عودة هيتشكوك ..منافسة ثانية لريبيكا !

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أحمد فاضل *

مضى على رحيله تسعة وعشرون سنة ولا تزال تلك ألخانة من ألرعب لم يملئها غيره ، وإذا تجاوزنا كل ذلك ألتأريخ ألعتيد ألذي ما برح يذكرنا بأفلام عاشت معنا حتى هذه أللحظة فستذكرنا ريبيكا حتما بأنها كانت ألبداية له في هوليود .

ألفريد هيتشكوك عاش مع ألسينما الإنكليزية ردحا من ألزمن فقدم لها أفلاما عديدة قبل أن تختطفه هوليود ليفوز في أول فيلم له قدمه للسينما ألأمريكية ( ريبيكا) من بطولة ألنجم ألذهبي في حقبة ألأربعينات من ألقرن ألماضي ( لورنس أوليفيه ) مع ألنجمة ( جوان فونتين ) وبإخراج متميز أدهش فيه ألمشاهد ألأمريكي وكتبت عنه ألصحف والمجلات خاصة ألفنية منها مشيدة بهذا الإنجاز ألرائع ، كان ذلك عام 1940 فترشح ألفيلم لجائزة ألأوسكار فحصد منها أحد عشر جائزة مرة واحدة توزعت على أفضل ممثل وممثلة وأفضل ممثلة مساعدة ( جوديث أندرسون ) وأفضل إخراج وسيناريو وأحسن ديكور داخلي مع أفضل مونتاج ومؤثرات خاصة ، هذا ألفوز ألكبير جعله من أفضل ألمخرجين في هوليود ، وقد صمد هذا ألفيلم ألمأخوذ عن قصة بنفس ألعنوان لمؤلفها ( دافنيه دومورييه ) طيلة سنوات عرضه في أربعينيات ألقرن ألماضي ، وعاد ثانية ليكتسح محلات بيع أقراص ألدي في دي في الآونة ألأخيرة ويكمن ألسر في خلود هذا ألفيلم في ألحبكة ألقوية ألتي صاغها هيتشكوك إخراجيا لهذه ألقصة ألتي حبست أنفاس ألمشاهد حتى ألدقائق ألأخيرة من ألفيلم ألذي يعتبر ثالث أطول أفلامه حيث إستغرقت مشاهدته 130 دقيقة .

ألقصة تدور في منزل ريفي إنكليزي حيث تدخله عروس ساذجة تعيش في حالة خوف ورعب دائميين بسبب غياب ألزوج وتركها وحيدة مع مديرة منزلها ألغريبة ألأطوار والتي توهمها بأن راعية ألمنزل ألأولى لم تمت لكنها إختفت ويطل شبحها مع إطلالة كل غريب يطأ هذا ألمنزل و” ربييكا ” وهذا هو إسم ألزوجة ألمختفية مستعدة للإنتقام وقد تقتلها في أي لحظة ، هنا يتدخل هيتشكوك للتلاعب بأعصاب ألمشاهدين وفق آلية عجيبة من الإخراج ألسينمائي تسبقه ميلودراما عنيفة يتخللها رعب هو أقرب للحقيقة وفي ألنهاية يتضح أن لاوجود لشبح ألزوجة ألأولى ألتي غادرت ألحياة منذ مدة وأن كل ذلك من تدبير مديرة ألمنزل ألتي تريد الإستحواذ عليه ، وقد تقمصت دورها ألممثلة ألبارعة ” جوديث أندرسون ” .

هيتشكوك وقبل أن يقدم على إخراج “ريبيكا ” كان قد قرأ ألرواية عدة مرات وبدأ يبحث عمن يكتب له سيناريو ألفيلم فعهد به إلى ” مايكل هوغان ” ألذي لم تعجبه طريقة كتابته وإستقر أخيرا إلى ” جون هاريسون ” ألذي قدم له سيناريو تفوق فيه على كاتب ألقصة ألأصلية وعند ألمباشرة بتصوير ألفيلم إصطدم هيتشكوك بمنتج ألفيلم ألذي أصر على إختصار بعض مشاهده وأوضح ذلك بمذكرة طويلة ، إلا أن هيتشكوك أفهمه بأن عدم ألمساس بكل مشاهد ألفيلم سوف يخدم ألنص ألأصلي للسيناريو وبالتالي سيخدم ألفيلم وهذا ما حصل له فعلا .

وعلى ألرغم من مرور 69 عاما على إنتاجه فقد عاد فيلم “ريبيكا ” وبكل قوة متصدرا محلات بيع أقراص ألدي في دي في مخازن ” وسمث ” حيث صرح أحد موظفي ألمخزن ألمذكور بأن هذا ألفيلم قد تقدم على أفلام عديدة في ألبيع خاصة ألأفلام ألمحسوبة على كلاسيكيات هوليود كفيلم ” ذهب مع ألريح ” ألذي تزامن عرضه ألأول مع عرض فيلم ” ريبيكا ” في أربعينيات ألقرن ألماضي .

أفلام هيتشكوك لازالت مطلوبة حتى ولو كانت بالأبيض والأسود ، لأن ألطريقة ألفريدة ألتي أدار بها سيد أفلام ألرعب في إخراجها تُعجب حتى ألمشاهدين ألصغار منهم وهذا مالمسناه في فيلمه ” ألطيور ” إضافة إلى دقته في إختيار أماكن ألتصوير وإستخدامه ألمؤثرات ألصوتية ألتي تزيد من إضطراب ألمشاهد وتجعله يعيش أجواءا حقيقية وهو ملتصق على كرسيه في صالة ألعرض .

” ريبيكا “عادت مع هيتشكوك لتنافس أكبر مجموعة من ألأفلام عرفتها هوليود طيلة تأريخها ألفني ألحافل وإذا كان للأوسكار أن يمنح أفلاما عفى عليها ألزمن إفتراضا ، فمن حق هذا ألفيلم أن يترشح ثانية له .

ــــــــــــــــــــــــــــ

*ناقد وشاعر عراقي

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم