصورة للأطفال، لأنها لا تقدم حدثا واحدا يتنامى، إنما تقوم على حكاية لها أكثر من بطل مشارك في صناعتها وعدد من الأحداث والتفاصيل المختلفة التي تحكي عن ورد. احتوى كل فصل على فكرة مختلفة، وهي تصحب ورد من لحظة ميلادها حتى نهاية الكتاب وهي تتم عامين.
يأخذ الكتاب شكل لوحات مأخوذة من داخل مذكرات تقدمها الأم عن ابنتها الصغيرة، كما كُتب على الغلاف “من مذكرات ماما عن ورد” وإن يؤخذ على الكتاب أن المذكرات من المفروض أن يرويها صاحبها وهو الأم. لكن الأحداث في كتاب “ورد” لا ترويها الأم.
مع أن ورد هي البطلة للحكايات، إلا أن البطل الخفي في الحكايات هو أخوها نديم، وربما يكون هو الهدف من الحكاية وهو القارئ المتوقع، لأن نديم هو الأخ الذي يفرح بقدوم أخته ويرقب تطورها ويشاركها لعبها ويندهش من أفعالها، وبالتالي الأولاد الذين ينتظروا مجيء أخوة جدد هم القراء المتوقعين لحكاية ورد. ونديم شخصية إيجابية يحسب للكاتبة رضا سلام أنها قدمته كشخصية سوية ومحبة وكقدوة للأطفال في تعامله مع أخته وتحمله لمسئولية أخته في غياب أمه. ولم تقدمه الكاتبة كطفل يحس بالغيرة من اهتمام أمه بأخته الصغيرة، إنما كان يحس بأن تصرفات أخته الطفولية تمنحه إحساسًا بالثقة لأنه كبير، فيفكر: “بالتأكيد تنظر ورد لسريرى على أنه حجرة كبيرة، والحجرة على أنها بيت، والبيت على أنه شارع، والشارع على أنه دولة، والسوق على أنه قارة. وأنا… بالنسبة لها كبير جدًا…..أنا كبير جدًا.. جدًا فى تلك الليلة، نام نديم وهو يطير من السعادة، فهو يشعر بأنه عملاق، ويمتلك جزءًا كبيرًا من هذا العالم”. ورد بذلك هو كتاب يحتاجه الكثير من الأخوات الغاضبين من المواليد التي تظهر في بيوتهم وتثير فوضى.
اختار الفنان أحمد فاروق صورة الغلاف من حكاية سبوع ورد، وهي في الطبق وبجوارها الهون .. وكان الغلاف بذلك يربط حكاية وجود مولود جديد بالهوية المصرية، لأن أحد أبعاد الحكاية تروي كيف ينمو مولود جديد وسط العادات والتقاليد المصرية. وبذلك قدم الفنان الغلاف برسوم وتفاصيل فلكلورية جميلة. ويحسب أيضًا تقديمه لشخصية ورد خمرية اللون لتبدو من ضمن الهوية المصرية بالإضافة لتأكيده بذلك على ما ذكرته الكاتبة من صفات ورد الشكلية. وتتضافر الحكاية والرسوم في تقديم لمسات فلكلورية لعالم ورد الصغيرة: ” أضاء الكبار والصغار الشموع البيضاء. رمى الجميع نقودًا معدنية فى صينية بها ماء، وتتوسطها قلة. وضعت الجدة ورد فى الغربال وسط الحجرة”. وتضييف الكاتبة رضا سلام لمسات إيجابية على الفلكلور .. فترفض الأم دق الهون إلى جوار أذن ورد الصغيرة.
يذكر أن الكتاب تم نشره في مشروع مكتبة الأسرة عام 2016 وذلك بعد نشره الأصلي بعام.
عن الكتاب
الكتاب: ورد
المؤلف: رضا سلام
رسوم: أحمد فاروق
سنة النشر: 2015