“حجاب الساحر” لأحمد الشهاوي

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 71
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

مصطفى عبادة

سوف تظلُّ شخصية “شمس حمدي”، بطلة رواية “حجاب الساحر” لأحمد الشهاوي طويلًا في ذاكرة الرواية العربية، فهي نموذجٌ لمواجهة التناقضات السيئة للطبيعة البشرية، ذات روح غنائية تستحضرُ الأحلام، وخيبات الأمل، وما يعنيه أن تكون نقيًّا خلاقًا. شمس حمدي تخوضُ مع الراوي حربًا عميقةً ضد الجهل والخُرافة وإشاعة رُوح الخراب، حربًا ضد عدم اليقين، ومحاولة العيش في ظل محاولات الآخرين السيطرة عليها، والأضرار الجانبية التي تسرَّبت إلى رُوحها، والسِّحر الحقيقي في لحظات الانتصار.

“حجاب الساحر”.. الرواية الأولى لأحمد الشهاوي، ماهرةٌ وبانوراميةٌ، ومكتوبةٌ بدقة من طبقاتٍ عديدةٍ، ومن العديد من الحقائق الاجتماعية المسكُوت عنها، وتكشفُ من ناحيةٍ أخرى آليات تخريب حياة الآخرين، وتفضحُ العديد من الأرواح والظروف التي تجعل من بعض البشر قتلة من دُون سببٍ، وغارقين في الأذى من دون سببٍ أيضًا .

ما يلفت النظر في “حجاب الساحر” مع ذلك، هو هشاشة الشَّر برغم ما يبدو عليه من رسوخٍ وصلابةٍ في وجه أية مقاومة متى كانت صادقة.

يبدو كما لو أنَّ أحمد الشَّهاوي أراد بهذه الرواية أن يتجاوز نفسه بإدخالها في أُتُونُ معركةٍ جديدةٍ، هذه المرة، على صعيد الرواية، وأن يجرِّبها في حقلٍ صعبٍ آخر، وباختيارِ أشد طرق السَّرد صعوبة، بعدم الارتكان إلى نقطةٍ مركزيةٍ للانطلاق في الحكاية بل ظل سرده يُراوحُ بين تقنياتٍ مُتعددةٍ بالعودة إلى الماضي، والذهاب إلى المستقبل، بفن الرسالة ورُوح أدب الرحلة الرُّوحية والمكانية، والذهاب بعيدًا في استكناه المشاعر، والبحث وراءها، من أين أتت، وما بواعثُ هيجانها في موقفٍ معيَّن، أو وقتٍ ما، غير مُتخلٍّ عن المعرفيِّ المؤسِّس للروحي، أو الخالق له.

“حجاب الساحر” رواية الشفقة والأرق والتضامن الإنساني، والحفر لاكتشاف الذات، الإحساس بالمهانة، في الصراع مع الآخر، حياة كاملة من السعي إلى المعرفة والحُب والارتواء الجسدي غير المكتمل، الذي يغذِّى الصراع الدائم بين الاحتياج والزُّهد، وما يخلقه ذلك من آلام.

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم