من خلال السرد يتضح أن القسم يعج بالمريضات أولهن (العنود) من الكويت, والأخريات (حبيبة ونجوى وهتون ومها ونسرين وفدوى) ولكل منهن حكاية مختلفة, وسبب آخر أدى لدخولها المستشفى.
الأحداث المتداخلة تأخذ القارئ من مكان لآخر, فعندما توقفت سيارة لأحد المدرسين الوافدين, تجمع حولهم الأطفال مستغربين وجود نساء كاشفات, فطلب منهم أهل القرية مغادرة المكان, لأن القرية (ديرة نشامى), ولكنه طلب منهم يوصلونه بيت الأمير, ولأنهم كرماء على الرغم من قسوة المناخ والطبيعة فالتفت إمام المسجد قائلا: (وراه.. ما فينا أجواد؟) وعزم عليه كعادة العرب (لازم تنزل عندي), وقال آخر إلا عندي, وفي الأخير اتفق الجميع على نزوله عند أحدهم, فانقسموا إلى فرقتين الرجال في مجلسهم والحريم في مجلسهن كما هي عادات أهل القرية, وأصالتهم في كرمهم واستقبالهم لضيوفهم, حتى بعد أن استأجر الضيف منزلا لأسرته من الأسمنت المسلح لم ينقطع إمداد المجتمع لهم بالبطاطين والسجاد والقهوة وأدواتها …. الخ
عشت مع أحداث الرواية في حقب زمنية متفاوتة, استعرضت العادات والتقاليد البدوية بما فيها الزواج ومتطلبات المهر والمصاغ, وزواج الشيخ الكبير الذي تجاوز الستين بـ(مزنة), وأحداث حرب الخليج وما بعدها, في تسلسل جميل ومحافظ على الأدوار بعناية فائقة استطاعت أن ترسم لوحة فنية للبيئة الصحراوية وقراها وهجرها, وعاداتها وتقاليدها وطباع أهلها, وشراكة نسائها في كل شيء, كما ألمحت الرواية إلى الفروق السكنية بين القرى والمدن, فهناك فرق بين البيت المسلح في المدينة وبيت الطين في القرية الذي تسطعُ الشمس في جدرانه من الخارج لكنه من الداخل موحشٌ ومظلم, ماعدا بعض الشعاع البسيط الذي يتسرب خلسة من كوة صغيرة, وعرجت الرواية على الحالة التي يعيشها المجتمع وعالم المدارس والكليات والوافدين من المعلمين والمعلمات, ولم تنس عالم الشباب والشابات, وحشد عدد كبير من الأسماء والحكايات والمغامرات, في رواية ممتعة تستحق القراءة..
فشكرا للروائية المصرية (أسماء عواد), التي وفُقتْ في هذا العمل السردي الجميل, المتجلي في سلاسة اللغة البسيطة والروح العذبة, وحصافتها في انتقاء المفردات البدوية, وكتابتها بكل أناقة, ما يدل على اندماجها وسط المجتمع الصحراوي وإجادتها للهجة المحلية في أواسط (نجد) فتعرفنا من خلالها على قرية رغبة.