أحزانك أحزاني ..
محمود عاطف
كانت أحزاننا عادية
وصغيرة
يمشي الواحد في الشوارع
مطوّحًا يديه في الهواء
لكنّها- فجأة- تعود أثقل مما كانت!
عندك مثلا ذلك الرجل الطيب "دولوز"
لم يقصد أن يسبق الحياة بخطوة
فمات منتحرًا
بجرعة زائدة من الفلسفة،
و"نيتشه" القريب من روحك
طيّب قلوبنا بميكانيزمات الشدّة
لكنّ ذلك السوبر مان بكى
أي والله ياخي بكى.
سيقول لك أحدهم:
يمكن للواحد أن يتخلّص من ذراعه
وليس أسوء من هذا المجاز المازوخي!
كيف يمكن للواحد أن يتخلص من ذراعه؟!
أولًا: نفّض ما على ذراعك جيّدًا
ثانيًا: املأ به دُرجًا، طابقًا، بيتًا
ثالثًا وأخيرًا: إذ يصير حزنك مشروع مدينة،
ابكِ على مداخلها
فأنت لم تعرف بعد
كيف تقوّض أساساتها بالكتب!
طُف في ممرّاتها المظلمة
وصاحب اللصوص والأوغاد
هم سيرشدونك لمراوغة الحزن
أما أصدقاؤك، فلا تبكِ إلّا لهم
وإيّاك أن تعطيهم خريطة مدينتك
فالدناءة تكمن في خطوط الطول والعرض.
هذه وصفة جرّبها كبار الفلاسفة
ثم جلسوا يبكون طويلًا
كأنهم خلقوا من ملح.
لنبكِ إذًا هذا الملح
ثمّ نسأل الهاوية
من الذي جعل العالم
مباراة رفع أثقال؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر مصري،
والقصيدة من ديوان "على حافة العالم" الحاصل على المركز الثاني في مسابقة أخبار الأدب 2016