سياحة في المغرب ورحلة الى المدن القديمة وطيبة الناس

سياحة في المغرب ورحلة الى المدن القديمة وطيبة الناس
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

بدل رفو

الحب والشوق والإحساس بالأمان والعودة للحياة البسيطة والطفولة وذكرياتها والفن وطيبة الإنسان التي نفتقدها في عصر العولمة، كانت الأسباب لسفري ورحلاتي المتكررة  الى بلاد المغرب العربي .. رحلتي الأخيرة كانت في خريف 2012 حيث التمتع بجمالية المغرب ومدنها القديمة وهدوئها حيث قلة السواح في هذا الموسم، حملت حقيبتي الظهرية لأطرق أبواب قرية صغيرة على البحر المتوسط (تارغة) للتمتع بهدوء البحر وناس القرية من الصيادين البسطاء وتحيتهم ومازالت القلعة شامخة وآثارها حيث كانت تصد الاستعمار الاسباني والبرتغالي، ولكنها عاجزة اليوم على أن تصد هجرة أبنائها الى المدن الكبيرة أو العمل في سفن صيد ضخمة تعود للأسبان، وغدت شبه مهجورة.

 

من هناك كان الطريق صوب (واد لو) وصادفنا السوق الذي يقام كل نهاية الأسبوع وفيه يقدم الباعة والفلاحين من المناطق الجبلية والقرى المجاورة لبيع بضائعهم من الخضروات والفواكه بالإضافة الى السجاد والصوف ويزدحم السوق بالناس وكذلك يعد الوجه الجميل لمنطقة الجبل في (واد لو) وأما النساء فتردين قبعات كبيرة كأنهن من أمريكا اللاتينية ومن هناك صوب مدينة شفشاون عبر الوادي والجبال الصخرية الحمراء والرومانسية التي لا حدود لها وفي الأفق الجميل ،نجتاز القرى الصغيرة وضحك الأطفال وعواء الكلاب التي تنتشر بكثافة على طول الطريق ناهيك عن الباعة وحاجات الخزف والتين وزيت الزيتون ،لغاية وصولنا الى مدينة احمل هواها وطيبة ناسها وأصدقاء لهم مكانة كبيرة في قلبي.. إنها مدينة (شفشاون)والتي يبلغ عدد نفوسها أكثر من 50 ألف نسمة حسب آخر الإحصائيات وتبعد 60 كيلومترا جنوبا من مدينة تطوان ، شيدت هذه المدينة القديمة التي تقع بين الأسوار كقلعة عسكرية ضد تقدم الأسبان صوب المغرب وكمكان آمن للمسلمين الهاربين ايضا من الأندلس وشيدها مولاي علي بن راشد والمدينة القديمة الساحرة اشبه بحكايات ألف ليلة وليلة ..مدينة رائعة من زرقة السماء تبهر الإنسان بشكل مذهل وإشكال منازلها بيضاء ناصعة وغطست مع اللون الأزرق وكان السماء حطت في هذه المدينة وموقعها رومانسي وتسميتها قدمت من  انظر الى القمم وفيها القصبة والعديد من المساجد التاريخية ومن ناحية الموسيقى فهي مشهورة بالحضرة الشاونية وفيها تعرفت على معظم أدبائها وفنانيها ومنهم (محمد حقون ،عبد المنعم ريان،المفضل الجيدي،محمد عسو،عزيز ريان، ومجموعة أخرى من الشباب )ايام وليال قضيتها في مخيم (ازيلاند) والعاملين فيه غمروني بحبهم .

انطلقنا من شفشاون صوب جبال الأطلس وهدفنا الرقود على هذه الجبال عدة أيام لما لها من شهرة وهواء نقي ،مررنا بمدينة أفران ،حيث تضم 31 إلف نسمة حسب احصائية 2004 وتقع على ارتفاع 1650 متر فوق مستوى سطح البحر وتبعد 63 كيلومترا جنوبا من فاس وبمشاهدة هذه المدينة ينتاب الإنسان شعوراً بانه قد غادر ارض المغرب والبعض يقول بان الفرنسيين شيدوا المدينة الحديثة وطابع البناء كله اوروبي من الطابوق الأحمر بعيدا عن الطابع الإسلامي الذي يستخدم في المدن المغربية القديمة.تعد مدينة افران مركزاً للسياحة الداخلية للمغاربة ومن أحب أماكن الاستجمام وجبال الاطلس الغلابة تدعو لقضاء صيف مريح وكذلك الى رياضة شتوية ،فالكثير من الزوار يأتون من مكناس ،فاس،الدار البيضاء،،الرباط لقضاء نهاية عطلة سعيدة وفي افران المدينة تستعد على قدم وساق لاستقبال السواح المغاربة وتكثر فيها الفنادق والمقاهي والمطاعم وأما السواح الأجانب فهم يبحثون عن أصالة المدن القديمة في مراكش وفاس وشفشاون ووليلي وبعد قضاء ليلتين في خيمتي على جبال الأطلس واذا بي أرى ليلا بان القردة قد التمت حول خيمتي ولكنها كانت لطيفة وهربت لمجرد رؤيتي وعلى جبال الأطلس كانت استراحة للانسجام مع النفس والروح بعيدا عن المدن والضوضاء والانفراد بالتمتع بالشروق والغروب وكتابة الشعر .

الطريق صوب مدينة (ازرو)لأبحث عن الصديق الشاعر والناقد (حسن العابدي) ليحدثني عن تاريخ الامازيغ كما وعدته ولكن الحظ لم يحالفني بان التقيه ،فهذه المدينة تعد المركز التجاري للامازيغ ومشهورة بتاريخها العريق وأزرو تعني بالامازيغية الصخرة ولهذا يواجهك قبل الدخول الى وسط المدينة جبل صخري وعليه تاج الملك .عدد سكان المدينة يبلغ 50 ألف نسمة حسب احصائية 2004 وتبعد 17 كيلومترا في الجنوب الغربي من مدينة افران .تعد مدينة ازرو للامازيغ من اهم الأسواق وأحبهم الى القلب وتشتهر بالصناعات اليدوية وفي جلسة مع السيد عبد المالك وقد كرمنا مشكورا وهو صاحب أهم محلات السجاد اليدوي ومن صناعة الامازيغ وتحدث لي عن انواع السجاد اليدوي وكيف يلتجئ عشاق السجاد من العالم الى هذه المدينة وحديثة وشوقه في السرد اقنعني بان اشتري سجادة عمرها يتجاوز 80 عاما من اجل أن اجلبها هدية لوالدتي في كوردستان من بلاد الامازيغ ووزنها 10 كيلوغرام.

تقع ازرو على ارتفاع 1250 متر مربع فوق مستوى سطح البحر ..لقد شيد مولاي اسماعيل القصبة في المدينة من اجل السيطرة على الامازيغ وخلال فترة الاستعمار شيد الفرنسيون المدينة الجديدة بعد الحرب العالمية الأولى  لقضاء عطلة الصيف فيها ولهذه المدينة مكانة كبيرة عند الامازيغ ..في مدينة ازرو حيث الجامع يقع في مركز المدينة وحوانيت متراصة لبيع السجاد والهدايا والصناعات اليدوية وبعدها تكثر المقاهي وانا ابحث عن الشاعر حسن العابدي ولكن اتضح لي بأنه ليس من رواد المقاهي ودعت ازرو وناسها الطيبين وجبال الاطلس والقردة وربما ارجع لها في المستقبل.كان الطريق صوب ارث الرومان وعروس المغرب وشمال افريقيا مدينة وليلي التي ابهرتني بما رايته من مدينة شيدت بقرون قبل الميلاد من قبل الرومان وازدهرت بعد ذلك ولكنها اليوم اثأر وأطلال للسواح والزوار والباحثين عن المدن القديمة .رحلتي الى المغرب زيارة لمدن كثيرة ومنها المدينة القديمة صفرو والتي شيدها اليهود على أسلوبهم وأزقتها الضيقة والأسوار التي تحيط بالمدينة والحياة البسيطة ويقول المؤرخون بان مدينة صفرو أقدم بكثير من مدينة فاس على ضوء كلام مولاي ادريس الثاني ومقولته المشهورة في صفرو بانه سيرحل مدينة صفرو الى قرية فاس  وكذلك مدينة وزان الجميلة  بالإضافة الى زيارة مدينة فاس وجامع القرويين والمدينة القديمة في فاس ذكرتني بطفولتي في أزقة الموصل القديمة ،مكناس وأسوارها الجميلة الشاهقة تمنح الانسان الامان من الغزوات في عصر العولمة ..الشاعر والناقد المغربي (ابراهيم قهوايجي) والذي استضافني لايام عديدة في سفرتي الماضية وبين لي مدى كرم الإنسان المغربي للضيوف ووقتها عرفني على عائلته ووالديه ومدينته الصغيرة سبع عيون و مجموعة من شعراء وأدباء المغرب وما زلت على اتصال مع بعضهم وقال كلمة  بعد زيارتي لهم قائلا:

صراحة تعرفت على الأدب والثقافة الكوردية عبر صديقي الأديب المتعدد بدل رفو المزوري سواء تعلق الأمر فيما كان يحكيه لي عن أعلام وأدباء كوردستان وفنانيها على الشبكة العنكبوتية، او ما كان ينشره من ترجمات للشعر الكوردي الذي يضج بالدهشة والجمال والإنسانية الباذخة، لدرجة أحسست، داخليا، أن الأدب الكوردي له وشائج وثقى مع الأدب العربي من خلال قضاياه وظواهره الفنية، وقد كرّمني صديقي الجميل بدل بأن وضعت تقديما لأحد دواوين بدرخان السندي الشعرية الذي قام هو بترجمته الى العربية، فازددت من خلال قراءة هذا العمل عشقا للأدب الكوردي، وكم كان سعادتي كبيرة عندما استقبلت بالمغرب صديقي بدل رفو ، وبرمجت له لقاءات شعرية في فعاليات ثقافية شارك فيها وتعرف على أدباء ومناطق مغربية تضرب بعمقها في التاريخ والحضارة المغربيتين، بل وتدبرت أمر دعوته ليكون ضيفا على إذاعة مكناس الجهوية حيث تحدث عن الثقافة والادب الكورديين وعن علاقته بالأدب والأدباء المغاربة واهتماماته بنشر الثقافة الكوردية والقيام برحلاته من اجل ذلك. وقد أسفرت لقاءاتنا عن مشاريع ثقافية نتبادل فيها الزيارات الثقافية والاحتكاك الثقافي والحضاري وبناء جسر المحبة الإنسانية، ونحن في انتظار ان تُفعل تلك المشاريع لنفسح المجال لدعوة اخوتنا من الأدباء الكورد قصد المشاركة معنا في الفعاليات الثقافية التي ننظمها بالمغرب.

رحلة الى مدن كثيرة في المغرب لغاية وصولنا الى الصحراء وبعد الانتهاء من الرحلة عدت الى شفشاون لأودع أصدقائي واتجه صوب الحدود المغربية الاسبانية لأودع المغرب وادخل الاراضي الاسبانية وبالسفينة أسافر من سبتة الى الجزيرة الخضراء ومنها الى مدينة ملكا الاسبانية والسفر منها صوب النمسا ..رحلاتي الى المغرب لها نكهة خاصة وفي الطريق وأنا أحدق في مضيق جبل طارق وأتذكر مقولته الخالدة وأما أنا قلتها الغربة أمامك ووراءك يا بدل رفو ليس لك سوى وطنك أن ترجع له ولكنه أدار ظهره لك وانتهت الرحلة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بدل رفو

شاعر ومترجم مقيم بالنمسا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصور بعدسة الكاتب

 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار