صُحبة عجوز

إيمان أحيا
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

إيمان أحيا

اعتاد إحضارهم طوال الفترة الأخيرة، كانت الحل الذي توصل إليه لعلاج المشكلة التي تؤرقه، كيف يتخلص من هذا الفراغ الذي يملأ عليه حياته؟، كيف سيعوض صوت أبنائه الذي صمت وصمت معه كل شيء من حوله؟، ما ‘ن يتذكرهم حتى يجهش بالبكاء ثم يعود لتهدئة نفسه: “لا بأس، سأكون على ما يرام  بدونهم”.

صارت كل قطة يلتقطها من الشارع تعويضاً كافياً بالنسبة له عن أبناء يُحملهم مسئولية تركه وحيدا دون أنيس أو جليس، أصبح يحيا بأصواتهم، كان قد مر قرابة الأسبوعين حتى امتلأ البيت بالقطط، ولم ينقضِ الأسبوع الثالث حتى بدأت في الهلاك واحدة تلو الأخرى، ورغم جهله بسبب موتها إلا أنه كان يعلم جيدا كيف يكيل لها اللعنات والسخط عليها: “جميعكم متشابهون، نعم تشبهون أبنائي، جميعكم  ترغبون في تركي وحيدا بين هذه الجدران، انظروا لم يتركوا لي سوى هذه الإطارات، وكأنني أنجبتهم لأستلقي بقية عمرى وحيدا أنظر إلى صور جامدة لا تؤنس وحدة أو تدفئ قلبا”..

كان قد مر قرابة الشهرعلى تاريخ هذه الفكرة التي لمعت في ذهنه، والحال كما هو بين إحضار وفناء لهذه القطط، وذات يوم تم تقديم بلاغ إلى مركز الشرطة عن أن الشقة رقم 6 شارع النخيل تنبعث منها رائحة نتنة زرعت الريبة في قلب بقية السكان مما دفعهم لتقديم بلاغ إلى مركز الشرطة بالمنطقة للنظر في الأمر، وبالفعل تحركت قوة إلى الشقة المذكورة وتبين أن مصدر الرائحة بقايا ما يتجاوز الخمسين قطة متعفنة تم دفنها أسفل ارضية الشقة بعشوائية لم يكن بإمكانها إخفاء الأثر، وما أدهش الضابط المسئول وجود الجار وهو رجل لم يجاوز الستين في هذه الشقة التي لا تنبعث منها أي دلالة للحياة دون أن يحرك ساكنا، وكأنه يغرق في عالم آخر لا يراه سواه في ذلك الكم من الإطارات الفارغة، لتكتمل الدهشة بتأكيد الجيران أن الساكن لا زوجة  له ولا أبناء .

مقالات من نفس القسم