يوجد بالداخل شرابات كولون بناتي

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

نهى محمود

يملؤني شعور غامض بأني سأكتب نصاً لا يجب عليّ كتابته .. ربما لأننا – أنا وكتابتي – نتحرك في طرقة ضيقة يمكن لكل منا أن تلمس بيدها مؤخرة الأخرى إذا درنا بحركة خفيفة أو أن تضع يدها على صدري بالطريقة ذاتها التي تضايقني وتؤذيني لأني لم اشاهدها تحدث في اي من قائمة الأفلام الرومانسية التي أحبها ، انا والكتابة نستحم معا ، وترتدي أي منا ملابس الأخرى بعد الوصول من الحمام لحجرة المكتب الخرافية ، انا وهي نرتدي ملابسنا على عجل في غرفة المكتب الخرافية لنبدأ العمل أو اللهو .

 

لنبدأ الخيانة كما يسميها رجل باهت في ذاكرتي ، الرجالي الذين يظهرون في الذاكرة على شكل شخبطات رمادية مشوشة لا يمكن ان نأمن جانب وجودهم .

لا شيء حقيقي يثبت انهم كانوا هناك سوي بعض الخيالات وكأس آخر جوار كأسي ذو أثر ملمع الشفاه على جانبه ، لا شيء ربما كدمة بائسة على حافة معصم اليد من الداخل نرتبك في سببها هل كانت قبلة رجل أم سن إبرة الممرضة وهي تسحب قطرات دماء تكفي لثلاث انابيب لأن طبيب التحاليل يطلب الكثير مثل مصاص دماء مبتدئ عليه ان يشرب الدم من انبوب الاختبار ، لان أنيابه لم تستعد بعد للغرس في الجسد .

لا يجب عليّ كتابة نص يتلامس مع جسدي في عشر مناطق على الأقل ، ويفتح للرقيب الذاتي الذي تسلل لروحي منذ فترة لأن ينظر لي نظرته المقيتة تلك ،ويسألني هل ما تكتبينه لك أم لبطلة خرافية .

أردد الآن بتلقائية كلمة بذيئة ، اوجهها في سري للرقيب ،اسمي عضو امه بلا حياء ، أسميه فقط واعتبر مثل تراثنا الشعبي كله أن تلك إهانة بالغة .

اترك كل ذلك ورائي وأكتب نصي ، وانا افكر في شهادة الكتابة التي كتبها احمد الفخراني منذ أيام وقال فيها ما معناه انه ترك مساحته الآمنة في الكتابة واتجه لمكان آخر بعيد عن التصفيق مكان يتسع لحبات الطماطم والبصاق .. لماذا لم اذهب لهناك واكتفيت طوال ست سنوات مرت على احترافي للكتابة باللعب في منطقتي الآمنة التي أحبها !

ربما فقط لأني أحبها – ربما- لكن ذلك ليس عذرا .

اكتب على صفحتي على الفيس بوك كلمة ” كل يوم ” واصمت كنت اريد ان اقول أني عدت أشاهد فيلم ” يو هاف جوت ميل ” ميج رايان وتوم هانكس كل يوم .

عدت لتلك العادة السيئة التي لازمتني عامين ، وأقلعت عنها بعد …..

لم أعود للمشاهدة مرة واحدة ، في البداية قاومت الأمر لأيام ، ظل يلح وانا اقاوم ويلح وأرفض ويلح وأهز رأسي علامة التأكيد على الرفض ، في اليوم الأخير للصمود شاهدت إعلان الفيلم على شاشة إحدى قنوات الأفلام اعتبرتها إشارة وعدت لعادتي السيئة تلك .

الامر يشبع العودة للتدخين بعد قرار الإقلاع ، او تناول طبق مكرونة اسباجتي بالصوص الأبيض والتحلية بأيس كريم زبادي توت بعد أيام من إتباع حمية أو النوم مع رجل لا تحبيه من باب تمرير الوقت وكسر الملل .

كنت أريد أن اكتب عن حلم يراودني ، أحلم أني بطلة جزء من افلام سو ، تلك الافلام الرديئة التي بها الكثير من بتر الأعضاء والدم والكلابشات الحديدية .

في الحقيقة لم احلم بذلك لكني شعرت أني أمر به في الواقع .. كنت صاحية تماما ليس حلما .

لكني أردت بعض الإثارة للنص الذي لم يبدأ بعد ..

إثارة تشبه المشي عشر شوارع للاتجاه لمحطة اتوبيس تعرفت عليها حديثا ، وقفت هناك لانتظار اتوبيس جديد أنا على علاقة غير جادة به ، اخون معه كل وسائل تنقلي السابقة .

في الطريق من الجريدة للمحطة البعيدة عن البيت والمقهى وكل شئ ، صادفت محلا جديدا قلت لنفسي سأجرب القهوة هناك يوما .. كنت امشي أعمق من كل المرات السابقة كنت اسمع وقع اقدامي على الارض ، كانت الشوارع اليوم بدون سبب شبه خاليه ، استقبلتها كأنها لي وحدي دببت على الأرض واستنشقت الخفة وبعض الحزن .

وقرأت لافتة مكتوب عليها “مطلوب آنسات للعمل، وأخري جوارها مكتوب عليها “يوجد بالداخل شرابات كولون بناتي“.

قرأتها ومضيت ثم رجعت خطوات للخلف لأتأكد من هجاء كلمة كولون ، تأكدت انها صحيحة .. انزعجت قليلا أن هوسي  بالعد انتقل لحروف الهجاء .

عندما وصلت للمحطة كان الميدان خاليا مفروشا بمخبوزات مقرمشة والكثير من عيدان العسلية الملونة الطويلة التي تشبه اعواد القصب ، توقف أتوبيس وردي يرتدي محصله بدلة بنفسجية ، ويبتسم سائقه لي ، أصعد للحافلة وافكر اني سأعيد كتابة النص لأحكي ما وددت في البدء قوله ولم أكتبه بعد

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار