“الحرب العالمية الثالثة” .. ابتسم من فضلك هوليود ترجع إلي الخلف

"الحرب العالمية الثالثة" .. ابتسم من فضلك هوليود ترجع إلي الخلف
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
تنتفض السينما المصرية مرة اخري وتستفيق من غفوة جبرية فرضتها عليها الأحداث السياسية إلي جانب الخيانات المتوالية التي تتجرع مرارتها من دولة لا تري للفن دور ومنتجين يفرضون أذواقهم علي جمهور قليل الحيلة وألهه للصناعة يحركون الجميع كعرائس الماريونيت في عرض كبير تصب ايراداته الا قليلاً منها في حساباتهم المصرفية.

وتتكرر هذه الصحوة لتعيد النبض إلي جسد السينما المصرية علي فترات اقتربت او بعدت لا يهم فالمهم هو ضخ دماء جديدة في اوردة الفن السابع بدلاً من تلك التي ارتشفها مصاصو الدماء محتكرين لكل ما تملكه السينما حتي وثيقة وفاتها ، ولكن هذه الانتفاضة التي كثيراً ما تتزعمها الكوميديا لقربها من جمهور يتواري خوفاً من أنياب القهر واليأس والضياع خلف قهقهاته في السينما او في الحياة تعيد الامل في استمرار هذا الفن.

ويعتبر فيلم “الحرب العالمية الثالثة” أحد التجارب الكوميدية التي حققت جذباً جماهيريا كبيراً لا بما يحمله من جرأة في الطرح وجرعات مكثفة من البهجة ولكن لأن صناعه وراء انتفاضة الكوميديا في ثوبها الجديد فالتجربة الرابعة لأحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد تجاوزت ايراداتها العشرة ملايين في الاسبوع الاول لأنها تنتمي لفكر جديد منفتح علي الأخر وقادر علي استقطاب جمهوره والتاسيس لقواعده بطريقه صحيحة، فالسينما لم تعد تفرض نفسها حسب أهواء منتجين وابطال خدعتهم ذواتهم المتضخمة وأوهمتهم بالتربع علي عروش الضحك ولكن جمهورها تحول لريموت كنترول يتجول بين دور العرض حتي يصطدم بجديد يجذبه

وهو ما حققه الثلاثي في تجاربهم السابقة سينمائياً ، وتليفزيونياً في تجربتهم الوحيدة “الرجل العناب” التي كانت مشروع لفيلم سينمائي تأرجح بين محمد حفظي والسبكي ولم ينتج فلجأوا لتنفيذه تليفزيونياً بعد تعامل الوسط معهم بتعالي وحذر معتقدين أن نجاح تجاربهم السينمائية ضربة حظ.

ولكن الحقيقة ان وراء هذا النجاح فكر مختلف إلتف حوله جمهور  كبير من شباب الانترنت الذي يسخر طوال الوقت من كل الاشياء وكثيراً ما يسخر من عالمه الافتراضي الذي يجد فيه متنفساً يعبر من خلاله قيود وأسوار ترتفع شيئاً فشيئاً من قبل الأنظمة الاستبدادية خوفاً من ارتفاع سقف أحلام هذا الجيل الذي يعرف حقوقه المهدره أكثر من جمعيات حقوق الانسان كما يعرف عن هوليوود وافلامها ونجومها ومخرجيها أكثر من أرباب النقد السينمائي في مصر بإستثناء أسماء قليلة ممن رحم ربي.

والأفكار التي طرحها شيكو وأحمد فهمي وهشام ماجد ادخلت قفص الاتهام بداية من “ورقة شفرة” وانتهاءاً بـ”الحرب العالمية الثالثة” بتهمة السرقة من افلام امريكية ولكن كثير من كتاب الصحافة الفنية ولهم وافر الاحترام لا يدركون الفرق بين ما يعنيه سرقة عمل فني أو اقتباسه او السخرية منه وهذه الفروق لا تتأتي إلا بدراسة وافية للسيناريو والمنقول عنه وتحديد الخطوط الرئيسية التي تمت سرقتها او الافكار المقتبسة من وإلي ، وهو ما لا يحدث فنحن نخشي أن نشاهد ونمل التفكير فيما شاهدناه ولا نجد عيباً ولا رادعاً في أن نلقي حجراً في بركة ماء صافية وننتظر من يوقف الدوامات.

لهذا يأتي اتهام “الحرب العالمية الثالثة” بالسرقة سطحياً لأن فيلم “ليله في المتحف” لبن ستيلر عرض جزئه الاول قبل ثمانية أعوام ثم التقطته الفضائيات سريعاً وما زال يعرض بشكل شبه يومي علي قنوات الأفلام وجميعنا يعرف الفيلم بجزئيه ويحفظ شخصياته والمتعارف عليه أن سارقي الأفلام يبحثون عن المجهول منها لنقله ومما سبق يجب أن نضع التنويه في مقدمه الفيلم ضمن المقدمات التي تؤدي الي نتيجه واحدة وهي اعتماد الفيلم مبدأ السخرية وكتب علي سبيل الأفيه رغم ان فكرة الفيلم الاول وعودة الروح الي تماثيل من الشمع ليست بجديدة لتسرق فالغرض كما قلنا هو نقل رؤية ساخرة لأفلام هوليوود التي سخرت من نفسها لأنها بالفعل سينما ترجع الي الخلف بعد عقود صدرت خلالها للعالم الكثير من الافلام التافهة ثم لم تجد ما تقدمه فسخرت مما قدمت كما في افلام“saw” وغيرها من افلام الرعب التي جمعها عدد من شباب السينما الامريكية وقدموا معالجات كوميدية تسخر من افلام الرعب في اربعة اجزاء حملت اسم “سكير موفي”وحققت رواجاً لا في الولايات المتحدة الامريكية فقط ولكن في مصر أيضاً.

والفيلم هنا يعتمد علي المفارقة التي يتلقاها من يعرفون فيلم “ليله في المتحف” جيداً بموجة من الضحك خاصة أن البطل هنا هو “خميس” أو احمد فهمي ابن صاحب محل ادوات صحية يدعي الشجاعة ويجسد نموذجاً شعبياً يعرفه الكثيرون منا فهو صاحب الكرة الذي لا يجيد اللعب ولكنه يلعب بقانون الملكية فلا يقف كحارس مرمي او يلهث للاتيان بالكرة التي يدفعه الحصول عليها أخيراً لدخول المتحف قبيل صحوة التماثيل ثم يحصل علي طوق النجاة قبيل اعدامه بانتحال شخصية صلاح الدين الايوبي وهي مفارقة اخري.

والسيناريو هنا يقدم شخصيات مختلفة لا تتلاقي مع الفيلم الامريكي إلا من خلال شخصية “توت عنخ امون” لتأتي مختلفة مع اعتماد السيناريو مرة اخري علي المفارقة بجعل “شيكو” يجسد شخصيته فلا تتلاقي هيئتهما بأي حال من الأحوال ناهيك عن الكوميديا التي تنبعث من تركيبة الملك التي تحمل طفولة لا تتناسب وهيئته.

ويضيف السيناريو شخصية علاء الدين التي يجسدها هشام ماجد مستعيناً بفانوسه السحري وبداخله عفريته “سيد” أو أحمد فتحي هذا العفريت الكسول المتخاذل الي جانب بعض الشخصيات الفاعله مثل محمد علي باشا واحمد عرابي تابعا الملك والاسكندر الاكبر صاحب قهوة اسكندراني داخل المتحف وبوب مورلي مطرب الاغاني الشعبية “المسطول” ويتحول تمثال بن ستيلر  هنا لتمثال ابو الهول الذي يعمل بمبدأ “تفتيح الدماغ”ويطلب سيجارة ليتستر علي أي شخص يريد اقتحام الجناح الملكي.

فالمفارقة تأتي من إختلاف طبيعة الشخصيات التي ترتدي أزياءاً تاريخية ولكنها تتعامل بمنطق ومرادفات العصر وهذا في حد ذاته يولد الكثير من الكوميديا وعلي الجانب الاخر يقف محور الشر المكون من “هتلر” علاء مرسي و”هويدا” انعام سالوسة موظفة المتحف التي تترك الخدمة وتسعي للحصول علي كتاب التعويذات السحرية لإستخدامه وهتلر في شن حرب عالمية بايقاظ اشرار العالم

ومعسكر الشر لا يختلف في تركيبته الابداعية التي وضع لبنتها الثلاثي هشام ماجد واحمد فهمي وشيكو وعبر عنها مصطفي صقر ومحمد عز الدين في سيناريو الحرب العالمية الثالثة.

ولكن مع خروج التماثيل من المتحف يبدأ الايقاع في التراخي ولا تفلح مارلين مونرو او بوسي بوصلتها الكوميدية او الغنائية وحوار عمرو يوسف الذي يجسد رأس صلاح الدين او حتي اطلالة سمير غانم كرجل امن في شد ايقاع العمل لتتغلب هوليوود علي صناعه في التمهيد للحدث وتقديم ذروة تليق بنهاية الفيلم.

فتوافر الكوميديا لا يعني الاهمال في قواعد اللعبة السينمائية ناهيك عن حشد العديد من الشخصيات التي لم يسهم السيناريو في توظيفها مثل أحمد عرابي صاحب الدور المحدود وغاندي الذي لم ينطق سوي في مشهدين وام كلثوم التي قدمت وصلة غنائية وحيدة ورأفت الهجان في مشاهده القليلة كذلك شخصية ابو الهول التي قدمها صلاح عبد الله ولم يتم استغلالها جيداً رغم مردودها الكوميدي واستخدام الجرافيك في تحريكها بشكل مبشر بالاضافة لأسدي قصر النيل وكان علي المخرج احمد الجندي الاهتمام بالصورة والديكور بشكل اكبر لأن التجارب تمر ولا تتكرر والفيلم رغم تميزه افتقد تفاصيلاً هامة كان من الممكن ان تحقق ابهاراً الي جانب الكوميديا وهو ما نسعي لتقديمه في السينما المصرية لنلحق بركاب هوليوود وهو أمر غير مستحيل.

وفي النهاية نؤكد أن فهمي وشيكو وهشام ثبتوا اقدامهم علي مسرح الكوميديا بهذه التجربة خاصة وانهم لم يصروا علي الكتابة بل فضلوا الاستفادة من عقول اخري مثل مصطفي صقر ومحمد عز الدين كذلك استعانتهم بكوميديانات مثل بيومي فؤاد الذي اثبت انه كوميديان من نوع خاص وقادر علي التنوع والادلاء بدلوه في كثير من مناطق التشخيص بالاضافة لأحمد فتحي الصاعد بقوة ويوسف عيد المبهج وسيدة الكوميديا انعام سالوسة اضافة لمحمد علي وشيماء والظهور الشرفي لمحمود الجندي فنحن امام تجربة جيدة كانت تستحق جهداً اكبر خاصة علي مستوي الانتاج.

مقالات من نفس القسم